اخبار المغرب

صندوق النقد يشيد باقتصاد المغرب .. صمود متواصل وتوقعات بارتفاع النمو

نبرة إيجابية واضحة حملها آخر التقارير القُطرية لصندوق النقد الدولي بخصوص تقييم أوضاع المالية العمومية والمؤشرات الماكرو اقتصادية للمملكة المغربية؛ وهو ما رَشح بعد اختتام المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي “مشاورات المادة الرابعة” لعام 2024، بالموافقة على المراجعة الأولى لاتفاق “تسهيل الصلابة والاستدامة” المبرم مع المغرب، خالصا إلى أن “المغرب لا يزال مستوفيا لمعايير الأهلية للاستفادة من اتفاق “خط الائتمان المرن”، بفضل قوة سياساته الاقتصادية الكلية وأطر سياساته المؤسسية، والتزامه بمواصلة الإصلاحات.

“لا يزال الاقتصاد المغربي يتمتع بالصلابة والصمود رغم ندرة المياه، وزلزال شتنبر 2023، والتحديات التي تفرضها الأوضاع الخارجية”، كانت هذه أبرز خلاصات التقرير القُطري عن المغرب (رقم 2024/099) الصادر مطلع ماي الجاري؛ بعد إتمام مهمة بعثة خبراء الصندوق المنجَزة من 30 يناير إلى 15 فبراير 2024 في الدار البيضاء والرباط، والذي طالعته جريدة هسبريس الإلكترونية.

وأفادت تقديرات خبراء صندوق النقد الدولي، الذين استعانوا بمعطيات السلطات الاقتصادية المغربية، بأن “التوقعات تُشير إلى ارتفاع تدريجي لمعدل نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي إلى 3,5 في المائة خلال الأعوام القليلة المقبلة”، عازِين ذلك إلى “فضل العمل المتواصل على تنفيذ خطة الإصلاحات الهيكلية”؛ بينما أوصْوا بأنه “سيكون من الضروري إعادة بناء هوامش الأمان المالي، بالتوازي مع تنفيذ الإصلاحات الهيكلية لمواصلة تعزيز صلابة المغرب وتحسين الآفاق من أجل نمو أكبر وأكثر احتواء للجميع”.

وتجدد التأكيد ذاته ضمن بيان صحافي صدر من واشنطن في وقت متأخر من أمس الأربعاء، طالعته هسبريس، مؤكدا أن “الاقتصاد المغربي أظهر مجددا صلابة في مواجهة الصدمات السلبية لسنة 2023، مع تسارع النشاط الاقتصادي وتباطؤ التضخم وتقلص عجز الحساب الجاري؛ رغم هبوب الرياح المعاكِسة المرتبطة بندرة المياه، وزلزال شتنبر الماضي، وتباطؤ النمو في منطقة اليورو”.

“مواصلة الصمود”

بدون مواربة، أكدت المؤسسة المالية الدولية أن “الاقتصاد المغربي قد واصل صموده في مواجهة الصدمات السلبية”؛ شارحا: “رغم ندرة المياه، وزلزال سبتمبر 2023، والتحديات التي تفرضها الأوضاع الخارجية، فإن مستويات النشاط الاقتصادي ارتفعت إلى 3 في المائة في عام 2023 بفضل قوة الصادرات وانتعاش الطلب المحلي؛ غيْر أن تحسن النمو صاحبَه ارتفاع معدلات البطالة إلى 13,3 في المائة في نهاية عام 2023، وهو ما يعكس أساسا تأثير ندرة المياه على القطاع الزراعي”.

ورصد الـ”IMF” “تراجُع التضخم، خلال 2023، بسبب انحسار تداعيات صدمات الإمداد في المقام الأول، بشكل أدى إلى توقف دورة تشديد أسعار الفائدة في بنك المغرب منذ شهر يونيو في العام الماضي، عقب ثلاث زيادات متتالية بداية من شتنبر 2022. وواصل الدرهم التحرك ضمن نطاق تقلب سعر الصرف البالغ ±5 في المائة”.

بالمقابل، رصد خبراء المهمة، ضمن مراجعتهم، أن “سجل عجز الحساب الجاري سجل تراجعا هائلا”؛ فيما اعتبر التقرير ذاته أن ذلك “مِرآة عاكسة لانخفاض عجز تجارة السلع (نتيجة تراجع أسعار واردات الطاقة والسلع الخام والوسيطة والأغذية، وقوة أداء صادرات السيارات والإلكترونيات)، وازدهار قطاع تصدير الخدمات (السياحية وغير السياحية)، واستمرار نمو التحويلات الوافدة من العاملين في الخارج”.

تحسن المالية العمومية

وسجل خبراء الصندوق “تحسن في عجز المالية العمومية للحكومة المركزية فاق توقعات ميزانية عام 2023؛ فقد بلغ العجز الكلي 4,4 في المائة من إجمالي الناتج المحلي في نهاية عام 2023، أي أقل من المتوقع في ميزانية عام 2023 بحوالي 0,5 في المائة من إجمالي الناتج المحلي”، مفسرين ذلك بـ”التحسن في إيرادات المالية العامة (بفضل دور صندوق الزلزال في دعم الإيرادات غير الضريبية) الذي فاق التوقعات وتجاوز الزيادة غير المخطط لها في مستويات الإنفاق”.

وتواصل تنفيذ خطة الإصلاحات الهيكلية المعلنة، وتم بالفعل تنفيذ الركيزتين الأوليين من تعميم نظام الحماية الاجتماعية؛ وهما توسيع نطاق التأمين الصحي الأساسي الإلزامي، وإطلاق برامج التحويلات النقدية لصالح الأسر الفقيرة. كما جرى اتخاذ خطوات إضافية نحو إعادة هيكلة الشركات المملوكة للدولة، وتفعيل صندوق محمد السادس للاستثمار وميثاق الاستثمار الجديد، وإصلاح نظامي التعليم والرعاية الصحية.

ترحيب المجلس التنفيذي

اتفق المديرون التنفيذيون مع الخط العام لتقييم خبراء الصندوق، مُرَحبين بصلابة الاقتصاد المغربي في مواجهة الصدمات الأخيرة وبالسياسات الاقتصادية الكلية والأطر المؤسسية شديدة القوة التي نفذتها السلطات وساهمت في زيادة النمو وتراجع التضخم”.

و”في ظل ما يكتنف الآفاق من مخاطر التطورات المعاكسة وحالة عدم اليقين الكبيرة، أكد المديرون على “أهمية مواصلة السياسات الاقتصادية الكلية الاحترازية والمثابرة في تنفيذ الإصلاحات الهيكلية لتحقيق نمو أكثر قوة وصلابة واحتواء”.

وحظي “موقف السياسة النقدية لبنك المغرب” بتأييد مديري “مؤسسة بريتون وودز”، متفقين على “ضرورة الاستمرار في الاستعانة بالبيانات في تعديل أسعار الفائدة الأساسية مستقبلا. وينبغي أيضا أن يستأنف البنك المركزي التحول المزمع نحو إطار لاستهداف التضخم من خلال الاستعداد لإلغاء نظام الربط بالتزامن مع التراجع المستمر في مستويات التضخم”، أورد التقرير ذاته ضمن توصياته.

وشدد مسؤولو أرفع المؤسسات المالية العالمية حسب ما طالعته هسبريس على “ضرورة مواصلة الضبط المالي”، موردين أن “ميزانية عام 2024 تحقق التوازن السليم بين إعادة بناء هوامش الأمان المالي وتمويل الإصلاحات الهيكلية؛ بينما “شجعوا السلطات المغربية على النظر في اتخاذ تدابير إضافية على جانب الضرائب والإنفاق لتحقيق الخفض المقرر في مستويات الدين العام والتعجيل بذلك إن أمكن.

كما شجع المديرون على مواصلة تعزيز إطار المالية العامة متوسط الأجل؛ من خلال الإعلان عن انعكاسات الشراكات بين القطاعين العام والخاص، وتعبئة الأصول الحقيقية الحكومية على الميزانية، ومواصلة العمل على قاعدة جديدة للمالية العامة ترتكز على مستوى الدين”.

ورحب المديرون بالتقدم المحرز في المغرب نحو تعزيز الإطار الرقابي والتنظيمي للقطاع المالي، مع دعوتهم إلى الانتباه إلى أن “المخاطر النظامية المحيطة بالنظام المالي تظل محدودة” بشكل يستدعي “مواصلة الرقابة على حجم الانكشافات في الميزانيات العمومية للمؤسسات المالية، خاصة المخاطر المرتبطة بالمناخ”.

ويرى مجلس الصندوق أن “إصلاح نظم الحماية الاجتماعية والصحة والتعليم سيُساهم في دعم عدالة الخدمات المقدمة وجودتها وتعزيز رأس المال البشري على المدى الطويل. ومن شأن إصلاح الشركات المملوكة للدولة وتفعيل صندوق محمد السادس وميثاق الاستثمار الجديد المساهمة في تشجيع الاستثمار الخاص وتوفير وظائف مستدامة. ولدعم النمو الممكن في المغرب، من الضروري مواصلة الجهود للحد من الاعتماد على الوقود الأحفوري، ومعالجة ندرة المياه، وتعزيز الحوكمة، والتصدي لعدم المساواة بين الجنسين”.

وبينما جرى التعبير عن التفاؤل “إزاء التقدم الذي أحرزته السلطات نحو استيفاء شروط اتفاق “تسهيل الصلابة والاستدامة”، رحب مسؤولو وخبراء البنك بـ”العمل الجاري على برنامج المياه الوطني والخطط الرامية إلى خفض الانبعاثات إلى مستوى الصفر الصافي بحلول عام 2050، مع التشجيع على “تنفيذ إجراء زيادة ضريبة القيمة المضافة على الوقود الأحفوري في الوقت المحدد، مع التخفيف من تداعياتها الاجتماعية”.

المصدر: هسبريس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *