اخبار السودان

قبل أن تحل الذكرى الأولى للحرب اللعينة، الأولى إخمادها ..

د. عثمان الوجيه

ماذا جنى السودانيون بعد خمسة سنوات غير الحرب؟ ، خمس سنوات مرت على ثورة السودان ، التي أطاحت بنظام عمر البشير بعد 30 عامًا من الحكم الديكتاتوري ، وتخللت هذه السنوات مراحل من التفاؤل والأمل ، تلتها خيبات أمل وانقلابات عسكرية ، وصولاً إلى حرب أهلية اندلعت في منتصف أبريل 2023م ، فما هي المكاسب التي حققها السودانيون خلال هذه الفترة؟ وما هي التحديات التي لا تزال تواجههم؟ ، لا أنكر أن هناك إنجازات للثورة المسروقة وهي: 1/ إسقاط نظام البشير : فقد حقق السودانيون انتصارًا عظيمًا بإسقاط نظام البشير الذي عانى منه الشعب السوداني لعقود .
2/ إصلاحات اقتصادية : لقد تمّت إصلاحات اقتصادية مهمة ، مثل حذف اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وطي ملف ضحايا الإرهاب لدى المحاكم الأميركية . 3/ الحريات : فقد تمّ توسيع نطاق الحريات العامة ، مثل حرية التعبير والتجمع .
4/ المشاركة السياسية : تمّت إتاحة الفرصة لمشاركة السودانيين في العملية السياسية بشكل أكبر ، لكن في المقابل هناك تحديات خطيرة جداً وهي :
(أ) الانقلابات العسكرية: واجهت الثورة (المسروقة) السودانية انقلابين عسكريين ، الأول في يونيو 2019م ، والثاني في أكتوبر 2021م،
(ب) الحرب الأهلية: اندلعت حرب أهلية في منتصف أبريل 2023م ، أدت إلى مقتل وإصابة العديد من المدنيين، (ج) الأزمة الاقتصادية : لا تزال الأزمة الاقتصادية تُلقي بثقلها على كاهل الشعب السوداني .
(د) الفساد : لا يزال الفساد منتشراً في مؤسسات الدولة . (هـ) دور الإسلاميين : لا زال الإسلاميون يحاولون استعادة نفوذهم في الدولة ، الخص على أن: لقد حقق السودانيون بعض الإنجازات المهمة خلال خمس سنوات من الثورة ، لكنهم واجهوا أيضاً العديد من التحديات ، أهمها الانقلابات العسكرية والحرب الأهلية ، ولا زال الطريق أمام السودان طويلاً لتحقيق الاستقرار والديمقراطية والازدهار ، وإليكم بعض الأسئلة التي يجب طرحها بصدق: ما هو دور المجتمع الدولي في دعم السودان خلال هذه المرحلة الانتقالية؟ وكيف يمكن معالجة الأزمة الاقتصادية؟ وكيف يمكن ضمان عدم عودة الإسلاميين إلى الحكم؟ وما هو دور الشباب السوداني في بناء مستقبل أفضل لبلدهم؟ ، إنّ الإجابة على هذه الأسئلة هي مفتاح مستقبل السودان .. وإلا (كأنك يا أبزيد ما غزيت !!؟؟) .. هنا تحضرني طرفة فليسمح لي القارئ الحصيف بأن أوجزها في هذه المساحة وبهذه العجالة وهي: (مؤتمر باريس بين مطرقة الأزمة الإنسانية وسندان الغياب الرسمي !!؟؟) ، حيث تستعد باريس لاستضافة حدث مزدوج يوم الاثنين 15 أبريل 2024م ، يركز على الوضع السوداني في جانبيه السياسي والإنساني بالتعاون مع ألمانيا والاتحاد الأوروبي ، ويأتي هذا المؤتمر في ظل غياب التمثيل الرسمي السوداني ، ما يثير تساؤلات حول جدواه وفعاليته ، حيث يلتئم اجتماع وزاري صباح الاثنين برئاسة مشتركة فرنسية ألمانية أوروبية ، بهدف دعم مبادرات السلام الإقليمية والدولية لإنهاء الحرب المستمرة منذ عام ، ويهدف المؤتمر إلى حشد الدعم السياسي الدولي لعملية السلام في السودان، وضمان وصول المساعدات الإنسانية بشكل كامل وآمن ، ويُنتقد المؤتمر لغياب التمثيل الرسمي السوداني ، بينما سيشارك المجتمع المدني ، حيث يرى سفير السودان لدى فرنسا أن المؤتمر قد يكون مجرد مهرجان دعائي لدعم “ميليشيا الدعم السريع” المتمردة ، وسيعقد مؤتمر إنساني (مصاحب !!) بعد الظهر برئاسة وزراء الخارجية الفرنسي والألماني ومسؤولي السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي ، يهدف المؤتمر إلى جمع التمويل للوفاء بالاحتياجات الإنسانية الضرورية للسودان ودول الجوار ، ويسعى المؤتمر لضمان وصول المساعدات الإنسانية بشكل كامل وآمن دون عوائق إلى جميع أنحاء السودان، لكن، يخشى البعض من أن يتحول المؤتمر إلى منبر لتقديم الدعم المادي والمعنوي لـ”ميليشيا الدعم السريع”، اللافت في المقاربة الفرنسية:
1/ تغييب الجهات الرسمية السودانية عن المؤتمر .
2/ دعوة “ميليشيا الدعم السريع” بشكل غير مباشر من خلال مشاركة حلفائها السياسيين، 3/ تجاهل تطلعات الشعب السوداني نحو السلام والديمقراطية ، ليوجه المؤتمر تحديات جمة أبرزها: (أ) إقناع الأطراف المتناحرة بوضع حد للقتال ، (ب) ضمان وصول المساعدات الإنسانية بشكل آمن
(ج) منع تحول الحرب في السودان إلى “أزمة منسية”، باختصار: يواجه مؤتمر باريس تحديات كبيرة، أهمها غياب التمثيل الرسمي السوداني وتركيزه على “ميليشيا الدعم السريع”، ومن المهم أن يركز المؤتمر على تطلعات الشعب السوداني نحو السلام والديمقراطية ، كما يجب على المجتمع الدولي العمل معًا لإنهاء الحرب في السودان وتقديم الدعم للشعب السوداني .. وإلا فسأظل عند رأيي (الثورة السودانية سرقت قبل أن ترى النور !!؟؟).. #اوقفواالحرب #StopTheWar وعلى قول جدتي: “دقي يا مزيكا !!”.

خروج: عطفاً على مقاليي الأولين (عيدٌ بلا طعم !!؟؟)، قارئي الحصيف ، وعدتكم بأربع مقالات كمعايدات عيدٍ بعيداً عن (ساس يسوس) ، وها أنا أخل بوعدي وأختصرها لثلاثة فقط، فالسبب الأول: بلغني بأن مقاليي الأولين كانا سبب كآبةٍ لبعضكم، لأني عبّرت عن عدم سعادتي بالعيد، وذكرتُ أسبابًا تخصني، كوني متغربًا منذ ربع قرن، نصف المدة خارج السودان، لكنني تضامنتُ فقط مع بني جلدتي الذين قضوا عيدهم الثالث في الشتات بسبب الحرب اللعينة التي ستدخل هذا الأسبوع عامها الثاني، وملايين السودانيين ما بين نازحين في الداخل أو لاجئين في الخارج، والسبب الثاني: عاب علي بعض (المغيبين) عدم احتفالي معهم بالذكرى السنوية الخامسة للثورة المسروقة، نعم، أقول مسروقة، لأننا حينما خرجنا للشارع ضد (عمر البشير وأعوانه الكيزان طغاة النظام البائد) كنا ننشد الإصلاح، لكننا الآن حصدنا الخراب والدمار وفقدان الوطن، حربٌ لعينةٌ طاحنةٌ شردت أكثر من ثمانية ملايين، وقتلت نحو عشرين ألف، ودمرت البنى التحتية في البلاد، أعذرني قارئي الحصيف، فليس من طبعي الكذب أو الخداع، ولا أستطيع أن أُظهر سعادةً لا أشعر بها، ولا أستطيع أن أشارك في احتفالاتٍ لا أرى لها مبررًا، لذلك اسميته “عيدٌ بلا طعمٍ ولا رائحة”، فهو عيدٌ يمرّ دون أن يترك أي أثرٍ في النفس، عيدٌ يُذكّرنا فقط بالآلام والجراح، عيدٌ يُبكينا على ما فقدناه من وطنٍ وأحلامٍ ومستقبل، ولكن، لا يعني ذلك أنني فقدتُ الأمل، ما زلتُ أؤمن بأنّ السودان سيُنهض من جديد، وأنّ ثورتنا ستنتصر، وأنّنا سنُعيد بناء وطننا على أسسٍ جديدةٍ من الحرية والعدالة والمساواة.. عيدٌ مباركٌ عليكم جميعًا،، وعساكم من عواده.. ولن أزيد،، والسلام ختام.

[email protected]

المصدر: صحيفة الراكوبة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *