اخر الاخبار

سقوط آخر أوراق “التخلاط” في انتخابات “الفاف”

اضطر الأمين العام للاتحادية الجزائرية لكرة القدم إلى نشر بيان، أمس، على الموقع الرسمي للفاف، يُشعر فيه الرأي العام والإعلام وأعضاء الجمعية العامة بتغيير مكان انعقاد أشغال الجمعية العامة الانتخابية من فندق “ميركير” إلى المركز التقني بسيدي موسى.

المتأمّل لمجريات التحضير لانتخاب ثالث رئيس للفاف في نفس العهدة الأولمبية يقتنع تمام الاقتناع بأن ثمة مقاومة غير مسبوقة لـ “جناح” يشكّل تحالفا غير طبيعي بين مجموعة من الأشخاص، وقد عقد هؤلاء العزم على غلق الطريق أمام خيار التغيير ولو تحقق ذلك بثمين كبير، بدليل أن الالتفاف حول مزيان إيغيل وإعلان التصدي لترشح وليد صادي حمل في طياته مسلسلا من الصراع والإصرار على تقديم “مرشح المعارضة”، في مشهد تم تغييبه قسرا السنة الماضية حين كان أحد المرشحين للرئاسة هو جهيد زفيزف الحاصل على تزكية “الجناح” ذاته خلال تنافسه على “الكرسي” مع عبد الحكيم سرار، المحسوب وقتها على نفس جهة محمد روراوة، مثلما هو الحال بالنسبة للمرشح الوحيد حاليا وليد صادي المحسوب على نفس الرجل، محمد روراوة.

وقد دفع الوضع الجديد القائم، الذي أفضت إليه خسارة زفيزف المدوية في انتخابات عضوية المكتب التنفيذي للكاف، إلى قناعة السلطة بأن الكرة الجزائرية تسير نحو المجهول، وزاد الاقتناع أكثر بضرورة انتشالها من قبضة المغامرين، على الأقل من خلال “الانتباه” أكثر إلى “الجزئيات” التي، ربما، غابت عن السلطة فيما يتعلق بضرورة احترام الإجراءات القانونية في عملية تحديد هوية المترشحين لرئاسة الاتحادية، في ظل “المراوغة” التي كانت سائدة من القائمين على العملية الانتخابية، من حيث القراءة القانونية للمواد التي يكون فيها “التأويل” سيد الموقف لفائدة “مرشح” على حساب آخر، بما جعل الفاف، أمام بسط جناح معين سلطته على الجمعية العامة وعلى إدارة الاتحادية، رهينة “جماعة” كبيرة ضمت حتى مَن المحسوبين عنوة على الإعلام الرياضي، إلى أن بدا الوضع أخطر مما كان يتصوّره العقل.

ولم يكن الإصرار على فرض مزيان إيغيل مرشحا آخر بجانب وليد صادي، وبأية طريقة، ولو كان الرجل لا يستجيب لكل شروط الترشح المنصوص عليها في القانون الأساسي للفاف، وفي المرسوم التنفيذي للاتحادات 22/309، إلا مؤشرا قويا على أن “الجماعة” التي كبُرت وتغلغلت في المنظومة الرياضية بفاعليها وإعلامها والوسطاء فيها والمنتفعين منها، وبالذين يتم توظيفهم لتجاوز الخطوط الحمراء مع المدافعين عن القانون والرافضين لإبقاء المنظومة غارقة في الفساد الذي يخدم “جناحا” معينا، مستعدة لتمويل أكثر لأبواقها ولاستعمال أقوى لكل “الأسلحة” التي بحوزتها، حتى غير المشروعة منها، لمنع ميلاد العهد الجديد، أو على الأقل لضمان عدم وصول “المحسوب”، من منظورهم، على محمد روراوة إلى سدة الحكم على مستوى الفاف، حتى قدّم ذلك الإصرار الغريب دليلا قاطعا على أن ثمة من الفضائح الفظيعة ربما ما يحرص “الجناح” المنتفض على إخفائه عن الرأي العام وعن السلطات، بعدما تحوّل وضع “الاتحادية العالمية”، في ظرف قياسي، إلى حالة هوان غير مسبوقة.

والمخيف فيما يحدث، وقد أخذت انتخابات الفاف الجديدة أبعادا كبيرة من حيث المقاومة الشرسة والضرب تحت الحزام للصحفيين النزهاء والمحترفين، على قلتهم، وللمرشح الوحيد وحتى لممثل السلطة، أن تدفع “الرغبة الجنونية” لهؤلاء في التصدي للقانون والشرعية إلى الوقوع في المحظور، حتى أن خيار مسؤولي الاتحادية غير المسبوق بتنظيم الانتخابات بفندق، بدلا من مركز سيدي موسى، قدّم دلالات قوية بأن أيادي “الجماعة” طالت دواليب الحكم الحالية على مستوى الاتحادية، وقد جعلتها تسارع للخروج عن التقليد بجعل الانتخابات مفتوحة للجميع، من خلال إقامتها في فندق “ميركير” بعدما تم الإعداد لحجز غرف فيه للمشاكسين المعروفين، بهدف “التخلاط” أو لتخويف المنتخِبين والمرشح الوحيد.

سيحتفظ التاريخ للأسف، بمرحلة تعيسة من تاريخ الكرة الجزائرية التي بلغت بمعارضة مدفوعة من جناح للتصدي للتغيير، ولمنع الكشف عن صفحة قاتمة من التسيير، إلى أدنى درجات الانحطاط، حتى أضحت “المصلحة العليا للبلاد” آخر اهتمامات الذين يسمون أنفسهم “نخبة”، غير أن التاريخ سيحتفظ بالمقابل، لحسن الحظ، بحرص البعض على غلق الطريق أمام مخططات “الغلق” مع سبق الإصرار والترصد لكل تغيير من طرف هؤلاء، بعدما تم إسقاط آخر أوراق “التخلاط” وبالضربة القاضية، بمجرّد إعلان الفاف، أمس، مضطرة، وبطريقة رسمية، عن نقل مكان إقامة الجمعية العامة الانتخابية المقررة يوم 21 سبتمبر 2023 من فندق “ميركير” إلى المركز التقني لسيدي موسى، الذي لن يدخله سوى أعضاء الجمعية العامة ورجال الإعلام المعتمدين، دون المغامرين والانتهازيين والمهرّجين.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *