اخبار المغرب

وفرة المنتجات في الأسواق تعيق طيّ “صفحة الدلاح” بإقليم طاطا

لم يكن فلاحو إقليم طاطا يتوقعون أن ينتهي موسمهم الفلاحي الأول في الزراعات الجديدة “صفريا” كما يقولون، حيث كانوا قد تأهبوا خلال بداية الموسم الجاري من أجل طيّ “صفحة الدلاح” والتأسيس لفلاحة محلية متنوعة ومتماشية مع المناخ بالمنطقة واحتياجات الساكنة المحلية.

وجاء إقبال فلاحي المنطقة هذه السنة على زراعة منتجات فلاحية جديدة، بما فيها الطماطم والبصل والبطاطس، امتثالا منهم للقرار العاملي الصادر منذ حوالي سنتين والرامي إلى منع الزراعات المستنزفة للمياه بالإقليم؛ بما فيها زراعة البطيخ الأحمر التي تشتهر بها المنطقة عموما منذ سنوات.

وحاول المنتجون الفلاحيون بالمنطقة البحث عن سلاسل إنتاج جديدة يستثمرون فيها خبراتهم ومهاراتهم الفلاحية؛ غير أن إنتاجهم لهذه السنة تزامن مع وفرة في العرض، خصوصا في الطماطم والبصل، وبالموازاة مع مشكل الجمركة بموريتانيا التي أدت إلى إغراق السوق الوطنية بالمنتجات، حيث كانوا السنة الماضية قد خاضوا “فترة استراحة” انتظارا لأي جديد بخصوص القرار العاملي.

وفي هذا الصدد، قال محمد بوليلى، فلاح نائب رئيس الجمعية الفلاحية بطاطا، إن “الانتقال من زراعة البطيخ الأحمر إلى زراعة الطماطم والمنتجات الأخرى هو انتقال من مرحلة الرواج إلى مرحلة الكساد، حيث حاول الفلاحون بالمنطقة احترام القانون العاملي الخاص بمنع زراعة البطيخ من خلال المرور إلى زراعات أخرى تتلاءم مع مناخ المنطقة ومواردها المائية”.

وأوضح بوليلى، في تصريح لهسبريس، أن “المنتجين بالمنطقة اضطروا إلى زراعة البصل والطماطم في الغالب؛ غير أنهم اصطدموا بالوفرة التي ميزت سوق الخضر هذه السنة، موازاة مع توقف الصادرات تجاه موريتانيا ودول جنوب الصحراء؛ الأمر الذي خفض من منسوب الطلب على الخضراوات وبالتالي تراجُع أثمنة البيع”.

ولفت المتحدث إلى أنه “تم التأكد من أن الطماطم تستهلك المياه أكثر من أن البطيخ، حيث إن البئر التي كانت تكفي لسقي 20 هكتارا من هذا الأخير باتت تكفي فقط لسقي 5 هكتارات من الطماطم؛ وبالتالي تم دحض الفرضية التي تؤمن بها العامة”، لافتا إلى أن “الفلاحين كانوا يراهنون على تجديد سلاسل الإنتاج بالمنطقة والانتقال إلى جيل جديد يواكب الوضعية الحالية”.

وبيّن المنتج بمنطقة أقا أن “صعوبات التسويق أثرت بشكل كبير على مردودية الفلاحين، حيث إن تكاليف الشحن والتعبئة والنقل إلى سوق الجملة بإنزكان كان يكلف غاليا، في الوقت الذي لم تكن أسعار البيع قد انتعشت بعد”، داعيا إلى إعادة النظر في قرار منع زراعة “الدلاح” ومحاولة تقنينه وعقلنته لكون المنطقة لا تستحمل زراعة منتجات فلاحية أخرى”.

المعطيات نفسها أكدها عمر العروسي، فلاح بجماعة “توزونين” بإقليم طاطا، الذي أوضح أنه “جرى الانفتاح على أصناف جديدة من الإنتاج، بما فيها البصل والطماطم، بشكل أساسي إلى جانب بعض الأصناف الأخرى، تفاعلا مع القرار العاملي القاضي بإيقاف زراعة “الدلاح” بدعوى استهلاكه للمياه”.

واعتبر العروسي، في تصريح لهسبريس، أن “البطيخ الأحمر كان ذا مردودية مالية مهمة تُمكن من سداد مختلف التكاليف واقتناء المواد الأولية اللازمة لاستكمال مسلسل الإنتاج، مع الاحتفاظ بهامش ربح محترم”، موردا أن “إنتاج هذه السنة التي تعد الأولى تزامن مع وفرة المنتجات من الخضر على مستوى الأسواق”.

وأوضح المتحدث ذاته أن “الديون تراكمت على الفلاحين بعد أن باتوا يدفعون من أجل نقل منتجاتهم إلى الأسواق الوطنية للخضر بالجملة، بما فيها إنزكان، على الرغم من أن ثمن البيع لم يكن كافيا لسداد مجمل التكاليف”، موضحا أن “الفلاحين، لا قدر الله، خلال السنة المقبلة لن يغامروا بزراعة هذه المنتجات التي تظل جديدة على الضيعات بالمنطقة التي كانت تعرف فقط زراعة البطيخ الأحمر”.

بالمقابل، أفاد محمد الهلالي، فاعل جمعوي بالمنطقة بإقليم طاطا، بأن “الزراعات البديلة التي انتشرت بالمنطقة مباشرة بعد وقف زراعة البطيخ تبقى مهمة باعتبارها ساهمت في تنويع الفلاحة بالمنطقة وتوفير كميات مهمة من الخضراوات للسوق الداخلية”.

الهلالي، الذي تحدث لهسبريس، لفت إلى أن “هذه الزراعات الجديدة والمتنوعة كانت بمثابة مطالب سابقة جرى رفعها في هذا الصدد من أجل تنويع الفلاحة بالإقليم”، موضحا أن “القرار العاملي قبل سنتين جاء من أجل وضع حد لمختلف الزراعات المستنزفة للمياه، على الرغم من أن الفلاحين لهم رأيهم الخاص”.

المصدر: هسبريس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *