خطوات عملية لترتيب انتقال السلطة في إيران

بعد مرور نحو 12 ساعة على سقوط مروحية الرئيس الإيراني، في منطقة وعرة قرب الحدود مع أذربيجان، بسبب سوء الأحوال الجوية والضباب الكثيف، أكدت السلطات، فجر أمس، وفاة إبراهيم رئيسي، ووزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان، إضافة إلى آخرين، بينما وقف أعضاء مجلس الأمن دقيقة صمت، حداداً.

وفي حين أمر رئيس الأركان محمد باقري بإجراء تحقيق في تحطم مروحية المرشح المحتمل لخلافة المرشد الأعلى السيد علي خامنئي، بدأت السلطات الرسمية، باتخاذ خطوات عملية لترتيب انتقال السلطة على مستويي رئاسة الجمهورية ووزارة الخارجية، وأعلنت هيئة الانتخابات الإيرانية أنه تم تحديد 28 يونيو المقبل كموعد لإجراء الانتخابات الرئاسية بشكل مبدئي.

وفي السياق، كلّف خامنئي، النائب الأول لرئيس الجمهورية محمد مخبر، بتولي مهام الرئاسة.

وينصّ الدستور الإيراني على أن يتولّى النائب الأول لرئيس الجمهورية مهام الرئيس في حال الوفاة، على أن تُجرى انتخابات رئاسية في غضون 50 يوماً بعد الوفاة.

وقال المرشد الأعلى في أول تعليق له بعد إعلان وفاة رئيسي رسمياً «التزاماً بالمادة الـ131 من الدستور، يتولى مخبر رئاسة السلطة التنفيذية»، لافتاً إلى أنه يتوجب عليه، بحسب القوانين النافذة، العمل مع رئيسي السلطتين التشريعية والقضائية لإجراء انتخابات رئاسية جديدة «في مهلة أقصاها 50 يوماً»، معلناً خمسة أيام حداد.

ويعتبر مخبر، مثل رئيسي، من المقربين من خامنئي.

كما عيّن مجلس الوزراء، نائب وزير الخارجية علي باقري كني وكيلاً لأعمال الوزارة، بينما ستقام مراسم تشييع الرئيس الراحل، غداً في طهران.

إلى ذلك، ذكر التلفزيون الإيراني، أن رؤساء السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية عقدوا اجتماعاً استثنائياً كان فيه مخبر ممثلاً للسلطة التنفيذية.

وأكد مخبر: «سنسير على درب الرئيس رئيسي في إنجاز المهمة الموكلة من دون خلل».

وأعلن المجلس الإستراتيجي الإيراني للعلاقات الخارجية، إن مسار السياسة الخارجية سيستمر «بكل قوة بتوجيهات» من خامنئي.

وعثرت فرق البحث فجر أمس، على حطام متفحم للمروحية بعد عمليات بحث مكثفة خلال الليل في ظروف جوية صعبة وعواصف ثلجية.

وأظهرت صور نشرتها «وكالة إرنا للأنباء» عاملين في الهلال الأحمر وهم يحملون جثة مغطاة على محفة.

وكان على متن المروحية، إضافة إلى رئيسي وعبداللهيان، إمام الجمعة في مدينة تبريز علي آل هاشم، ومحافظ أذربيجان الشرقية مالك رحمتي، ورئيس الفريق الأمني للرئيس مهدي موسوي، وأيضاً طيار ومساعده، وتقني طيران.

وأشارت «إرنا» إلى أن الطائرة سقطت «في غابات ديزمار الواقعة بين قريتي أوزي وبير داود بمنطقة ورزقان في إقليم أذربيجان الشرقية» لدى عودة الرئيس من زيارة رسمية لمنطقة على الحدود مع أذربيجان.

ورجح بعض المحللين أن تكون المروحية اصطدمت بأحد الجبال، وسط الضباب الكثيف وصعوبة الرؤية، لاسيما بعدما أظهرت الصور الأولية للطائرة احتراقها بشكل شبه كامل.

من جانبها، قدمت الولايات المتحدة «تعازيها» برئيسي، مستبعدة ان يكون لهذا الامر «تأثير اوسع نطاقاً على الامن الاقليمي».

وقال وزير الدفاع لويد أوستن إنه ليس لديه أي معرفة بسبب تحطم المروحية، مشيراً إلى أن واشنطن لم يكن لها دور في سقوطها.

وفي القدس، قال مسؤول إسرائيلي لـ «رويترز»، أمس، إن لا علاقة لبلاده بتحطم المروحية. وأضاف بعد أن طلب عدم ذكر اسمه، «لم نكن نحن».

إلى ذلك، توالت ردود الفعل على مصرع الرئيس الإيراني.

وأوردت «وكالة واس للأنباء» نقلاً عن الديوان الملكي، أن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بعث «برقية عزاء ومواساة لرئيس السلطة التنفيذية بالإنابة محمد مخبر، في وفاة الرئيس إبراهيم رئيسي، رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ومرافقيه».كما أرسل ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان برقية مماثلة لمخبر تحمل «أحر التعازي وأصدق المواساة».

وقدّم رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان «خالص العزاء وعميق المواساة للجمهورية الإسلامية الإيرانية قيادة وشعباً»، مؤكداً «تضامن الإمارات مع إيران في هذه الظروف الصعبة».

كذلك، عبّر أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني عن «صادق التعازي» للجمهورية الإسلامية «حكومة وشعباً».وأعرب العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة «عن خالص التعازي وعميق المواساة» للمرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي والشعب الإيراني.

كما بعث سلطان عُمان هيثم بن طارق «برقية تعزية ومواساة» إلى قادة إيران.وأعرب الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي جاسم محمد البدوي عن «أحر التعازي وصادق المواساة إلى حكومة شعب جمهورية إيران الإسلامية».

وأكّد تضامن مجلس التعاون مع الجمهورية الإسلامية «في هذه الظروف العصيبة».كما قدّم الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي حسين إبراهيم طه «خالص تعازيه».

وتقدم الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، «بخالص التعازي والمواساة إلى الشعب الإيراني الشقيق»، معرباً «عن تضامن مصر مع القيادة والشعب الإيراني في هذا المصاب الجلل».

وأعلن الكرملين أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أجرى اتصالا هاتفياً مع الرئيس الإيراني الموقت وأكدا خلاله «عزمهما المشترك لتعزيز التواصل الروسي الإيراني».ونقلت وكالة الإعلام الروسية عن نائب وزير الخارجية أن موسكو تتوقع تنفيذ جميع الاتفاقيات مع إيران.

ومن لبنان إلى العراق مروراً بسورية واليمن، نعى حلفاء إيران المنضوون في ما يسمّى بـ«محور المقاومة» الرئيس إبراهيم رئيسي، مشيدين بخطّه المناهض لإسرائيل وحلفائها.ووصف المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، وهو جماعة معارضة في المنفى، وفاة رئيسي في بيان بأنها «ضربة استراتيجية هائلة لها الكثير من العواقب والتبعات».

ظريف يُحمّل واشنطن المسؤولية

حمّل وزير الخارجية الإيراني السابق محمد جواد ظريف، الولايات المتحدة «مسؤولية» سقوط مروحية الرئيس إبراهيم رئيسي، بسبب العقوبات على قطاع الطيران في إيران، بحسب «وكالة إرنا للأنباء» الرسمية.

يذكر أن المروحية التي كانت تقل رئيسي، أميركية من طراز «بيل 212».

محمد مخبر

بصفته الرئيس الموقت، سيكون محمد مخبر واحداً من ثلاثة أعضاء في مجلس يضم أيضاً رئيس البرلمان ورئيس السلطة القضائية ويتولى تنظيم إجراء انتخابات رئاسية جديدة خلال 50 يوماً من وفاة الرئيس. أصبح مخبر النائب الأول للرئيس في 2021 لدى انتخاب رئيسي لشغل منصب الرئاسة.