اخبار السودان

القوات المسلحة السودانية.. سنوات العزة الأخيرة.. معارك الجيش والدعم

القوات المسلحة السودانية.. سنوات العزة الأخيرة.. معارك الجيش والدعم

ياسر عرمان

الحزن يخيم على بلادنا يعتصر أهلها الطيبين أينما كانوا وهم يشهدون ويدفعون الثمن من دمار للإنسان والمجتمع والدولة والأرض والنسيج الاجتماعي الغالي والقيم النبيلة والبنية التحتية والمؤسسات التي شيدها الشعب من دمه وعرقه بجهد الأجيال.

حل محل كل ذلك القتل المجاني وطلقة هي ثمن الإنسان تأتيه داخل منزله الآمن وفي مدن وقرى يعبد أهلها الله فأصبحت خالية من كل شيء إلا الانتهاكات التي يوثق لها طرفا الحرب ويعلنون عنها بالتباري في وسائل التواصل الاجتماعي وجرائم أخرى غير معلنة من النهب والاغتصاب، إن أطراف الحرب ينحدرون إلى الحضيض ويا أسفي وحزني على بلادنا وإنسانها المقدام وعلى ثورتها المجيدة التي تحولت إلى نهر من الدماء بتخطيط وإصرار عجيب من إسلاميي المؤتمر الوطني الذين يحلمون بعد كل ذلك بأن تحمل وثيقة للحل السياسي توقيعات قوى الثورة تكافئهم على الحرب وتعيدهم إلى دست الحكم منفردين أو مشاركين وإن بعض الحلم إثم! وهيهات وتلك أحلام لا تشترى.

في الحروب الطويلة والضروس بين القوات المسلحة والجيش الشعبي على مدى أكثر من (20) عاماً تعاقب على قيادتها رموز تاريخيّة من قادة القوات المسلحة، وقاد الجيش الشعبي والحركة الشعبية الزعيم جون قرنق دي مابيور اتيم ضابط القوات المسلحة السابق والمتمرد المضيئ في كل الأزمنة والمفكر الأول في مبحث السودان الجديد ووحدته ورائد التأهيل النظري والعملي في قضايا المواطنة بلا تمييز والتهميش والتنمية العضوية بين الريف والمدينة ونقل المدينة إلى الريف لا الريف إلى المدينة.

التقى الجيش الشعبي برجال شجعان وعصيين على النسيان من ضباط وجنود القوات المسلحة وعلى الأرض، من منا ينسى عبد الرحمن بلاع وسيف الدولة الأمين وازايا بول وفرح آدم فرح وسالم سعيد محيي الدين وهاشم الخضر، وفي الجو من منا ينسى عثمان عبد الرسول الضو والمقدم محمد الأمين وغيرهم. ولأن التضخم وانخفاض قيمة الأشياء والإنسان قد شمل كل شيء حتى تسيد مسرح الحرب جماعات ساحات الفداء سابقاً وأمثال إسحاق أحمد فضل الله الذي يبدأ كل شيء وينتهي عنده بكذبة من القرود التي تعمل كاسحات للألغام والغمام الذي يظلل (المجاهدين) والمشروع نفسه كان قد بدأ بكذبة وخدعة بين (القصر) و(السجن)، وإسحاق نفسه كذبة كبيرة فقد حاولوا أن يمجدوا (المجاهدين) على حساب الجيش وعلا صوت الدفاع الشعبي بعدسات وكاميرات لامعة في تطفيف سرديات الحرب فيما عدا استثناءات نادرة اجترحها دكتور محمود شريف وأبو فاطنة.

اليوم انخفض سعر ساحات الفداء ودعاية الجيش يتصدرها رشان والماجدي وأم وضاح وسهير والانصرافي والسفيرة أم حمد (المحققة/ شارلوك هولمز) كلهم قرع الكيزان (عشرة بقرش والمية هوادة).

كل ذلك وقد تناقصت أوتاد الجيش واضمحلت تقاليده العريقة وقادته نافخين للدعاية السياسية بعيدين عن التقاليد العسكرية الرصينة.

في تقاليد الجيش وهي بمثابة قانون لا تُسلم قيادة القوات المتجهة إلى جبهات القتال لقائد تمت هزيمته وخسر معركة هامة مثل ما حدث للعقيد (جودات) وهو ضابط شجاع قاد حامية نيالا ببسالة وخسر معركتها، والمحير والغريب أن يدفع به قادة الجيش إلى معركة استراتيجية أخرى، حيث أن القائد المهزوم يحتاج لتأهيل نفسي وبدني على طريق قادة من أمثال عبد الماجد حامد خليل ابن كردفان الغرة التي دارت بها المعركة، والأدهى والأمر أن تتطاول رداحات الأجهزة الأمنية على العقيد الشجاع جودات في وضح النهار وتحت سمع وبصر قادة الجيش وفي صمت تام من ضباط القوات المسلحة، والطلقة التي أتت إلى جودات من الرداحات في الخلف ستأتيكم من ألف خلف.

الإسلاميون ورداحاتهم أتباع هند بنت عتبة أكلة الأكباد يتسيدون دعاية الحرب تعجبهم هند ولا يمر بخاطرهم سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب، يقرأون من كتاب هند لا من كتاب حمزة. الجيش لا مستقبل له إن لم يفرز عيشه من عيش الإسلاميين الذين يتخذونه جناح عسكري لهم، إن كان له أن يرجع لحضن الشعب وتقاليد الجيوش النظامية لابد أن يحقق في حادثة أكل الأكباد وبقر البطون ورفع الرؤوس المقطوعة وأن يحاسب عليها لا أن ينكرها فهي لا ترهب خصومه بقدر ما تسيئ إليه وتحرض عليه الخارج وتغضب الداخل وتجعله صنواً للدواعش.

القوات المسلحة تستحق أن يعاد بناؤها من جديد كمؤسسة مهنية ملك للشعب وأن تستذكر من دفاتر عبد الفضيل الماظ لا من بذاءة رشان وسهير والماجدي وأم وضاح والانصرافي فتسيدهن إيذاناً بانقضاء سنوات العزة. الجيش يحتاج لمعالجة الاختلالات التاريخية سيما حروب الريف أما المؤتمر الوطني فسيدفع ثمن هذه الحرب عاجلاً قبل آجلاً، ما يهمنا هو عودة الجيش من ضلال الإسلاميين إلى حضن الشعب وتصالحه مع ثورة ديسمبر المجيدة.

أهدي مكتوبي هذا إلى ضباط الجيش الشجعان الذين جسدوا شيم وشجاعة السودانيين جميعاً فكل أرجائه لنا وطن، أهديها للعقيد عبد الرحمن بلاع ابن النهود وإلى العميد طيار أركان حرب عثمان عبد الرسول الضو ابن طابت الشيخ عبد المحمود لقد كانوا فرساناً التقوا بفرسان آخرين من الجيش الشعبي، والشجاعة قيمة إنسانية خالدة، والخزي والعار لجماعة هند بنت عتبة.

9 مايو 2024

المصدر: صحيفة التغيير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *