اخبار

السعودية والإفلات من فخ التطبيع.. وضغط أمريكي ذهب أدراج الرياح..

نجحت السعودية في تحديد مفهوم المسار السياسي مع الاحتلال الاسرائيلي ، وأفلتت مؤخرا من الوقوع في فخ التطبيع مع الاحتلال  ، وتجاوزت السعودية بإختصار وإقتدار الضغط الأمريكي الهادف إلى التطبيع .

نلاحظ بوضوح  ، إتجاه مفهوم “السلام” مع كيان محتل مدعوم من منظومة دولية تقودها أمريكا ، وكيان يمارس العنجهية السياسية بأسلوب سمج ، ولغة عسكرية تشرق وتغرب دون أي رادع حقيقي سواء على الصعيد العربي او الغربي .

السعودية ، التي وجدت نفسها أمام مسؤولية عامة ، تحاكي الواقع العربي بشقيه من اختار طريق “السلام ” (مصر ،الأردن والسلطة الفلسطينية) والشق الآخر الذي راح بإتجاه التطبيع الرسمي مع الكيان دون أدنى صفقة سياسية ، بمعنى تطبيع مجاني غير مرغمين عليه شعبيا داخليا على الاقل ، في حين اختارت الدول المعنية(مصر ،الأردن والسلطة الفلسطينية ) مسار “السلام” الذي لم يفلح طيلة السنوات الفائتة بتحريك التطبيع الشعبي مع الاحتلال لو قيد انملة ،بل على العكس اتسعت فجوة العداء الشعبي ، في وقت كان فيه التطبيع الرسمي يمر بحالة يتم وبؤس عبر مراحل ثلاثية “السلام” (ديفيد ،عربة وأسلو) وما تشهده الساحة السياسية سواء في مصر أو الأردن أو السلطة الفلسطينية وبين الاحتلال،  يعبر عن وجود اختلال في العلاقة مع الاحتلال.
المملكة العربية السعودية ،تنبهت لهذا الأمر ، واتخذت مسار مارست فيه القرار السياسي السيادي بعيدا عن “همبكات” الإدارة الأميركية، وما مارسته من ضغط على العربية السعودية بقصد تحريك التطبيع(السعودي – الاسرائيلي) ، وتنبهت السعودية  اكثر من غيرها ممن سارعوا ووقعوا في فخ التطبيع “المجاني” مع الكيان الذي يعتبر اي إعلان اعلامي عن التطبيع هو نصر مؤزر، وانه منجز يضاف إلى سجلات احتلال يسعى إلى شرعنة احتلالة عبر أدوات ضغط تلعب أميركا الدور الرئيسي فيه وعرابه الأول.
كنا وما زلنا ، نعاني من أسئلة الشك ، ويبدو ان ذهنية العربي أينما وجد قد سكنت بالشك ، لاعتبارات تبدو منطقية بعد أن وصل الشارع العربي إلى مسارب مغلقة وغير نافذة للوصول إلى الاجوبة، مما زاد من الظاهرة الناقدة والناقلة لأي مشروع عربي قد يتحدث عن “الندية”..ولا اقصد هنا الندية العسكرية ،بل الندية في المحفل الدولي السياسي ،
والديبلوماسي ، وخصوصا في ظل الحديث عن منابر الديمقراطية العالمية .
للملكة السعودية ،الحق في المناورة ،ولها الحق أيضا في اجتراح الطرق والاساليب والمسارات التي من خلالها تبني مواقفها السياسية السيادية ، وتضع العلاقة مع الاحتلال على طاولة المفاوضات ،وضمن شروط سعودية عربية وليس شروط إسرائيلية ، تضمن تحصيل اكبر قدر ممكن من الفائدة السياسية للعرب والقضية الفلسطينية ،لطالما ان اغلب المسارات العربية التي لها مساس مباشر في العلاقة والحروب السابقة مع الاحتلال اختارت مسار “السلام” ، ودول عربية اختارت مسار التطبيع المجاني..!
نحن نعرف أن القيم السياسية مثل أساس البناء ، وهي مثل الرواسي للارض ..والقيم ذاتها لم تكن تزييف للمواقف العربية السياسية ،بل كانت حقيقة واقعية تستمد قوتها من قوة العرب في ظل وحدة موقف سياسي نفتقده منذ سنوات طويلة ..في ظل خذا الفقد الوحدوي للموقف العربي ، صار تحرك الدول الفردي ظاهرة شرعية في تقديري لا تلام عليها الدول ،لطالما ان دول المساس المباشر والسلطة قد اختاروا “السلام” .
المملكة العربية السعودية ، واحدة من الدول العربية الكبرى ، التي اخضعت العلاقة مع الاحتلال الاسرائيلي تحت المجهر ، وهي واحدة من الدول التي تأنت سياسيا في ظل تسرع دول عربية في التطبيع ..والسعودية التي اخضعت العلاقة مع الاحتلال على سرير مخبري سياسي ،كانت تتقصد إجراء عملية دييلوماسية ، وبتر اي تحرك سياسي من قبل الاحتلال لتحقيق مكتسبات التطبيع المجاني ، واخضعت السعودية جملة من الظروف السياسية المحيطة لمجهرها السياسي لابعاد اي ضربات محتملة قد يوجهها الاحتلال للعرب ،سواء ضربات سياسية أو عسكرية .
السعودية ابعدت نفسها عن الوقوع في فخاخ تطبيع ، كانت دول عربية قد وقعت في مصائدها دون مراعاة تلك الدول لمصالحها على الاقل..واوقفت  السعودية  وابعدت نفسها عن ما يمكن لنا نسميه ” النزف السياسي العربي ” لصالح الاحتلال ، وراحت بإتجاه الطاقات السياسية السعودية الممكنة لتوظفها لصالح العرب ،قبل أن تضع نفسها في أولوية المصالح ، وهذا يعني ان الفقر السياسي العربي قد وصل حد الفقر المدقع في كيفية تعامله مع احتلال ماجن يسعى إلى فرض وجوده في المحيط العربي ضمن سلسلة تطبيع محكومة بالفشل الشعبي والجمود الرسمي .
أمام هذا الحال من الانفتاح السعودي ، والذكاء في التقاط الأفكار واخضاعها للتمحيص والفحص والتدقيق ، وقفت الإدارة الأميركية ومن بعدها ساسة الاحتلال اما حالة سياسية عربية ربما تكون استثنائية خلال الخمسة عشر سنة الفائتة ، وتنظر الإدارة الأمريكية إلى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بحذر شديد وخصوصا بعد تقارب السعودية مع الصين وروسيا وايران والهند التي ترتبط معها بعلاقة جيدة ، هذا التحول السياسي للسعودية ،يضع التيارات السياسية “الهوائية” سواء العربية أو الدولية على المحك السياسي ، وربما اللاعب السياسي السعودي (ولي العهد) سيسجل اهدافا محرجة في المرمى المضاد ، وستقود السعودية الكرة بإتجاهات مختلفة لكن المرمى واحد والهدف تحصيل حاصل ..ويحق للشارع العربي ان يتسائل ، ويبحث عن أجوبة ،غير أن الأسئلة بكل تفرعاتها تعطينا إجابة واحدة هي :محاولات تعطيل تمدد الاحتلال عبر بوابات التطبيع المجاني معه ، وحث ما تبقى من دول عربية لم تسلك طريق التطبيع التفكير الف مرة قبل أن تعلن موقفها ،ثم نبحث عن إجابة على السؤال :”ما هو ثمن التطبيع ،وكيف ستخدم قضية فلسطين العادلة في ظل غياب وحدة الموقف العربي الرسمي. ؟
خلاصة القول : كل هذا الضجيج الاعلامي الأمريكي المنقاد للصهيونية العالمية ،هو بمثابة منطاد هوائي من السهل اسقاطه بركلة جزاء ، والعمل على تعزيز موقف السعودية في بناء قرارها السياسي والسيادي ، والنظر بحزم وذكاء سياسي إلى المربع الذي يتحرك فيه اللاعب الاسرائيلي .
كاتب وصحفي اردني

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *