اخبار السودان

رسالة عاجلة للإمام الصادق المهدي هذا مع التحية..

رسالة عاجلة للإمام الصادق المهدي هذا مع التحية..

نضال عبد الوهاب

الآن:

نُشيد جداً، بمحاولات التنسيق والتفاهم بين حزبي الأمة والشيوعي واللقاء الذي تمّ اليوم… هذا اللقاء برغم تأخره برُغم محاولات إتمامه والمبادرات العديدة التي حدثت قبلاً، إلا أنه من المُفيد حدوثه الآن للظرف الصعب الذي تمر به بلادنا ونتمنى أن يتواصل التفاهم والتلاقي بين كل مكونات القوى السياسية الوطنية والثورية التي تعمل لأجل أهداف ثورتنا وأهداف ومطالب شعبنا في العدالة والسلام والحرية والدولة المدنية الديمُقراطية الحديثة…

نضال…

15 مارس 23

(من ثلاث سنوات)…

السيد الإمام الصادق المهدي..

إسمح لي بمخاطبتك وإرسال هذه الرسالة العاجلة لك، دونما سابق معرفة ولا تحمل شيئاً شخصياً سوى وجودك في الشأن العام ونرسلها للصالح العام أيضاً..

بداية أُشيد بقراركم الخاص السابق القاضي بإعتزالك للعمل السياسي التنفيذي وأنك سوف تتفرغ للعمل الفكري والخيري والإنساني فيما تبقى من حياتكم ونسأل الله لكم طول العمر وأن تحتفل بمائة عام بعد إحتفالكم مؤخراً ببلوغك الرابعة والثمانين من العمر، وإعتزالك للعمل التنفيذي هذا لا شك من قبلكم قرار صائب في تقديري وتقدير الكثيرين من الذين قابلوه بترحيب كبير من الشعب السوداني عدا بعض من تأخذهم بك العاطفة والمحبة وهذا شئ مُقدر ومفهوم..

ولكني أُخاطبك الآن بصفة أنك مازلت رئيساً منتخباً لحزب الأمة أحد أهم الأحزاب السودانية، والذي لديه الكثير من العضوية والأنصار، ولعب وما يزال يلعب أدواراً هامة في الساحة السياسية السودانية مُنذ إنشائه، ما قبل الإستقلال وحتى الآن..

مدخلي لهذه الرسالة المباشر هي الحالة التي وصلت إليها البلاد ووطننا السودان والتي لا تخفى عليكم.. والتي لا تحتمل المزيد من التقهقهر والتراجع أو الإنهيار..

الشعب السوداني أحدث ثورة عظيمة أملاً في تغيير كبير وجذري لكل الأوضاع في السودان سياسيةً كانت أو إقتصادية، ورغبةً عالية في تحقيق الاستقرار والسلام العادل المستدام ورسم طريق المستقبل والدولة المدنية الديمقراطية الحديثة في السودان..

ونحن الآن في فترة إنتقالية تحت ظل حكومة الثورة وقيادة تحالف يضمكم كحزب مع آخرين تحت مسمى الحرية والتغيير..

هذا التحالف الذي يواجه ثقوبات داخلية وإنحرافات واضحة لا تخفي عليكم.. ظل يتأرجح ما بين رؤيتكم لكيفية مساره وقراراته وما بين رؤية آخرين معكم في ذات التحالف على رأسهم الحزب الشيوعي السوداني، والتي قد تتوافق مع حلفائه في قوى الإجماع احياناً كثيرة وقد تختلف، ودونما غمط لبقية مكونات وكتل التحالف قدرهم وحقهم، لكن الواقع يقول إنكم كحزب الأمة مع الحزب الشيوعي تمثلون قوة هذا التحالف، وكان يفترض أن تكون القوى الثالثة هي قوى الحركات المسلحة وكذلك قوى الثورة الحية المتمثلة في لجان المقاومة، ولكنهم الإثنان يعتبران خارج التحالف عملياً وتمثيلاً مباشراً فيه، خاصة في مرحلة ما بعد التوقيع على الوثيقة الدستورية وما حدث من تداعيات وجود ممثلي الجبهة الثورية داخل نداء السودان وتحالف قوى إعلان الحرية والتغيير..

ببساطة، الآن أنتم مع الحزب الشيوعي ولسيركما في خطين متوازيين في أغلب الأحيان داخل التحالف ساهمتم إسهاماً مباشراً في حالة التشظي والضعف الذي يُصيب تحالف الثورة بشكله الحالي المتمثل في قوى الحرية والتغيير.. وبالتالي أضرّ هذا الواقع ضرراً بليغاً بعمل حكومة الثورة ومجمل الفترة الإنتقالية في كل ملفاتها وتحدياتها إلى الآن..

يحدث هذا التباعد ما بينكم والحزب الشيوعي داخل التحالف على الرُغم من التاريخ التحالفي المشترك بينكم، وبرغم كثير من القواسم المشتركة التي يمكن أن يُبنى عليها التحالف الحالي وكمثال فقط 1/ الدولة المدنية الديمقراطية 2/ إزالة التمكين لعناصر النظام السابق 3/ إصلاح المؤسسة العسكرية والامنية وإعادة هيكلتهم 4/ تحقيق الإستقرار ووقف الحرب والسلام العادل وعودة النازحين 5/ تعافي الإقتصاد والذي تتفقون عليه ولكنكم تختلفون في آلية وطرق تحقيقه، وهذا شئ يمكن التوافق حوله خاصة بعد إقرار مقررات المؤتمر الإقتصادي 6/ المؤتمر القومي الدستوري 7/ الإنتخابات العامة في نهاية الفترة الإنتقالية..

وغيرها مما يجمعكم كحزب مع الحزب الشيوعي..

إذاً السؤال، لما كل هذه الخلافات والحرب الكلامية والتصريحات السالبة و(المناقرة) المستمرة!..

ظللتم أيها السيد الإمام تتناولون الحزب الشيوعي في معظم لقاءاتكم وتصريحاتكم السياسية وهم أيضاً يردون تارةً تبطيناً وتلميحاً وأخرى تصريحاً.. قمتم أيها السيد الإمام قبل أكثر من خمس وثلاثين عاماً وتحديداً في عام 1985 بإنتقاد ذاتي شجاع لموقفكم القديم، بالمساهمة في طرد الحزب الشيوعي ونوابه من البرلمان عام 1965، ووصفتموه بالإنفعالي والخاطئ وغير الديمقراطي، فهل وبذات تلك الشجاعة يمكن أن تعترف الآن أن كثيراً من تصريحاتكم تجاه الحزب الشيوعي فيها درجة عالية من المُكايدة السياسية والتي لا تصلح لحزبين كبيرين موجودين في تحالف واحد حيوي وهام جداً لهذه المرحلة.. أين ذهبت حكمتكم وكل ما أكتسبتموه من خبرات تجاه أمر كهذا .. نعلم يقيناً أن هنالك خُطوات تتم الآن للتفاهم بينكم والحزب الشيوعي، نتمنى أن تتم وأن يكون هذا الإتفاق مقدمة لإستقطاب وإشراك قوى أخرى مهمة ومؤثرة كلجان المقاومة والحركات، خاصة حركتي الحلو وعبد الواحد، ونأمل أن يكتمل هذا التفاهم بينكم والشيوعي لمصلحة البلد والثورة والفترة الإنتقالية، وأن يكون أول بند تلتزمون به هو وقف هذه التصريحات والبيانات السالبة في الجانبين، فكلاكما لن يقود تحالف الثورة والبلد لوحده أو دون الآخر، وأنتم بذلك تعطون العسكر وأعضاء النظام السابق الفرصة ومن معهم من ثورة مضادة لجر كل البلد لمربعات سابقة وتمكين أكثر! ..

أخيراً أيها السيد الإمام الصادق المهدي، ظللتَ وفي كل مناسبة تُذكر الناس بأنك الرئيس الشرعي المنتخب منذ آخر انتخابات ديمقراطية قبل إنقلاب الإنقاذ في 1989، ولكنك نسيت شيئاً هاماً وهو أن الكثيرين جداً الآن والغالبية من القوى الحية ومن الذين يحق لهم الإنتخاب لم يشاركوا في إنتخابك في ذلك الوقت، ومنهم كاتب هذه الرسالة لعدم أهليتهم العُمرية للانتخابات، بل إن غالبية من صنعوا الثورة وأتوا بها وضحّوا من أجلها واستشهدوا ليُصنع التغيير، لم يكونوا مولودون أصلاً. فتفكر أيها الإمام واعلم أن الحال قد تغير وأن هنالك أجيالاً جديدة مختلفة جداً عن طريقة تفكيركم هي الآن من تطّلع للمستقبل ومن أجلها يجب أن نتواضع ونُعبّد لها الطريق لا أن نسجنها في ماضي السودان القديم بكل أخطائه وسوءاته! ..

كل الإحترام والسلام..

المصدر: صحيفة التغيير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *