اخر الاخبار

في المغرب.. “السيادة” أهم من حياة المنكوبين

يعيش المغرب مأساة متعددة الأبعاد سببها الزلزال المدمر الذي ضرب مدينة مراكش وعددا من المدن والبلدات المحيطة، أسفر عن مقتل وجرح الآلاف وخسائر مادية مهولة كشفت عنها الصور القادمة من المغرب، لكن رغم حجم المأساة وهول الكارثة لايزال النظام المغربي يناور ويتاجر بآلام المغاربة، وتعامله مع اليد الممدودة الصادقة للجزائر عرى هذا النظام أمام الرأي العام الدولي. 

بعد أن أعلنت الجزائر عن فتح مجالها الجوي للسماح بمرور المساعدات الإنسانية للمنكوبين من أبناء الشعب المغربي وتعبيرها عن استعدادها الجاد لتقديم المساعدات الإنسانية والمساهمة في جهود الإنقاذ أمام عدم قدرة السلطات المغربية على إغاثة ضحايا الزلزال، تحركت بسرعة إثر إعلان وزير العدل المغربي عبد اللطيف وهبي قبول بلاده عرض المساعدة التي تقدمت بها الجزائر، وجهزت ثلاث طائرات، اثنتان منها معبأة بالمساعدات الإنسانية وثالثة تحمل 80 من أفراد الحماية المدنية مجهزين بكل الوسائل للمساهمة في جهود الإغاثة. عناصر أثبتوا بجدارة واستحقاق مهنيتهم ونجاعتهم خلال عمليات مماثلة نفذوها في مناطق مرّ بها الزلزال، على غرار تركيا وسوريا، ونالوا الإشادة وتقدير السلطات بالبلدين واحتفت بهم وبإنجازاتهم وسائل إعلام دولية.

ثلاث طائرات عسكرية كانت جاثمة بمطار بوفاريك ينتظر طاقمها الضوء الأخضر للإقلاع نحو المغرب المنكوب للتخفيف من وطأة آثار الزلزال وتقديم يد المساعدة والعون للأهالي، خاصة بالمناطق المعزولة على كثرتها، ممن ينتظرون في ظروف لا يتحملها بشر العون دون جدوى.

لكم رغم كل المجهودات التي بذلتها الجزائر عبر القنوات الرسمية ورغم حاجة المغرب الكبيرة للمساعدات، حيث أطلق الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب والهلال الأحمر، الثلاثاء، نداء عاجلا لجمع 112.3 مليون دولار لدعم ضحايا الزلزال، إلا أن الرد المغربي كان مخيبا. ففي بيان لوزارة الشؤون الخارجية والجالية الوطنة بالخارج، كشفت فيه تفاصيل المساعي الجزائرية والرد السلبي المغربي، أوضح أنه “في تصريح إعلامي يوم أمس، أول أمس الإثنين، أعلن وزير العدل بالمملكة المغربية قبول المساعدات الإنسانية المقترحة من قبل الجزائر، على أن يتم إيصالها بالتنسيق مع وزارة الشؤون الخارجية المغربية”.

وعلى “أساس هذا التصريح، أبلغت وزارة الشؤون الخارجية الجزائرية نظيرتها المغربية، عن طريق القنصلية العامة للجزائر بالدار البيضاء والقنصلية العامة للمغرب بالجزائر، بالتدابير التي اتخذتها الحكومة الجزائرية لتعبئة ثلاث طائرات ذات سعة كبيرة بغية نقل مساعدات إنسانية إلى المغرب تتماشى مع الاحتياجات الضرورية في حالات الكوارث الطبيعية. كما تواصل القنصل العام للجزائر بالدار البيضاء مع خلية الأزمة المنشأة على مستوى وزارة الشؤون الخارجية المغربية بغية ترسيم عرض الجزائر تقديم مساعدات إنسانية”.

وأشار البيان إلى أنه “في الوقت الذي استكملت العملية وبعد إلحاح من السلطات الجزائرية المختصة طيلة ظهيرة وأمسية البارحة الإثنين، تواصلت وزارة الشؤون الخارجية المغربية مع القنصل العام للجزائر بالدار البيضاء قبيل منتصف ليلة أمس، حيث أبلغ المدير العام لوزارة الشؤون الخارجية المغربية القنصل الجزائري بأنه وبعد التقييم فإن المملكة المغربية ليست بحاجة إلى المساعدات الإنسانية المقترحة من قبل الجزائر”. وختم البيان أن الحكومة الجزائرية “تأخذ علما بالرد المغربي الرسمي الذي تستخلص منه العواقب البديهية”.

الرد المغربي على العرض الجزائري بالمساعدة وتبرير رفضه كون عملية التقييم التي قامت بها السلطات المغربية بينت أنهم ليسوا في حاجة إلى المساعدات الجزائرية يحيل على عدة استنتاجات، من جهة يكشف عن تخبط في مراكز القرار ربما بسبب تعددها، فمن جهة قال وزير العدل إنهم قبلوا بعرض المساعدة الجزائري ومن جهة أخرى تنقل وسيلة إعلامية مغربية عن وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة يقول إن بلاده لم تقبل المساعدات الجزائرية.

والمبرر الذي ساقه النظام المغربي بأنهم ليسوا في حاجة إلى المساعدات بعد إجراء عملية التقييم مبرر يكذبه الواقع، فإلى حد الآن وبعد مرور حوالي 5 أيام من الكارثة توجد مناطق لم تصلها فرق الإنقاذ والإغاثة ولا يزال عدد غير معلوم من الضحايا تحت الأنقاض منهم من قضى ومنهم، والآمال ضعيفة، يتواجدون على قيد الحياة ينتظرون من يغيثهم لكن نجاتهم مرتبطة بعامل الوقت، ويبدو أن هؤلاء الغلابة سيدفعون حياتهم ثمنا للمواقف غير المسؤولة لسلطات بلادهم. الموقف المغربي الغريب ليس مع الجزائر فقط ولكن مع عدة دول أخرى أثار استغرابا دوليا حول سبب رفض المساعدة في وقت أظهرت الرباط عجزها الكبير في إدارة الكارثة. سيلفي برونيل، الرئيسة السابقة لمنظمة “العمل ضد الجوع” وأستاذة الجغرافيا في جامعة السوربون والمتخصصة في الشؤون الإفريقية، أرجعت في حوار مع جريدة “لوفيغارو” الفرنسية رفض المغرب طلبات المساعدة إلى كون “سلطات البلاد تريد الاحتفاظ بالسيادة وتريد أن تثبت أنها قادرة على قيادة عمليات الإغاثة بنفسها وليس التصرف كدولة فقيرة”. من حق المغرب أن يصون صورته ويحافظ على سيادته وأن لا يظهر في صورة الدولة الفقيرة وأن يختار بعناية الدول التي تساعده، لكن ليس من حق المغرب أيضا أن يمنع المساعدة عن المواطنين المتواجدين تحت الأنقاض يصارعون الموت ومصيرهم وبقاؤهم على قيد الحياة مرتبط بسرعة تنفيذ عمليات النجدة التي عجز المغرب أن يوفرها بإمكانياته الخاصة، لأن هنا السلطات المغربية وعلى رأسها محمد السادس تكون في حالة عدم تقديمها المساعدة أو تسهيل المساعدة لمواطنين في حالة خطر.

وعليه الملك محمد السادس برفضه المساعدات الجزائرية ومساعدات دولية أخرى، على غرار فرنسا والولايات المتحدة، يكون قد اقترف جرما قانونيا، إذ أن تصرفه يصنف كجريمة ضد الإنسانية، كونه حال دون إنقاذ مئات من الأرواح البشرية إن لم تكن الآلاف، خاصة أن مناطق سوى الزلزال بنايتها بالأرض لم تشرع بها حتى الآن عمليات الإنقاذ.

إن ملك المغرب الذي تبجح دائما باليد الممدودة وحرصه على الأخوة الجزائرية المغربية أظهر موقفه الغريب والذي لا يمت بصلة للقيم الإنسانية والأخلاقية والإسلامية في التعامل مع اليد الممدودة الحقيقية للجزائر، وظهر أنه لا يؤمن لا بالأخوة ولا بحسن الجوار وتنكر وأدار ظهره لكل الشعرات التي كان يرفعها في كل سانحة.

محمد السادس أقام الحجة على نفسه وعلى نظامه من خلال فعلته التي ستسجل كتب التاريخ أنه رفض المساعدة من بلد جار كان همه فقط إغاثة ضحايا مغاربة فشل النظام المغربي في إغاثتهم، وفضل أن يموت شعبه خدمة لحسابات سياسوية وأجندات انخرط فيها.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *