اخبار السودان

في الصراع حول “المقاومة الشعبية” من ينتصر علي الاخر: كباشي أم الناظر ترك؟!!  

من نعم الله سبحانه وتعالي، إنه خص السودانيين دون باقي شعوب الأرض بخاصية عدم كتم الاسرار في دواخلهم، وأن السودانيين لا يحبذون الإحتفاظ باي أسرار مها كان نوعها في داخل صدورهم ولا يبقونها طويلا، ولا يهدأ لهم بال الا أذا اخرجوها سريعا مثلما تخرج من عندهم الانفاس او قضاء الحاجة، هذه الخاصية النادرة يندر أن يجدها المرء في أي مكان أخر علي ظهر الأرض.

ومما قيل حول هذه الخاصية الفريدة، أن (٨٠%) من المحاولات الانقلابية التي فشلت كان سببها خروج التفاصيل السرية للمحاولات الانقلابية قبل وقوعها ووصولها الي الاستخبارات العسكرية التي سارعت باحباط المحاولات، وفي الصدد ارجع بذاكرة القراء الي محاولة انقلاب الضباط الـ(٢٨) التي وقعت في يوم ٢٣/ أبريل ٢٨ رمضان عام ١٩٩٠، التي منيت بالفشل الذريع نتيجة إفشائها من قبل احد الجنود الذي كان واحد من المخططين لقيامها، وقام بنقل كل المعلومات بتفاصيلها الدقيقة الي جهات عليا في القيادة العامة  بالخرطوم والتي بادرت علي الفور وأنهت المحاولة سريعا في أقل من (١١) ساعة، وتم اعدام الضباط الانقلابين بصورة دامية اليمة لدرجة أن بعض الذين تم الحكم عليهم بالرصاص كانوا ما زالوا أحياء بعد اطلاق الرصاص عليهم ورغم ذلك تم دفنهم أحياء مع بقية الضباط الموتى في منطقة جبل المرخيات بامدرمان.

افشاء الاسرار عند السودانيين لا يتوقف فقط  علي الجانب العسكري وانما ايضا شمل الجوانب السياسية والاقتصادية بل وحتى الاجتماعية والفنية، واشهر واقعة إفشاء عندما غنى الراحل/ الكابلي الأغنية الشهيرة “حبيبة عمري تفشى الخبر”، كان في البداية سرا ولكنه سرعان ما خرج للعلن وتفشي سريعا بدرجة مهولة وعم القري والحضر!!

في يوم السبت٣٠/ مارس الماضي ٢٠٢٤، أدلي نائب القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول / كباشي بتصريح قال فيه علانية ونشر بالصحف السودانية والاجنبية أنه لابد من ضبط المقاومة الشعبية حتى لا تتحول إلى خطر قادم أمام الدولة، وحذر من معسكرات المقاومة الشعبية سياسيًا، موجهًا بضبط توزيع السلاح ومنع من يحملون اللافتات السياسية من دخول المعسكرات. وقال كباشي لدى مخاطبته تخريج دفعة من قوات حركة مناوي في القضارف، إن “المقاومة الشعبية ليست بازار سياسي وكل من يحمل شعار أو لافتة سياسية يجب ألا يدخل المعسكرات، ولن نسمح برفع اي راية بخلاف راية القوات المسلح”. وأضاف أنه “إذا لم نقم بضبط المقاومة الشعبية فإنها ستكون الخطر القادم”، وزاد “نعمل الآن على قانون لضبطها وهيكلتها، وإي تسليح يتم لها لابد أن يكون تحت إشراف القوات المسلحة من داخل معسكراتها.”.

في يوم الأحد/ ٣١/ مارس الماضي (أي بعد يوم واحد من تصريح كباشي)، وقعت مفاجأة لم يكن يتوقعها كباشي وهزته هزة شديدة ، فقد جاء خبر نشر في صحيفة “الراكوبة”  وأفاد، أنه في مدينة بورتسودان أجيز تشكيل المجلس الأعلى للمقاومة الشعبية، وتم اختيار الناظر، محمد الأمين تِرِك، رئيساً للمجلس الأعلى للمقاومة الشعبية، ونائبه الفريق، خضر المبارك علي، من القضارف، ودكتور فرح إبراهيم عقار، المقرر للمقاومة الشعبية، فيما تم بالإجماع اختيار، أزهري المبارك محمد، رئيس المقاومة الشعبية. وانعقد أمس المؤتمر التأسيسي للمقاومة الشعبية بقاعة السلام بأمانة حكومة ولاية البحر الأحمر، وتعهد الفريق خضر المبارك علي نائب الأمين العام للمقاومة بأن تكون المقاومة سنداً ودعماً وحائطاً منيعاً للقوات المسلحة للتصدي ودحر العدوان الآثم عن البلاد خاصة الولايات التي ظلت ملتهبة بالحرب. وقطع خضر بأنهم لا يسعون لمناصب وإنما جاءوا طواعية واختياراً، نافياً إقصاء أحد سياسياً او شعبياً، وقال: “المقاومة تسع الجميع ولا حجر على احد باعتبار ان المقاومة حق لكل مواطن لأداء دوره في حماية الأرض والعرض”، مشيراً لوجود أجسام كثيرة في الساحة أصبحت تطرق الباب للرئاسة والقيادة.

انتهي الخبر، ولكن لم تنتهي بعد حدة المواجهة التي اندلعت ما بين الفريق أول/ كباشي ومحمد تِرِك، رئيس للمجلس الأعلى للمقاومة الشعبية، اي ما بين جنرالين أحدهما بحق وحقيق جنرال (عسكري) والاخر جنرال (مدني)!!، الأول عنده جيش يقال أن  قوامه (١٠٠) ألف جندي، والاخر المدني عنده مليشيا لا أحد ولا حتي ترك يعرف كم عدد المنضوين تحت لوائه؟!!

في البداية كانت قبل ستة شهور مضت كانت هناك حرب خفية محجوبة عن العيون ما بين كباشي وترك، حاول خلالها كباشي اثناء ترك عن فكرة تشكيل فرق للمقامة الشعبية وأكد له أن السودان ملئ بالحركات المسلحة التي يجب الغائها لا العمل علي زيادتها وأن سبب بلاء السودان يكمن في فوضى هذه المنظمات والمليشيات المسلحة، وأن فوضى التسليح قد يحيل البلاد الي وضع يشابه نفس الحال المزري في السودان الجنوبي واليمن  وليبيا.

رفض ترك رفضا باتا الاصغاء الي نصيحة كباشي، وأصر علي المضي قدما في تكوين فرق للمقاومة الشعبية في كل الولايات والمدن الصغيرة والكبيرة، وتسليحها تسليح عالي المستوى باحدث انواع الأسلحة المودرن لمواجهة قوات الدعم التي عندها ايضا اسلحة مودرن والعمل بالمثل المعروف “لا يفل الحديد الا الحديد”.. كل هذا كان يتم في سرية تامة واتفقا  كباشي وترك علي سرية ما بينهما والا يخرج ما دار بينهما للعلن.

شعر كباشي أن هناك تقارب قوي ما بين الجنرال/ البرهان والجنرال (المدني) ترك، وأن البرهان رحب ترحيب شديدي يفكرة ترك تكوين فرق للمقاومة الشعبية، وأن البرهان أبدي استعداده التام بمد فرق المقاومة باسلحة حديثة وقد يكون من بينها المسيرات التي وصلت من تركيا وإيران ، عندها لم يكن امام كباشي الا أن يلفت نظر البرهان الي خطر تسليح فرق المقاومة ، وانتهز فرصة تخريج دفعة من قوات حركة مناوي في القضارف، وراح عبر مخاطبته لتخريج الدفعة الجديدة بالتحذير من خطر البلوي القادمة واسمها فرق المقاومة الشعبية!!

كشف كباشي ما كان مخفي ودسوس عن الشعب، أن هناك ردود فعل متضاربة صدرت من ضباط داخل القوات المسلحة بخصوص فرق المقاومة الشعبية، في البرهان يؤيد استمرار الحرب بالجيش والمستغفرين وكتائب الظل وتنظيم “براء بن مالك” وبالضبط القدامى في المعاش، وغالبية الضباط تبرموا تبرم شديد من وجود أجسام غريبة داخل القوات المسلحة تحارب معهم  بدأت في سحب البساط من تحت انجازاتهم!!، وأن الرائد/ المصباح أبو زيد قائد تنظيم “براء بن مالك” اصبح يتمتع بحظوة البرهان وامتيازات أكبر مما عند ضابط كبير في الجيش!!، بعض الضابط سخروا من تصرفات البرهان وقالوا في تهكم شديد:(البرهان عزل حميدتي من كل سلطاته واعطاها لمصباح!!.).

اتصلت بصديق صحفي يقيم في بورتسودان وطلبت منه أن يمدني بمعلومات جديدة عن الحال في بورتسودان، وأن يوافيني بالمستخبئ والمستور، وضحك وقال:
“منذ متى كان في السودان فيه شيء مستور ومدسوس عن الشعب؟!!”، لا يوجد علي الاطلاق شيء مخبأة في المدينة ، كل اسرارمجلس السيادة والحكومة والقوات المسلحة والاستخبارات العسكرية وجيش ترك وتحركات جماعة كرتي والفلول معروفة بتفاصيلها ومشرورة في الشارع، بل حتي سبب التغييرات الأخيرة في الحكومة معروفة رغم أن البرهان لم يعلن عن اسبابها!!!”.

تابع الصحفي حديثه “يا أخي بورتسودان بقت زي لحمة الرأس فيها كل الغرائب والعجائب، وأجانب الله وحد يعرف من أين جاءوا…عندنا كمان في قلب بورتسودان مكتب تابع لفضائية اسرائيلية اسمها :(قناة (I24) الإسرائيلية.)!!”.

قال الصحفي في ختام كلامه: ” هناك بوادر خلافات ظهرت بين كباشي وياسر العطا بسبب تصريحات العطا الكثيرة والذي يقود المعارك.. وبين كباشي رئيس لجنة الوفد الحكومي في اجتماعات المنامة، كباشي ممسك للعصا من منتصفها ولا احد يفهم لغز تحركاته وتصريحاته!!

المصدر: صحيفة الراكوبة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *