اخبار المغرب

محددات هامة تكسر إيقاع الرتابة في اللعبة الانتخابية بالبرلمان الأوروبي

قال الدكتور عبد الله بوصوف، الخبير في العلوم الإنسانية، إن “انتخابات البرلمان الأوروبي مرت لسنوات طويلة في ظروف عادية، لكن هذه الانتخابات المباشرة ستعرف قفزة نوعية كبيرة”، مشيرا إلى أن “الناخب الأوروبي أصبح مدركا لأهمية هذه الانتخابات المباشرة التي تؤثر في صياغة السياسات العمومية للدول الأعضاء”.

وأوضح بوصوف، في مقال له بعنوان “محددات هامة في لعبة انتخابات البرلمان الأوروبي يونيو 2024″، أن “العوامل الداخلية المتعلقة بالاقتصاد والبيئة والإعلام والأمن الطاقي والانتقال الرقمي، والخارجية المتعلقة بالأمن ومحاربة الإرهاب والجريمة المنظمة وملف الهجرة واللجوء، ستؤثر لا محالة في تشكيل البرلمان الأوروبي القادم وفي مؤسساته وسياساته الداخلية والخارجية”.

نص المقال:

مرت انتخابات البرلمان الأوروبي لسنوات طويلة في ظروف عادية وتغطية إعلامية عادية ولم يعرها الناخب الأوروبي اهتماما كبيرا مقابل انتخابات داخلية للدول أعضاء الاتحاد الأوروبي.

لكن هذه الانتخابات المباشرة ستعرف قفزة نوعية كبيرة منذ انتخابات ماي من سنة 2019، سواء على مستوى التحالفات السياسية أو تجاذبات اليمين واليسار ومد يميني متطرف من جهة، وتجليات يسارية جديدة، سواء في جبة الخضر أو أنصار البيئة من جهة ثانية، أو على مستوى السرد الإعلامي الذي عرف بدوره مستوى غير مسبوق من المتابعة والتحليل والرصد.

وإذا كانت حملة انتخابات 2019 قد وجدت في ملفات الهجرة الجماعية منذ سنة 2015 وتداعياتها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وتداعيات الضربات الإرهابية التي مست أكثر من بلد أوروبي سنتي 2015 و2016…، وملف البرنامج البيئي.

وهو ما كان يعني بديهيا أن انشغالات الآلة التشريعية الأوروبية ستتمحور حول ملف محاربة الإرهاب وخلفياته العقائدية والثقافية، وملف الهجرة وتداعياته، وملف الانتقال الطاقي والبيئي تطبيقا لمخرجات القمم الدولية للمناخ (كوب)، فإن حملة انتخابات البرلمان من 6 إلى 9 يونيو من سنة 2024 ستكون مخالفة ومختلفة، خاصة أن الناخب الأوروبي أصبح مدركا لأهمية هذه الانتخابات المباشرة، التي تؤثر في صياغة السياسات العمومية للدول الأعضاء، سواء في المجال البيئي أو الرقمي أو الاقتصادي أو الاجتماعي…، لذلك يُنتظر أن تكون معركة البرامج وإدارة الحملات الانتخابية مغايرة وبتغطية إعلامية غير مسبوقة.

وهو ما يعني، من جهة أخرى، إصدار قراءات لنتائج استقراءات الرأي، والحديث عن نسب المشاركة ضد العزوف.

فالحزب الشعبي الأوروبي، مثلا، سيحاول من جانبه الحفاظ على أغلبيته وتوازنه من خلال إعادة ترشيح رئيسة اللجنة الأوروبية أورسولا فان دير لاين لولاية ثانية، وقيادة البرلمان وباقي المؤسسات.

لقد رسم البرلمان الأوروبي خريطة تشريعية (2019/2024) تتضمن ست نقاط، منها البرنامج البيئي وأوروبا الرقمية واقتصاد يدعم المواطن الأوروبي وأوروبا قوية في العالم ودعم طريقة عيش الأوروبي وقفزة جديدة في الديمقراطية الأوروبية.

لكن ظهور “كورونا” سنة 2020 وما رافق ذلك من مشاكل جديدة كاللقاح والمرافق الصحية وصعوبات على مستوى التموين والممرات الخضراء وضرورة دعم البحث العلمي، بالإضافة إلى الحرب الدائرة في أوكرانيا منذ فبراير 2022، وما تبعها من أزمات الطاقة والحبوب والتحالفات وإشكالات المصادقة على العقوبات ضد روسيا، خاصة من طرف دول وسط أوروبا وأوروبا الشرقية… كل هذه العوامل ستكبح المشرع الأوروبي وتجعله يعيد ترتيب نقاط برامجه.

ليس هذا فحسب، فالحرب بأوكرانيا أعادت الحديث عن آليات الدفاع المشترك الأوروبي، والرفع من ميزانية التسليح على مستوى الاتحاد.

بالمقابل يبقى من بين حصاد البرلمان الأوروبي على مستوى التشريع المصادقة على قوانين التجارة الرقمية وقوانين الجيل الجديد وحرية الإعلام. لكن الأهم هو مصادقته على قانون الهجرة واللجوء في انتظار مصادقة المجلس الأوروبي ليصبح نافذا، ويعوض بذلك “قانون دبلن” للهجرة واللجوء، وعقده اتفاقيات ثنائية حول الهجرة، سواء مع ليبيا أو تونس أو موريتانيا أو مصر. كما صادق البرلمان الأوروبي على إجراءات من شأنها تأمين الأمن الطاقي وتعويض حصص روسيا من الغاز الطبيعي بتوقيع اتفاقيات مع عدد من الدول الإفريقية أو من آسيا أو الخليج العربي.

لكن لا يمكننا إغفال تأثيرات أحداث غزة على مجريات انتخابات يونيو المقبل، إذ تابع الملايين في العالم اعتصامات الطلبة داخل جامعات فرنسية وبريطانية وأمريكية ومسيرات احتجاجية أوروبية ضد حكوماتهم من أجل وقف الحرب في غزة وتجنب قتل المدنيين من النساء والأطفال. وقد سارعت بعض التيارات إلى ضم وجوه بارزة في هذه الاحتجاجات، سواء كانوا طلبة أو إعلاميين أو حقوقيين، إلى بعض القوائم واللوائح الانتخابية، وهو ما يعني إضافة جديدة للمشهد الانتخابي الأوروبي على مستوى الدفاع عن قيم الحرية والديمقراطية وحقوق الشعوب والإنسان خارج أسوار أوروبا.

وبطبيعة الحال فإن كل هذه العوامل، سواء الداخلية المتعلقة بالاقتصاد والبيئة والإعلام والأمن الطاقي والانتقال الرقمي، أو الخارجية المتعلقة بالأمن ومحاربة الإرهاب والجريمة المنظمة وملف الهجرة واللجوء، ستؤثر لا محالة في تشكيل البرلمان الأوروبي القادم وفي مؤسساته وسياساته الداخلية والخارجية.

المصدر: هسبريس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *