اخر الاخبار

الجزائر ورهان التموقع كفاعل في مجال الهيدروجين الأخضر

موازاة مع الكشف عن اعتماد خارطة طريق لتطوير الهيدروجين الأخضر، والتحول كفاعل رئيسي، تسعى الجزائر مستندة إلى الإمكانيات التي تتمتع بها في مجال الطاقات البديلة، وخاصة الشمسية منها إلى تطوير إنتاج الهيدروجين الأخضر بتكاليف تنافسية، وهي مرشحة لأن تتحول إلى فاعل في القطاع، والانتقال إلى مجال التصدير إلى أوروبا، على خلفية شراكات يتم تجسيدها.

اعتمدت الجزائر خططًا طموحة للاستحواذ على حصة من سوق تصدير الهيدروجين الأخضر، الذي تعوّل عليه بصفته وقود المستقبل، من خلال تخصيص موارد مالية معتبرة لتطوير الإنتاج والتصدير، حيث قدرت هذه الموارد ما بين 20 و25 مليار دولار لاستغلال الهيدروجين الأخضر.

ويتمثل الرهان على تطوير الهيدروجين في تقديم حلول طاقة إضافية، مع التخطيط لتطوير تكنولوجيا نقل الغاز الطبيعي، علما أنه تم تشكيل في ماي 2022 لجنة وزارية لإعداد إستراتيجية تطوير الهيدروجين الوطنية، تضم عدّة قطاعات، هي الطاقة، والانتقال الطاقوي، والتعليم العالي والبحث العلمي، بالإضافة إلى الشركات الناشئة والمالية والمحافظة للطاقات المتجددة والفعالية الطاقية.

وتمتلك الجزائر إمكانات تؤهلها لتؤدي دورًا إقليميًا بارزًا في مجال الهيدروجين، لاسيما في مجال الطاقة الشمسية، والشبكة الكهربائية، والبنى التحتية الوطنية والدولية لنقل الغاز الطبيعي، التي يمكن استغلالها لتصدير الهيدروجين، فضلا عن مشاريع يتم بلورتها بما في ذلك مشروع أنبوب غالسي بين الجزائر وايطاليا الذي يتضمن جزءا خاصا بنقل الهيدروجين. وتوجه سوناطراك والشركة الجنوب إفريقية “ساسول”، إلى الاستثمار في مشروع مشترك لإنتاج الهيدروجين “منخفض الكربون” في صقلية بايطاليا؛

ويهدف المشروع إلى إنتاج 7800 طن سنويا من الهيدروجين مخفض الكربون، و25 ألف طن سنويا من غاز التخليق أو الغاز الاصطناعي ذي المحتوى الكربوني المنخفض، واحتباس وإعادة استغلال غاز ثاني أكسيد الكربون، باستخدام “الهيدروجين والغاز التخليقي” منخفض الكربون، المنتج من مصادر متجددة، لإزالة الكربون من عمليات الإنتاج.

 

سوناطراك على خط تطوير الهيدروجين الأخضر

 

ومن بين المشاريع التي تصبو سوناطراك إلى تطويرها، تلك المتعلقة بالهيدروجين الأخضر، إلى جانب الوقود الحيوي، وتطلق سوناطراك مشروعين لإنتاج الهيدروجين الأخضر والنقل عبر أنابيب الغاز.

وفي جويلية 2021، بدأت سوناطراك بالتعاون مع إيني الإيطالية خطوات تنفيذية للبدء في مشروع تجريبي لإنتاج الهيدروجين الأخضر. وتعتزم الشركتان بناء على الاتفاق الذي جرى توقيعه في مارس 2021، تعزيز التعاون التكنولوجي، مع التركيز على إنتاج الهيدروجين، حيث وقّعت سوناطراك مع إيني مذكرة تفاهم تتعلق بإنتاج الوقود الحيوي، وإنتاج الهيدروجين، والطاقات المتجددة، بهدف تكثيف الجهود للحد من انبعاث الكربون.

 كما أعلنت إيني وضع خريطة طريق للتقييم المشترك للجدوى الفنية والتجارية لمشروع تجريبي لإنتاج الهيدروجين باستخدام الكهرباء المولدة من مصادر متجددة (شمسية وطاقة الرياح)، مشيرة إلى أنه للحفاظ على إمدادات المياه في الجزائر، فإن المشروع يعتزم استخدام المياه التي تنتجها حقول النفط لعملية التحليل الكهربائي التي ينطوي عليها إنتاج الهيدروجين.

وفي أكتوبر 2022، تم الكشف عن توجه مجمع سوناطراك لإطلاق مشروعين نموذجين لإنتاج الهيدروجين الأخضر بجنوب البلاد في سنتي 2023 و2024. كما وقّع مجمع سوناطراك، في 20 ديسمبر 2022 بالجزائر العاصمة، مع شركة الغاز الألمانية “في أن جي آ جي”، على مذكرة تفاهم تهدف إلى دراسة إمكانيات التعاون لإنجاز مشاريع في مجال الهيدروجين والأمونيا الخضراء بهدف تصديرهما نحو ألمانيا.

وكشفت شركة ”ميدغاز”، أنها بصدد إجراء دراسات لتصدير الهيدروجين الأخضر من الجزائر عبر أنابيب الغاز إلى أوروبا، مشيرة إلى قيامها بدراسات لتصدير الهيدروجين من الجزائر نحو القارة الأوروبية باستخدام أنابيب الغاز المشتركة مع إسبانيا. وأضافت أن عمليات التصميم والبناء والتشغيل التي تخص خط أنابيب الغاز البحري الرابط بين الجزائر وأوروبا عبر إسبانيا، شركة ”ميدغاز” هي المسؤولة عنها. وستشرع ”ميدغاز” في هذا المشروع سنة 2023 من خلال دراسات فحص مدى توافق بنيتها التحتية مع تصدير الهيدروجين، وفقًا لنِسب متعددة من المزيج مع الغاز الطبيعي.

 

الجزائر ومزايا التحول لاستغلال الهيدروجين

 

تشير دراسات عن مركز تنمية الطاقات المتجددة وهيئات بحثية وطنية ودولية، إلى مزايا يمكن للجزائر الاعتماد عليها للتحول نحو استغلال الهيدروجين كناقل للطاقة النظيفة، في وقت تم التوقيع على اتفاق بين إيني وسوناطراك في أفريل 2022، الذي يشمل الطاقة الشمسية والهيدروجين والوقود الحيوي، واحتجاز وتخزين واستخدام ثاني أكسيد الكربون، فضلا عن إطلاق دراسات بين ناتو رجي الاسبانية وبلاك روك الأمريكية وسوناطراك، حول نقل الهيدروجين عبر أنبوب الغاز، يضاف إلى التعاون الجزائري الايطالي، ومشروع أنبوب الغاز غالسي الذي يتم تكييفه لنقل الهيدروجين.

بالمقابل، تم التوقيع على اتفاقية جزائرية ألمانية في ديسمبر2021، ركزت بشكل خاص على مشروع التكنولوجيا والتنمية الاجتماعية والاقتصادية في مجال الطاقات المتجددة والهيدروجين الأخضر، الذي تموله الوزارة الفيدرالية الألمانية للتعاون الاقتصادي والتنمية، وسيتم تنفيذه بالتعاون مع الوكالة الألمانية للتعاون الدولي.

وتفيد تقارير متخصصة أنه بإمكان الجزائر أن تصبح دولة منتجة موثوق فيها لطاقة المستقبل الهيدروجين الأخضر، وحتى الأزرق، سواء أتعلق الأمر بالتطبيقات المحلية أو التصدير نحو أوروبا.

وتسعى الجزائر إلى تطوير وقود المستقبل الخالي من الانبعاثات للوصول إلى الحياد الكربوني، من خلال فتح ورشة تخص الهيدروجين وإعداد إستراتيجية لتطويره، فضلا عن إعداد إطار تشريعي وتنظيمي ملائم، وتحديد القطاعات ذات الأولوية لاستعمال الهيدروجين، إضافة إلى تحضير وتأهيل رأس المال البشري والبحث العلمي، وإنجاز الدراسات اللازمة لبناء مشاريع تجريبية، والبحث عن طرق التمويل وتطوير علاقات وفرص التعاون الدولي.

وأعلنت شركة إيني عن تأسيس كيان جديد باسم “نيوكو” يكون مسؤولا عن إدارة تشغيل خط نقل الغاز بين الجزائر وايطاليا بحصة 50.1 بالمائة لشركة ايني، التي تناولت بالحصة المتبقية أي 49.9 بالمائة لشركة “سنام”، مع إمكانية استغلال البنية التحتية في شمال إفريقيا لتكون مصدرا للهيدروجين الأخضر إلى الأسواق الأوروبية .

ويراد أن يساهم الهيدروجين الأخضر في تعزيز أمن الطاقة، وتزايد أهميته بصفته مصدرًا للطاقة النظيفة في أوروبا ، مع الرغبة في تقليل الاعتماد على الغاز، أو ارتفاع تكلفة الهيدروجين الأزرق والرمادي، بالتزامن مع زيادة أسعار الوقود الأحفوري المستخدَم في الإنتاج أساسًا، وفق تقرير صدر عن شركة أبحاث الطاقة، ريستاد إنرجي.

وكشف تقرير لمنظمة الدول العربية المصدرة للنفط “أوابك” في 2022 انضمام الجزائر إلى قائمة الدول التي أعدت الإستراتيجية الوطنية للهيدروجين .

وقدرت الوكالة الدولية للطاقة القدرة الإنتاجية للدول الإفريقية للهيدروجين بـ 5 مليار طن، مشيرة إلى توفر الإمكانات لتوظيف الطاقات المتجددة، لما تزخر به الدول من مؤهلات منها تكلفة منخفضة، حيث لا تتعدى الدولارين للكيلوغرام، وهو ما يؤهلها للتحول إلى فاعل في بنية إنتاج الطاقة الجديدة، والسماح لها من بينها الجزائر بأن تتحول إلى مصدر للمادة باستخدام الطاقة المتجددة إلى شمال أوروبا وبأسعار تنافسية دوليًا آفاق 2030.

وقد أكد الرئيس عبد المجيد تبون، في فيفري 2022، على إمكانية أن تكون الجزائر فاعلًا أساسيًا في مجال الهيدروجين الأخضر، والقيام بدور رئيسي في مسار تحول الطاقة خلال السنوات المقبلة. وفي أفريل 2022، أكد محافظ الطاقات المتجددة والفعالية الطاقوية، نور الدين ياسع، أن الجزائر التي تتمتع بإمكانيات شمسية، قادرة على إنتاج الهيدروجين الأخضر بتكاليف تنافسية.

وتبلغ احتياجات الجزائر من الهيدروجين كطاقة بديلة، نحو 80 ألف جيغاواط في حدود 2030، وسط آمال بمرافقة أوروبا بالهيدروجين، كما رافقتها بالغاز الطبيعي. كما تعتزم الجزائر وضع مخطط آخر لدعم التخزين الضخم للهيدروجين والكهرباء المنتجة من الموارد المتجددة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *