اخر الاخبار

أسعار لا تعرف المنطق !

ارتفاع إلى مستويات قياسية وصادمة للمستهلك ثم هبوط حر بقدرة قادر، هو ما يلاحظ في الآونة الأخيرة على مستوى أسواق الخضر والفواكه، خاصة بالنسبة للفواكه الموسمية التي دخلت الأسواق الوطنية ملتهبة لولا نعمة الغيث الذي فرض منطقه أخيرا، لاسيما بعد تأثر كميات معتبرة من المحاصيل بمياه الأمطار.

يتساءل الكثير من المواطنين عن المعايير الحقيقية التي تتحكم في أسعار المنتوجات الفلاحية المحلية بغض النظر عن قانون العرض والطلب، كما يستغرب الكثيرون من بلوغ سعر المشمش، مثلا، 800 دينار رغم أنه منتج محليا ولا يتم استيراده من وراء البحار ومن هو المستفيد الحقيقي من هذا الارتفاع؟ وكيف لنفس هذه المنتوجات أن تنهار أسعارها في الأسواق الوطنية بين عشية وضحاها؟ وللإجابة عن هذه التساؤلات جست “” نبض بعض العارفين بخبايا السوق المحلية، الذين سلطوا الضوء على عدة عوامل جعلت الأسعار ترتفع بهذا الشكل الجنوني.

ويحاول المستهلك الجزائري هذه الأيام استغلال الظرف المناخي الاستثنائي الذي تعيشه البلاد بعد تسجيل تهاطل كميات معتبرة من الأمطار تراوحت بين 20 و40 ملم محليا وتعدتها إلى أكثر من ذلك في عدد من الولايات الوسطى على غرار تيبازة وبومرداس وڤالمة وميلة وسكيكدة، ولعلها كانت سببا مباشرا في انخفاض أسعار الخضر والفواكه في أسواق الجملة ومنها الأسواق المحلية، حيث تأثرت كميات كبيرة منها بالأمطار، ليجد التجار أنفسهم أمام ظرف زمني وجيز جدا لإخراجها إلى السوق الجوارية وبيعها للمستهلك قبل فسادها وتكبد خسائر مالية كبيرة جدا.

وحسب جولة استطلاعية قادت “” إلى عدد من أسواق التجزئة، فإن أسعار الفواكه على وجه الخصوص قد سجلت انخفاضا “تاريخيا”. فالخوخ الذي صدم الجزائريين بدخوله عتبة 1000 دج للكيلوغرام الواحد ها هو سعره يتهاوى بين عشية وضحاها إلى 200 دج للكيلوغرام الواحد في أجود نوعياته، بينما يتراوح سعر الكرز بين 450 دج و650 دج للكيلوغرام بعد أن تجاوز عتبة الـ1500 دج قبل أيام، ويستقر سعر الموز الذي طالما تم تبرير أسعاره المرتفعة بتكاليف الاستيراد المرتفعة عند 350 دج، وهو الذي كان لا ينزل سعر الكيلوغرام منه إلى ما دون 500 دج، وينهار سعر الجمبري بـ3000 دج في أقل من شهر واحد، لينزل إلى 2000 دج في سوق باش جراح الشعبي بعد أن كان يصل حدود 5000 دج، ويتهاوى سعر اللوز والجوز إلى 1300 دج بعد أن قفز قبل عيد الفطر المبارك إلى 2200 دج.

 

فوضى كبيرة يعيشها السوق

 

انفلات سهم الأسعار بين ارتفاع وانخفاض مفاجئ يراه العديد من المتابعين مؤشرا سلبيا يفضح اختلالات عميقة في القطاع تتكرر بموجبها وفي كل مرة سيناريوهات الندرة والغلاء والكساد.. اختلالات هي بحاجة اليوم إلى إعادة النظر في هذه الدائرة الاقتصادية التي تعني بالدرجة الأولى غذاء الجزائريين وقوت أبنائهم.

فالانخفاض المفاجئ بعد التهاب الأسعار لا يعود لكون الأمور عادت إلى نصابها ولا يعود لكون الظروف باتت مواتية للتجار لممارسة نشاطهم في هذه المجال بعيدا عن البزنسة، ولكن لعوامل خارجة عن إرادة الجميع، تعلقت أساسا بحالة الطقس الاستثنائية التي تمرّ بها الجزائر، التي استدعت “التخلص” سريعا، إن صح التعبير، عن المنتوج قبل فساده، ولعل ما نشاهده يوميا عبر مواقع التواصل الاجتماعي من كميات كبيرة جدا من الفاكهة التي يتم رميها في المزابل بعد تلفها لخير دليل على عدم خضوع النشاط لقانون السوق وإنما لأهواء الوسطاء والمضاربين، مع سوء تقدير وقصور في الرؤية، في ظل صمت مريب للقطاعات الوصية.

 

“خفافيش” الظلام و”أشباح” يتحكمون في السوق!

 

مهما ارتفعت تكاليف الإنتاج الفلاحي وزادت مصاريف النقل، إلا أن ذلك لا يبرر ارتفاع سعر الفواكه المنتجة محليا إلى هذه المستويات الخيالية، ما يؤكد أن أيادي خفية لها دور في غلاء الأسعار بشكل رهيب، ومن هذا المنطلق يتساءل العديد من المواطنين عن دور الرقابة القبلية والبعدية لسير عملية تسويق المنتوجات الفلاحية، وذلك لتحديد الحلقة التي تقف عندها أسباب ارتفاع الأسعار، خاصة أن العديد من المتابعين يوجهون أصابع الاتهام إلى من تتم تسميتهم حاليا بـ”أشباح السوق” أو “الخفافيش”، الذين ليس لهم أي علاقة بالمنتوج الفلاحي سوى أنهم اليد المتحكمة في السلعة بمجرد دخولها أسواق الجملة، وقبل حتى أن يتبيّن الخيط الأبيض من الأسود من الفجر وقبل وصول التجار الحقيقيين. فالعارف بخبايا أسواق الجملة بات يعرف جيدا هذين المصطلحين، فعلى الساعة الثانية صباحا يقف هؤلاء الوسطاء على السلع قبل نزولها من الشاحنات، فيقتنوها بأسعار منخفضة ثم يبيعونها لأشخاص آخرين، وببلوغ الساعة الرابعة فجرا تكون السلع قد اشتريت وبيعت أكثر من ثلاث مرات وبالتالي يتضاعف سعرها.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *