اخر الاخبار

اللوبي الصهيوني في فرنسا يشن حملة شيطنة ضد هؤلاء

عندما تلصق نفس “التهمة” بهوبير فيدرين ودوفيلبان وجون لوك ميلنشان، وهي “معاداة السامية”، فذلك لا يعني أن هؤلاء الثلاثة الذين يمثلون تيار اليمين واليسار الفرنسي هم الذين تغيروا سياسيا وإيديولوجيا، وإنما موقف الدولة الفرنسية هو الذي أضحى هجينا فجا ضيع توازنه وجذوره الديغولية وسقط في “الدعم اللامشروط”.

كان يكفي أن يقول دوفيلبان إن غزة أكبر سجن في الهواء الطلق في العالم حتى يصنف في خانة “الخونة” من قبل اللوبي الصهيوني عبر وسائل إعلامه في فرنسا ويتهم بـ”معاداة السامية”.

ولم يكن هوبير فيدرين أفضل حظا منه، حيث يواجه هو الآخر حملة من نفس المصدر ويوصف بشتى النعوت فقط لأنه قال إن المستوطنين في الضفة الغربية يعتدون على أراضي الفلسطينيين ويقومون بوضع “السم” في آبار مياههم وقتل أطفالهم. كان ذلك كافيا لهذين الدبلوماسيين المخضرمين أن يصنفا في الخانة الحمراء ويوضعا في القائمة السوداء المحظورة في بلاطوهات القنوات التلفزيونية، رغم أن جوهر تصريحاتهما هو من صميم موقف الرئيس الفرنسي الأسبق شارل ديغول، أب الدبلوماسية الفرنسية. فلماذا لم يتهم يوما ديغول بـ”معاداة السامية”، وموقفه الناقد لسياسة إسرائيل لم يستطع أن يساومه فيه أحد؟ لماذا تشن حملة شيطنة ضد دوفيلبان وفيدرين من قبل اللوبي الصهيوني وأذرعه الإعلامية رغم أن تصريحاتهما قليلة في وسائل الإعلام بسبب الحظر المفروض عليها؟ لم تكن تصريحات دوفيلبان أو فدرين صادمة، مثلما يحاول الترويج له وسط اللوبي الصهيوني، لسبب بسيط أنه من طبيعة الدبلوماسي أن يكون دبلوماسيا في اختيار كلماته، والمتحدثان هما دبلوماسيان مخضرمان من أجود ما أنجبته الدبلوماسية الفرنسية ما بعد ديغول، وهو ما يعني أن حالة الطوارئ في بيت اللوبي إياه، لكون تصريحاتهما تذكر الفرنسيين بالموقف المتوازن للدولة الفرنسية عبر التاريخ إزاء الصراع في الشرق الأوسط، الذي تم مصادرته كليا من قبل السياسيين الجدد في فرنسا، كما أن هؤلاء الدبلوماسيين بمثابة شهود عيان،على الانحراف الحاصل في الموقف الفرنسي الذي تخلى عن كل ثوابته التاريخية.

ولما يلتقي دوفيلبان وفيدرين، وهما من تيار اليمين، مع جون لوك ميلنشان الذي يمثل حزب اليسار الفرنسي في نفس الموقف مما يجري في غزة، وتوجه لهما نفس التهم من قبل اللوبي الصهيوني، فهو دليل آخر على أن موقف الدولة الفرنسية الذي كان يصنعه هذان التياران السياسيان لم يعد كذلك وتحول إلى تيارات أخرى، لذلك ظهر هجينا يتخبط في كل الاتجاهات فاقدا لتوازنه، وهو ما حذر منه 10 دبلوماسيين فرنسيين في الشرق الأوسط في رسالة إلى قصر الإليزي، منذ عدة أشهر، دون أن يلقى آذانا صاغية لدى الرئيس ماكرون.

من حق الكيدورسي أو الإليزي عدم مشاطرة رأي دبلوماسييه السابقين مواقفهم لأسباب عدة، لكن أن يترك رموزه يتعرضون لمثل هذا التشويه المتعمد من قبل اللوبي الصهيوني واتهامهم بشتى الأوصاف والنعوت، فهو سعي لتلطيخ صورة مستقبل فرنسا وإضعاف تأثيرها في الخارج قبل المساس بسمعة هؤلاء الدبلوماسيين، وهو الهدف المخفي الذي يريد تحقيقه منتقدوهم حتى يتم إفراغ الساحة منهم وإخضاعها لسيطرتهم كليا فيما بعد، من وراء مسح آثار الفكر الديغولي وصناعة رموز مسخ بديلة من أمثال ايريك زمور، بارديلا وايريك سيوتي لغلق الدائرة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *