اخبار السودان

مرضى الكلى بالخرطوم.. معاناة مستمرة في ظل تواصل الحرب

 

خفف وجود المتطوعين ولجان المقاومة بالعاصمة نسبيا من معاناة المرضى وشكل وجودهم طوق نجاة للكثيرين حيث ساهموا في توفير المعينات

تقرير: التغيير

توفيت الحاجة فاطمة بامتداد الدرجة الثالثة في الخرطوم بعدما فشل أهلها في إيجاد مركز غسيل للكلى، وتدهورت حالة يعقوب بعد أن أعياه السكري والكلى فبترت رجله في رحلة نزوحه من أمدرمان لمدينة ود مدني والقضارف بحثا عن مركز لغسيل الكلى.

خفف وجود المتطوعين ولجان المقاومة بالعاصمة نسبيا من معاناة المرضى، وشكل وجودهم طوق نجاة للكثيرين حيث ساهموا من خلال المبادرات في توفير بعض المعينات للمرضى في ظل صعوبة إرسال المعينات الحكومية.

إحصائيات

بحسب إحصائيات سابقة لوزارة الصحة السودانية العام الماضي فإن عدد مراكز الكلى والوحدات المتخصصة بالمستشفيات التي كانت تعمل بعد ثلاثة أشهر من الحرب تقدر بـ(23)  من مجموع 105 مركز بالبلاد علما بأن عدد المرضى في السودان يبلغ  8 آلاف مريض.

غير أن مصادر أوضحت لـ «التغيير» بأن العدد المذكور للمراكز العاملة تراجع كثيرا بتوقف معظم مراكز بحري والخرطوم ما عدا بشائر والتركي بالكلاكلة وجبل أولياء، فيما تضم مدينة أمدرمان العدد الأكبر من المراكز العاملة في العاصمة الخرطوم.

مشاكل

اعتماد شقيقة المرحومة فاطمة لخصت معاناتهم في كلمات بسيطة قائلة: شقيقتي أصيبت بمشاكل الكلى منذ خمس سنوات، وكانت قبل الحرب تجري عمليات الغسيل بالمستشفى الأكاديمي بالتمتداد وأحيانا في بعض المراكز الخاصة بالخرطوم.

وأشارت اعتماد في حديثها لـ «التغيير» لتوقف كافة المراكز بعد الحرب قائلة: بدأنا رحلة البحث عن مركز للغسيل، وعلمنا أن وحدة بشائر مايو تعمل. وصلنا إلى هنالك بعد معاناة ومخاطر كبيرة ووجدنا مجموعة كبيرة من المرضى ينتظرون دورهم في العلاج.

وقالت: تيقنا من صعوبة الموقف لكثرة المرضى مقابل عدد قليل من الماكينات والمعينات لذلك قررنا السفر لمدينة ربك بالنيل الأبيض لكن توفيت شقيقتي قبل السفر.

فشل

ولم يكن حظ محمد أحمد سعيد أفضل حالا من حاجة فاطمة حيث فشل في الحصول علة ثلاث غسلات بمركز بشائر بمايو. ويقول ابنه عثمان لـ «التغيير»: والدي حالته الصحية متدهورة ويحتاج لثلاث غسلات في الأسبوع بحسب الأطباء لكن في ظل الحرب  تقلصت لغسلتين ثم غسلة واحدة .

وأضاف: وجدنا منزل بالقرب من مستشفى بشائر في مايو ولكن تعثر العلاج. والآن العلاج توقف أو شبه متوقف فأحيانا نجده ومعظم الاحيان نعود دون غسيل بسبب نقص المعينات والمياه والكهرباء.

تدهور

فضلت (ن ، أ) متطوعة بمركز التضامن بالجزيرة اسلانج بأمدرمان حجب اسمهما خوفا من طردها من المركز أو التأثير على بقية زملائها لجهة أن المركز يقع ضمن المناطق التي يسيطر عليها الجيش حيث لا يسمح بنشر أي حديث حولها أو حول المستشفيات.

تقول (ن) لـ «التغيير» المركز به (70) مريضا يتلقون علاج الغسل بشكل دائم. كان بالمركز (9) ماكينات فقط عاملة لكنها دائما ما تتعرض لاعطال كثيرة جدا ولا توجد اسبيرات لدينا عدد اثنين ماكينات معطلة الآن ليصبح عدد الماكينات (7)  فقط.

وأضافت: قبل الحرب لم نكن نعاني كبقية المراكز في مستلزمات الغسيل مثلا البدرة والسيور هذه توفرها وزارة الصحة فقط.

نقص

وتواصل (ن) حديثها: عانينا لأشهر من نقص الدربات، الصلاين والدي فايف، والبلاستر والشاش بجانب القطن والايو تي، وكذلك الهبرين وحقن الليبركس المحفزة لإنتاج الدم، والأخيرة مهمة جدا فأحيانا يحدث يتوقف دم المرضى عقب الغسيل لذلك تتم الاستعانة بهذه الحقن. ونشتري كمتطوعين من أموال التبرعات للخيرين حتي القلفزات والفايتمينات الفولك أسيت الفيتافيرول وحبوب الضغط.

هاجس

وبحسب (ن) تشكل حقن الليبركس أكبر هاجس لهم كمتطوعين وللمرضى لارتفاع أسعارها وانعدامها سعر الحقنة الواحدة (15) الف جنيه. علما بأن المريض يحتاج لعدد اثنين حقنة في الاسبوع بعد كل غسلة، وبالطبع المرضي لا يستطيعون شراء هذه الحقنة التي يتسبب عدم استخدامها في نقص الدم لـ(30%_40%) في معظم الحالات ومن خلال ملاحظتي أن 50% من هؤلا يتلقون دما من متبرعين.

فقر

وقالت (ن): أيضا هنالك نقص وشح في المستهلكات مما يضطر المرضى لشرائها من الخارج، سعر الدربات ألفين جنيه والهبرين الحبة الواحدة بثلاثة آلاف جنيه والبلاستر ألفين جنيه حتى الحقن يتم شراؤها، واحيانا تنعدم المحاليل كالستريك والاسيد فيشتري المريض كل هذه الاحتياجات من الخارج.

وتقول: بحسب وجودي في المركز أستطيع أن أجزم أن (99%) من المرضى لا يملكون حتى حق الطعام ناهيك عن العلاج، هؤلاء يدفعون الثمن من صحتهم واحيانا يفقدون حياتهم.

ابتزاز

وأكدت (ن) أن قوات الدعم السريع تقوم ببيع بعض المستلزمات للمرضى في المناطق التي تقع تحت سيطرتها، (كالاسيد) بسعر  بـ(40) الف جنيه لما يكفي غسلة واحدة.

وفيات

وتشير (ن) إلى أن الحرب تسببت في  تقليص عدد الغسلات للمرضى من اثنين إلى واحدة مما أثر سلبا على صحة المرضى بزيادة السموم في الجسم مؤكدة حدوث العديد من الوفيات بسب هذا الأمر.

وأوضحت أن  بعض المرضى يتحصلون علي المستلزمات بطرق خاصة وتقوم إدارة المركز بالغسيل.

مآسي المرضى

تقول هنالك بعض المرضى نزحوا بسبب انعدام المستلزمات والمعاناة في الغسيل وبعضهم توفي في الطريق كعم يعقوب الذي نزح إلى مدني قبل دخول الدعم السريع للمدينة حتي يستطيع أن يكمل ثلاث غسلات بدل اثنتين وبعد دخول قوات الدعم السريع إلى هنالك اضطر للنزوح مرة أخرى لكسلا ثم القضارف ومنها لعطبرة وهناك تدهورت حالته الصحية، لأنه مصاب بالسكري فاضطر الأطباء لبتر رجله من فوق مفصل الركبة.

انفراج مؤقت

وتختم (ن) إفاداتها مؤكدة حدوث انفراج تصفه بالمؤقت قائلة: الوضع الآن نوعا ما تحسن لكن تأثير الاشهر الماضية كبير على المرضى.

وتضيف: مؤخرا حصلنا على مستلزمات غسلتين لكن لا زلنا نعاني من عدم توفر المستهلكات وقمنا بمبادرة لتوفير هذه الاحتياجات وبالفعل نجحت وأصبح المرضى يعتمدون عليها بصورة كبيرة.

وقالت: الاسطاف العامل في المركز لم يصرف مرتبات منذ بدء الحرب لكنهم يؤدون واجبهم بكل تفان وإخلاص.

كارثة

من جانبها كشفت غرفة طوارئ شرق النيل عن وفاة ستة من مرضى الفشل الكلوي بسبب انعدام المياه والكهرباء بالمحلية.

ووصفت الغرفة استمرار انقطاع التيار الكهربائي، المياه، بالكارثة الحقيقية التي تحتاج إلى تدخل عاجل، حيث أن عدم توفر المياه فاقم المعاناة وتسبب في أزمات حادة في جميع مناحي الحياة البشرية خاصة لمرضى الكلى.

أعطال

وأكدت غرفة الطورائ أن عدم توفر المياه وارتفاع سعر الوقود عطل العمل بالمراكز ولم تتمكن الجهات الصحية والطبية من تشغيل المراكز وتوفير علاج غسيل الكلى للمرضى بفعالية حيث تم تقليل الجلسات وتوقفت عمليات غسيل الكلى الضرورية في الأيام الماضية، مما تسبب في وفاة ستة مرضى منذ بداية الأزمة حتى الآن في مركز غسيل الكلى بمستشفى البان جديد.

وأوضحت لجنة الطوارئ أن المئات من مرضى الفشل الكلوي في المنطقة والمناطق المجاورة يواجهون نفس المخاطر، مشيرين إلى أن الغرفة تعمل جاهدة للحد من هذه المخاطر.

نداء

واطلقت غرفة الطوارئ نداء لجميع المنظمات الوطنية والدولية وكل المانحين للمساهمة في شراء الوقود لتشغيل محطات ضخ المياه وتوفير ألواح شمسية لمساعدة مستشفيات مولدات الكهرباء والمراكز الصحية.

انقطاع المياه

وتعاني مناطق جنوب الخرطوم من انقطاع للمياه والكهرباء مما أثر على كافة الخدمات خاصة الصحية.

تكاليف

ووصف عضو غرفة طوارئ جنوب الحزام محمد إبراهيم أزمة انقطاع المياه بالكارثية على مرضى الكلى.

وكشف إبراهيم لـ «التغيير» عن ارتفاع تكلفة غسيل الكلى إلى 15 ألف جنيه للغسلة الواحدة مشيرا إلى أن الغسيل اصلا مجان لكن مع ظروف الحرب ارتفعت التكلفة في ظل شح المعينات، لافتا إلى أن مركز بشائر هو المركز الوحيد الذي يخدم مناطق جنوب شرق العاصمة.

تكلفة المياه

وأوضح إبراهيم ان المرضى وذويهم يتحملون فوق طاقتهم حيث اجبرتهم ظروف انقطاع المياه لتحمل تكاليف نقل المياه إلى المركز بالدفار، بواقع (80) ألفاً في اليوم يتقاسمها أصحاب الجلسات، ومن المتوقع أن تزيد تكاليف الغسيل لتتخطى حاجز الـ100 ألف مع استمرار انقطاع المياه وزيادة أسعار الجاز لنقل المياه.

قائلا: في ظل هذه الظروف الاقتصادية المعقدة تصبح جلسة الغسيل لمرضى الكلى حلماً صعب المنال.

مناشدة

وناشدت غرفة طوارئ جنوب الحزام جميع المواطنين والمنظمات الإنسانية المحلية والدولية لدعم مركز غسيل الكلى لتخفيف وطأة الكارثة عن كاهل المرضى.

منصة إلكترونية

وزير الصحة الاتحادي المكلف الدكتور هيثم محمد إبراهيم أكد خلال لقاء مع مدير المركز القومى لأمراض وجراحة الكلى نزار زلفو توفير كمية كبيرة من مستلزمات وأدوية المرضي بالمستشفيات والمراكز العاملة بما فيها الواقعة تحت سيطرة الدعم السريع .

وكشف اللقاء عن منصة الكترونية للتواصل مع المرضى والمراكز لمعرفة إحتياجاتهم.

 

المصدر: صحيفة التغيير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *