اخبار السودان

ما جرى في أديس.. بعيداً عن الشحن والعنتريات

ما جرى في أديس.. بعيداً عن العنتريات والشحن

عثمان فضل الله

عثمان فضل الله

بعيداً عن حالة الشحن..

والاستقطاب والاستقطاب المضاد إن ما جرى في أديس أبابا اليوم رغم انه كان متوقع، لكنه صادم بلا شك.. والأكثر صدمة التصريحات المنسوبة للرئيس الكيني وليم روتو ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي احمد والتي تحدثا فيها (بصفاقة) دبلوماسية إن جاز التعبير عن وجود فراغ في القيادة بالسودان بل ذهبا إلى الأكثر من ذلك بضرورة وجود قيادة جديدة تكون قادرة على التعامل مع الكارثة..

ولعل مثل هذه التصريحات تعد سابقة في العمل الدبلوماسي والعلاقات بين الدول وما الذي دفع رئيس الوزراء الإثيوبي إلى قول ما قال إذا أبعدنا الرئيس الكيني لعدم الموثوقية المعلن فيه من قبل الجيش السوداني.. إذا نظرنا إلى آبى فنجده قد ظل يتدثر خلال الفترة الماضية بثوب الحياد فما الذي دفعه إلى هذا الموقف المتشدد، للدرجة التي يصل فيها إلى الدعوة لضرورة فرض منطقة حظر طيران، هل يملك الرجل ذي التأثير الكبير في القارة الأفريقية معلومات عن أن رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان رهينة في أيدي الإسلاميين كما يشاع وسط شتات السودانيين وهل التصريحات التي أطلقها كانت رأياً شخصياً أم أنه نتاج عن مشاورات مع الأطراف التي كانت حاضرة اليوم في عاصمة بلاده.. هذه الأسئلة تحتاج لإجابات من السودانيين قبل التصرف بغضب كالذي أعمانا خلال الفترة الماضية وجعلنا اليوم نصل لمناقشة هل بلادنا (عندها رئيس ولا ما عندها).

من البديهي أن العالم اليوم لا يمكن من ناحية أخلاقية ولا أمنية أن يسمح لحرب عمياء لا تراعى فيها أدنى معايير الحقوق والمعايير الإنسانية أن تستمر وهو يتفرج خاصة وأن هناك تجارب شبيهة ظلت تمثل وصمة عار في تاريخ الإنسانية (رواندا، تشيكوسلوفاكيا، سوريا، ليبيا).

ولازال العالم يتوارى خجلاً مما جرى ويجري في المستمر منها وباتت لملمته  بالغة الصعوبة.. غير أن سرعة انقلاب الموقف العالمي إزاء ما يحدث في السودان من التأمين على ضرورة عدم التدخل في الأزمة واعتبارها شأناً سودانياً خالصاً يفضل فيه الحلول السودانية إلى دعوة إيساف إلى الاستعداد للدخول لا لإيصال المساعدات الإنسانية وإنما لحماية المدنيين مع عدم تحديد الرقعة الجغرافية التي ستعمل فيها تلك القوات المزمع إرسالها.

إذاً بعيداً عن حالة الاستقطاب هذه وجب على السودانيين التفكير ملياً في هل هذا ما نريده لبلادنا؟.. وماذا نحن فاعلون إزاء هذا التطور الذي لا يمكن أبداً التقليل منه بغياب بعض الرؤساء عن الاجتماع لأن جميعهم لهم ممثلين عدا إريتريا ووافق ممثلوهم على القرارات تلك إلى جانب المساندة العالمية الواضحة إذ مثلت الولايات المتحدة وبريطانيا والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والاتحاد الأوروبي وجمهورية مصر العربية والأمم المتحدة في الاجتماع بدرجات متفاوتة..

مردف إلى ذلك تصريحات المتحدث باسم البيت الأبيض الأمريكي التي أدلى بها قبل قليل بأنه إلى جانب (إيساف) وضعت (أفريكوم) في حال استعداد  للنظر للتدخل في السودان، من كل ذلك نجد أن التدخل الدولي بات خياراً مطروحاً علناً على الطاولة الدولية، وللأسف تحت “أمبريلا” حماية المدنيين وتلقائياً ذلك يعني اعتبار القوات المسلحة السودانية غير مؤهلة لحماية مواطنيها، بل بعبارة أكثر قسوة هي حماية السودانيين من جيشهم، ويالها من مأساة.

ألم يحن أوان أن يعي وهنا أخاطب قيادة الجيش لأن المليشيا عندي ليست مؤاخذة فهي صاحبة ملف بالغ السوء في التنكيل بالسودانيين لذا نتحدث لقادة الجيش بضرورة الانتباه للذي ستؤول إليه البلاد حال الإصرار على التحالف القائم بينها والإسلاميين الذين أدخلوها إلى جحر الضب هذا بعد قيادتهم البلاد إلى التصادم مع جميع المؤسسات الدولية والإقليمية..

كان بائناً حتى للمراقب البليد ناهيك عن الحصيف أن مواقف وزارة الخارجية المتطرفة كانت ستؤدي بالعالم إلى التشدد تجاه السودان وجيشه باعتبارهم يمثلون قوى إسلامية لم يعد مرغوباً فيها لا سودانياً ولا إقليمياً ولا دولياً.

الواضح حتى الآن أن العالم يعترف فقط بالجيش ولا يمانع من مشاركته في التفاكر حول المستقبل القريب والبعيد للبلاد ولكن أيضاً هذا لن يستمر طويلاً في ظل هذا التعنت الإسلاموي الذي شعاره يا نحن أو الطوفان.

وبس

* من صفحة الكاتب على (فيسبوك)

10 يوليو 2023م

المصدر: صحيفة التغيير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *