اخبار المغرب

تقدُّم المغرب في مؤشر “تصنيف حرية الصحافة” يجلب ارتياح مهنيين وحقوقيين

حمل التخليد العالمي ليوم “حرية الصحافة”، الذي أقرته الأمم المتحدة، بشرى سارّة لمهنيي وممارسي “السلطة الرابعة” في المغرب، بعد أن حقق قفزة ملموسة بـ 15 مرتبة في التصنيف الجديد الخاص بوضعية الصحافة على المستوى العالمي للسنة الجارية، متبوّئا المركز 129 مقابل الرتبة 144 خلال تصنيف سنة 2023، وهو ما شكّل محط “ترحيب عام” من قبل فاعلين مهنيين وحقوقيين تحدثت إليهم هسبريس.

وقبل إفراج منظمة “مراسلون بلا حدود” عن تقريرها، الجمعة 3 ماي، كانت النقابة الوطنية للصحافة المغربية قد رصدت في تقرير سنوي حول “الحريات والحقوق الصحافية بالمغرب” (استبق صدور التصنيف وتناوَل الفترة بين مارس 2023 ومارس 2024) غياب أي اعتقالات لها علاقة بحرية الصحافة، مسجلة “عدم انتصاب مؤسسة النيابة العامة طرفاً مدنيا في مواجهة أي صحافي مهني أو أي منبر إعلامي”.

وضمن أبرز خلاصاتها أكدت نقابة الصحافيين أن “لا جهة رسمية تابعت صحافيا بسبب مادة إعلامية منشورة، مما يظهر التقدم على مستوى النضج المطلوب في تدبير ما يمكن أن ينشأ من خلاف بين المؤسسات الدستورية والصحافيات والصحافيين، إذ تلجأ هذه المؤسسات غالبا إلى بيانات توضيح أو تكذيب”؛ وهو ما قد يُسعف في تفسير تصنيف المنظمة الدولية غير الحكومية المذكورة.

في سياق متصل، جاء المغرب في “مؤشر السلامة والأمن للصحافيين”، المرفق بالتصنيف المذكور، الذي يقيس القدرة على تلقي المعلومات وجمعها ونشرها دون مواجهة خطر التعرض لأضرار ذات طبيعة مهنية، في الرتبة 123 عالمياً، متقدما بـ 16 مركزا مقارنة بالسنة الماضية، ومتجاوزا ليبيا ومصر، اللتين حلتا في الرتبتين 133 و166 على التوالي.

“مَغربة المبادئ الكونية”

تعليقاً على التصنيف الجديد وكيفية تقييمه لأوضاع “مهنة المتاعب”، أورد عبد الكبير اخشيشن، رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية، أن “النقابة طالما انتقدت مؤشرات المنظمات الحقوقية الدولية التي تعنى بحريات وحقوق الصحافة، إلا أننا نرحب، خاصة، بتصنيف هذا العام لأنه مؤشر يوفر بيئة تحفزنا على العمل أكثر لتجويد الأوضاع وتحسين ظروف الاشتغال داخل المؤسسات الإعلامية”.

اخشيشن لم يفته، في تصريح لهسبريس، أن يلفت الانتباه إلى أن “أغلب هذه المؤشرات تضع عادة معايير غير عادلة من حيث قياس مبدأي الحرية والتعددية المطلقيْن للممارسة المهنية في بلد ما، وهو ما ينعدم في حالات دول لا تتوفر حتى على الحس الديمقراطي”، رافضا المقارنات التي يمكن أن تتأطر في هذا الصدد.

وتابع قائلا: “علينا كمغاربة أن نؤمن بضرورة وحتمية إنتاج جواب مغربي خالص عن تكريس مبادئ كونية، لا سيما الحرية والاستقلالية، ليس من أجل الانتكاس إلى الوراء، بل بهدف أن نؤسس لتجارب نُنزل بها الأخلاقيات المهنية والحقوق والحريات الصحافية في بلادنا”.

واعتبر رئيس نقابة الصحافيين أن “تقرير النقابة يَشِي بملاحظة انتهاجنا معالجة مندمجة فيما يتعلق بحريات الصحافيين والحقوق، لكن مع الإشارة إلى أن جزءا من الأعطاب قد تأتي من طبيعة المهنة وكيفية ممارستها، سواء بين الصحافيين كأفراد أو في علاقتهم بالمؤسسات”، مبرزا أن “حكامة المؤسسات وكرامة الصحافيين واستقلالية عملهم قد تُجنّبنا ذلك”.

“عدم انتصاب النيابة العامة أو أي جهة رسمية ضد الإعلاميين ومؤسساتهم يعتبر أمراً إيجابياً”، يضيف المتحدث ذاته في نبرة تثمين لهذا المكتسب المحقق خلال سنة، عادّاً إياه “مؤسسا لبداية علاقة بين السلطة والمهنة بطبيعة ممارستها، على اعتبار أن الصحافي يتوفر على سلاح أخلاقيات المهنة”، داعيا إلى “تسوية الحوادث التي قد تطرأ على مبدأ حسن النية لدى الصحافي”.

وجدد اخشيشن مطلب وتوصية “إحداث غرفة مشورة خاصة في المحاكم القضائية تتفهم المهنة وتعقيداتها وتجعل منها مساهما في البناء الديمقراطي والتنموي”، وهو ما يجعل “البيئة مهنية وسليمة، وحتى في حال حدوث يسهل تجاوزها”.

“تحول نوعي”

من جانبه أشاد عادل تشيكيطو، رئيس العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، بحدوث “تحول نوعي في علاقة المؤسسات والأجهزة الرسمية بالصحافة في المغرب”، مشيرا إلى أن ذلك “تمظهَر على مستوى عدد الاعتقالات التي قلّت خلال هذه السنة إلى درجة أنها شبه منعدمة”.

وأضاف الفاعل الحقوقي، خلال إفادته لجريدة هسبريس، أن “ما أتى به تصنيف “مراسلون بلا حدود” يعدّ مكسباً مهما جداً”، داعيا إلى “وجوب توحيد المعايير للحكم على التصنيفات من هذا النوع، والتحلي بالصراحة والاعتزاز بالتقدم المحرز والواقعية لتصحيح الأخطاء في حال حدوث العكس (أي تقهقر الترتيب)”.

“بلادنا جاءت في منزلة متقدمة بين الدول العربية والإفريقية”، يسجل تشيكيطو في قراءته لتصنيف “مراسلون بلا حدود”، قبل إشارته إلى “استمرار بعض ممارسات الاعتقال، لكنها أخذت أشكالاً وأوجُهاً أخرى يصعب رصدها من قبل المنظمات الحقوقية”. وضرب مثالا على ذلك بـ”متابعة صحافيين بتُهم أخرى بعيدة عن مجال اشتغالهم، مما يشكل انتقاما من آرائهم وكتاباتهم”.

كما سجل أن “المحاكمات ما زالت مستمرة، بل الأنكى والأمرُّ أنها تتم وفق مضمون القانون الجنائي السالب للحرية، وهو ما نبّهنا إليه في حينه عبر مذكرات ومراسلات إلى هيئات معنية بالموضوع”.

في المقابل دعا الناشط الحقوقي نفسه إلى تدخل مؤسسة النيابة العامة لحماية المهنة من “مظاهر التشهير بالصحافيين النزهاء والمستقلين، التي تستهدف حياتهم الخاصة عبر وسائل بذيئة”.

وأشار إلى “أهمية تحقيق ما سبق للبحث عن تصنيف أفضل ضمن الدول المتقدمة، وهو ما سيشكل مصدر فخر واعتزاز لنا كمغاربة”، معرجا على مسألة “حتمية احترام المقاولات الصحافية لدفتر التحملات مقابل حصولها على دعم عمومي مباشر، وعدم جعل مَنح الإشهارات العمومية للإعلام آلية انتقائية للتطويع”.

المصدر: هسبريس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *