اخر الاخبار

“روسيا غير مستعجلة على الحسم العسكري للحرب”

استبعد  الدكتور  عمار قناة أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة سيفاستيول الروسية وقوع  مواجهة عسكرية بين روسيا والولايات المتحدة يعني حرب عالمية ثالثة  وحسبه لا موسكو ولا واشنطن يريدان هذه المواجهة، واعتبر المتحدث في حوار مع ” ”   أن الأزمة لم تكن من البداية روسية أوكرانية بل  أزمة أو صراعا جيوسياسيا، واعتبر أن  الكتلة الأوروبية تعد أكبر خاسر في هذه الحرب، وهي تواجه اليوم  خطر انتقال الحكم من النخب الليبرالية إلى النخب اليمينية .

 وتحدث الدكتور عمار قناة عن مسارات الحرب والحل ومكانة أوروبا في المنظومة العالمية التي تحولت إلى منظومة متعددة الاقطاب، مشيرا إلى ان مفاوضات الحل ستكون بين روسيا والصين والولايات المتحدة  بدون اوروبا التي فقدت مكانتها الجيوسياسية، كما يتوقف عند أهمية موقف الصيني من الحرب ودورها في المنظومة الدولية مستقبلا.

  

بعد عام من انطلاق  الحرب في أوكرانيا ما هي قراءتكم  لحصيلتها وانعكاساتها على  روسيا؟

الهدف الأساسي بالنسبة للغرب  كان انهاك وتدمير روسيا اقتصاديا الأمر الذي دعا الطرف الأوروبي الألماني والفرنسي في التمادي في البداية مع القرار الأمريكي، ولم يتوقعوا صمود الإقتصاد الروسي بهذه الطريقة، فما كان إلا التوجه إلى تفعيل أوراق أخرى وهي الورقة العسكرية، لكن  الكل يعي تماما بأنه كما قال الرئيس بوتين أن هزيمة روسيا في المعارك ضربا من ضروب الخيال، فهنا بدأنا نلمس مسألة التورط أولا الأوروبي  والأمريكي في هذا الصراع.

 إن كنا نتكلم في البداية عن ائتلاف غربي فاليوم نتكلم عن ثلاث تكتلات داخل هذا الائتلاف الغربي، أولا الكتلة  الانغلوسكسونية بقيادة الولايات المتحدة،  كتلة أوروبا الغربية بقيادة فرنسا وألمانيا وكتلة أوروبا الشرقية بقيادة بولندا ومعها دول البلطيق،  وهنا بدأنا نلمس التناقضات والتباينات في التعاطي مع هذه الأزمة . وإلى غاية الآن لا يبحثون عن كيفية الخروج من الحرب  فوضعوا مسألة هزيمة روسيا إستراتيجيا، وهنا نعود لنؤكد بان الأزمة لم تكن من البداية روسية أوكرانية بل  أزمة أو صراعا جيوسياسيا.

صراحة كنا نعول على البراغماتية الأوروبية لكنها كانت أضعف من القرار الأمريكي، فالمرحلة القادمة والتي ستشكل خطورة على المنظومات الأوروبية بالذات، وهي انتقال السلطة  من النخب الليبرالية الحالية إلى النخب اليمينية المتطرفة، وهذه المسألة لن تصب في مصلحة الاتحاد الأوروبي وأيضا في علاقته مع الولايات المتحدة سياسية كانت أو اقتصادية.

  ثانيا اليوم من خلال التقييمات، فمسألة مد أمد الأزمة  بعدما كانت في البداية تصب في المصلحة الغربية، بعد ستة أشهر في اعتقادي أنها انعكست وبدأت تصب في مصلحة روسيا، وعليه نرى أن روسيا هي ليست في عجلة من أمرها في مسألة الحسم العسكري  فالمساران اليوم العسكري والسياسي يسيران بخطوط متوازية ويعتمد أحدهما على الآخر، فهنا بدأ الارتباك والخلل يظهر في الأداء الأوروبي أولا من خلال الأزمة الاقتصادية، ثانيا من خلال الدعم العسكري، فلا أحد كان يتصور بأن تكون هناك معضلة وأزمة جديدة للاتحاد الأوروبي و للناتو بنفاذ الذخائر من المخازن الإستراتيجية،  فإذا ما العمل؟،  الكل يتوجه إلى التفعيل التصنيع العسكري  وفي هذه المسألة يربح الطرف الأمريكي ومجمعه الصناعي العسكري.

 

  ما موقع الصين من الحرب وأي تداعيات على المنظومة الدولية؟

كل هذه الأمور أراها فقط في المنظور التكتيكي وليس الاستراتيجي، ما زلنا نتكلم عن هذا الصراع دون النظر إلى الأطراف الأخرى أو الطرف الصيني الذي  رأيناه وفي بداية الأزمة يتبع سياسة الحياد الإيجابي لكن هذا الحياد ممكن أن يتغير ونراه يتفعل إلى حالة الاصطفاف النسبي مع مع روسيا، لأن المخاطر وما تشعر به الصين اليوم إزاء السياسة الخارجية الأميركية يهدد أيضا منظومة القومية الصينية.

  فلذلك القراءة الخاطئة وعدم الرؤية الاستراتيجية الواضحة لدى الغرب وخاصة الولايات المتحدة في التعاطي مع روسيا ومع الصين في نفس الوقت، هو ما أدى بنا اليوم إلى ما نعتبرها كارثة،   لأن تبعات هذه العمليات العسكرية تنعكس اقتصاديا على العالم بشكل عام ،  فلذلك اليوم نحن في أعقاب المرحلة الجديدة وممكن رسميا يعني الانتقال الفعلي من أحادية القطبية إلى التعددية القطبية،  هذه المسألة باتت واضحة جدا وليس بناء على الطرح الروسي.

 هذه المتغيرات الجيوسياسية والانتقال إلى هذه المنظومة الجديدة، تكون فقط ضمن المفهوم الجيوسياسي، لكن ارتباطاتها مباشرة بالمنظومة الجيواقتصادية فلذلك  نرى اليوم انكماش للولايات المتحدة في الهيمنة على العالم،   مقابل التوجه الروسي والصيني وأيضا بلدان عدة في التبادلات البينية بالعملات المحلية وإضعاف الآلة الأساسية  في السياسة الأمريكية الخارجية أو المنظومة الدولارية.

هناك ائتلافات أيضا لا يستهان بها عندما نتكلم ائتلافات جيوسياسية، على غرار منظمة شنغهاي للتعاون، ومجموعة “بريكس” التي من الممكن  من خلالها تغيير المنظومة الاقتصادية الدولية، والعالم مقدم على الانتقال من المعادلة البحرية الدولية إلى المعادلة البرية والتي هي مرتبطة بالمشروع الصيني  أي مشروع الحزام والطريق.

 

في تقديرك إلى أي حد حققت روسيا أحداثها التي أعلنت عنها منذ بداية العملية العسكرية؟

فيما يتعلق بالأهداف الروسية التي وضعت هنا يجب النظر إلى أن الأهداف تتحقق شيئا  فشيء، لكن هناك الكثير مما طرأ خلال هذه العملية العسكرية  خلال الفترة الزمنية الماضية، وكان التعاطي الروسي ليس بمفهوم ردة الفعل لكن التجاوب مع التصعيدات التي أقدمت عليها المنظومة الغربية،  على سبيل المثال قبل بدء العملية العسكرية، روسيا بعد فشل الاجتماعات الحوارية الثلاثة ما بين روسيا وحلف الناتو، روسيا والاتحاد الأوروبي وروسيا والولايات المتحدة حول الضمانات الأمنية التي طالبت بها، لم يتم الدخول في هذه العملية العسكرية لكن روسيا اعترفت باستقلالية  دونتسك ولوغانسك،  فكانت بمثابة رسالة توجهوا إلى العقلانية دعونا لا  نبدأ بمثل هذه المسارات، فكان التصعيد  بأن بدأت أوكرانيا بالقصف العسكري للوغانسك ودونتسك، وبدأت العملية العسكرية.

 كانت هناك بداية مفاوضات في شهر  مارس واعني مفاوضات مينسك والتي من خلالها  اعترف  الاوكران جزئيا بأن جزيرة القرم بأنها روسيا، لكن هنا  جاء التدخل الأمريكي لأن الاتفاق لم يكن في مصلحته، فبعد التصعيد العسكري ودفن مفاوضات أسطنبول، وعليه توجهت روسيا إلى التصعيد  كخطوة  وأعلنت الاستفتاء وضمت مقاطعات خيرسون  وزبروجيا إلى روسيا.

وهنا أيضا لا ننسى  عند الحديث عن المفاوضات السياسية لماذا الغرب  يتجاهل المرسوم الجمهوري الذي أصدره الرئيس زيلينسكي بمنع المفاوضات مع روسيا .

  وهنا نعود إلى الأهداف العسكرية  وهي تحييد أوكرانيا عن حلف الناتو نرى أنها تتحقق نوعا، أما فيما يتعلق بتدمير الآلة العسكرية وعدم جعل أوكرانيا مركزا يعني عسكريا يهدد الأمن القومي الروسية هذه أيضا تتفعل، وأيضا  القضاء على معاقل النازية نراها جزئيا أيضا تتحقق، لكن الهدف الأساسي وهو حماية سكان الدنباس وهذه أيضا هي في السياق لغاية الآن.

ومن المبكر اليوم الحديث   عن النصر أو الانتصار  لاننا هنا ندخل  في متاهة أخرى، لأنه لم يكن هناك من الأساس هدف معلن وغير معلن لروسيا باحتلال على سبيل المثال أوكرانيا أو إسقاط النظام السياسي كما ادعوا،  لأن إسقاط النظام السياسي يصب في المصلحة الروسية، ونحن نتعامل مع فراغ دستوري فكيف أيضا التوصل إلى حلول.

 

لكن كان فيه حديث  روسي عن إسقاط وتحييد النازيين من الحكم في أوكرانيا؟

نعم لكن هنا يجب عندما نتكلم عن النازية يعني أن نازية هي ليست فقط نخبة سياسية،  النازية هي فكر هي منظومة  وهي لا تبتعد كثيرا عن المنظومة الداعشية بآلية الفكر،  يمكن أن تكون سلطة معلنة، لكن هناك الفكر وهذا الفكر وللأسف الشديد الذي بدأ أيضا في الظهور في المنظومة المجتمعية الأوروبية،  نحن نتكلم عن النازية الجديدة  كفكر هي مرفوضة، لكننا نرى ممارسات وهنا الخطورة  وهذه الممارسات  نرى مدى تطورها في المراحل القادمة.

 

 لكن ليس من السهل القضاء على منظومة فكرية قائمة في بلد ما..

 القضاء على المنظومة الفكرية هناك خبرات  على سبيل المثال توفير منظومات أخرى ثانيا مسألة الوعي ثالثا تجفيف مصادر التمويل لأن السؤال المطروح من مول هذه التنظيمات النازية؟

 

 في تقديركم ما الذي أنجزته روسيا إلى حد الان منذ بدء الحرب ؟

بالمجمل بخصوص ما تم انجازه اليوم في الشق السياسي  أرى أن  روسيا تتقدم يعني شيئا  فشيئا  ووصلت  إلى مرحلة 60 بالمائة من أهدافها ، أما على الصعيد العسكري أراها تتجاوز تقريبا ال70 بالمائة  أما على الصعيد الجيوسياسي أراها  حققت أكثر من  70 بالمائة من الأهداف فلذلك نرى هذا الاستعار في المنظومة الغربية بضرورة تسريع التسليح لتجنب الهزيمة. لأنه اليوم يبحثون عن أي شيء ليصدروه إعلاميا فهم يعملون على  مفهوم “الأكشن” في الإعلام يجب تصديره لتثبيت مواقف الدول الغربية من هذا الدعم والتسليح.

 

 هذا من ناحية ما حققته روسيا، لكن ماذا عن خسائرها وما لم يتحقق؟ 

 هناك خسارة اقتصادية لا يمكن التغاضي عنها، لكن يجب ان ننظر إليها من الجانب الايجابي في المرحلة القادمة،   من خلال التركيز على الاقتصاد الداخلي أولا وثانيا التوجه إلى أسواق جديدة والتعامل بالعملات المحلية،  وثانيا العلاقات التجارية مع الأسواق الصينية والباكستانية والهندية وعدم الاتكال على الموارد المالية من تصدير الطاقة إلى أوروبا، هذا ما يتعلق يعني في ثانيا يعني في المجال العسكري أيضا هناك إيجابيات وسلبيات لأنه تستنزف الطاقات البشرية والتسليحية لكن هناك مكتسبات  في ة والتعاطي في المجال العسكري، ولأول مرة في التاريخ  يظهر سلاح جديد وهو فعال   ونتحدث هنا عن المسيرات أو الدرون التي لم تكن تستخدم فهذه أيضا يعني تسجل لجميع الأطراف.

 ولا ننسى اليوم ان أوكرانيا كساحة معركة هي ساحة اختبار لجميع الأسلحة هذه مسألة لا يمكن تجاوزها.

 

وما هي خسائر روسيا جيوسياسا؟

جيوسياسيا لا أرى إلى غاية اليوم هناك خسائر، على سبيل المثال محاولات الغرب عزل  روسيا ليس فقط عن إقليميا ولكن عن العالم ومحاولات لإظهار أن هناك مجتمع دولي وروسيا باءت بالفشل لأن الكل يعلم اليوم أن هناك روسيا وهناك الصين وهناك المجتمع الغربي وهناك المجتمع الآخر وهو الذي يعني أكثر.  فلذلك يعني على المنظور الجيولوجي من المبكر الحديث اليوم عن مسألة  النصر أو الهزيمة ما دامت الولايات المتحدة لغاية الآن هي تقود هذا الائتلاف وتحاول وتستخدم كل الآليات لإضعاف روسيا والصين.

 ومنذ البداية قلناها أن من الأهداف الاستراتيجية الأميركية هي اضعاف روسيا والاتحاد الأوروبي في نفس الوقت،  قبل بدء العملية العسكرية.

 

 أي مسار تتوقعونه للحرب؟  هل نتجه نحو توسيع جبهة الحرب أو نحو التوصل إلى حل ينهي هذه الحرب؟ انطلاقا من المعطيات على الأرض.

لا توجد في المنظور القريب مؤشرات تدفع نحو الحل السياسي،  لكن بخصوص المسار العسكري أرى أن روسيا مستمرة بغض النظر عن السقوف الزمنية، لكن تحرير أولا المناطق التي ضمت إلى روسيا بالكامل، والمرحلة الثانية،  وهذا من وجهة نظري الشخصية،  التقدم في العمق الأوكراني مسافة لا تقل عن 100 كم لحماية المناطق التي قد ضمت إلى روسيا، ومن هنا يمكن لروسيا أن تبدأ في حوار سياسي  وتكون  قد أمنت المناطق والحدود الروسية من أي هجوم عسكري.

 

 يعني في حال تأمين هذه الحدود لا يهم روسيا من سيحكم أوكرانيا  مع إمكانية انضمام  أوكرانيا للحلف الأطلسي؟

 هناك أسئلة كثيرة فيما يتعلق بالمعادلة الإقليمية ومستقبل أوكرانيا،  استمعنا إلى الكثير من التقارير، منها الاستخبارية ومنها السياسية حول المطامع البولندية وهي ستكون الثمن الذي سيدفع لبولندا على ما قدمته،  وهي اقتطاعها منطقة غرب أوكرانيا وهذه المنطقة ولا ننسى أنها كانت ضمن نطاق كانت الإمبراطورية البولندية وقد حررها وضمها  ستالين لأوكرانيا عام 1938 والذي يعتبر بالنسبة للنازيين العدو الأكبر، مع أنه هو من حرر  هذه المناطق  ويعتبر ذلك من المفارقات.

فلذلك مستقبل أوكرانيا سيعتمد على عوامل عديدة منها ما سيطرأ في المفاوضات،  ليس مفاوضات ما بين روسيا وأوكرانيا بل أعني المفاوضات الدولية، وهنا على الطاولة أرى فقط ثلاثة أطراف روسيا الولايات المتحدة والصين، أما أوروبا قد فقدت  مكانتها الجيوسياسية في المعادلات القادمة.

 

واي موقع للحل السياسي للحرب في الوقت الراهن؟

لكن  إلى غاية الآن فكرة الحل السياسي هي طبعا لم تنضج لدى الولايات المتحدة لأنه لا توجد خيارات ولا يمكن الحديث عن أي حل سياسي مع وجود إدارة ديمقراطية في البيت الأبيض اليوم.

 

 هل تتوقع مواجهات عسكرية بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية؟

أستثني هذا واستبعده لأنه لا روسيا تريد  الحرب  ولا الولايات المتحدة،  أي مواجهة ما بين الدولتين نحن نتكلم عن حرب عالمية ثالثة لا يوجد فيها رابح بل الكل خاسرون.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *