اخبار

لماذا نسمح للفضائيات أن تحدد لنا مواقفنا؟

16 أبريل 2024آخر تحديث :

_ الكاتب: باسم برهوم – متابعة الأخبار وما يجري من حولنا هو أمر في غاية الاهمية. ومن المفيد أن نتابعها من أكثر من مصدر بهدف التأكد من صحة المعلومة قدر الامكان، ولكن المهم ايضا ألا يسمح المرء لأي قناة إخبارية أو أي مصدر اخباري للسيطرة على عقلة ووعيه، أو أن تحدد له مواقفه، فالوعي والموقف يصاغان وتبنى بالمعرفة من خلال إدراك عميق لمصلحة الوطن والشعب معا، وما يخدم بالفعل قضيتنا الوطنية المركزية، وليس من يستخدمها لصالح أهدافه ومصالحه. قد يبدو ذلك صعبا ويحتاج إلى جهد استثنائي، ولكن إذا كنا نريد أن نكون أشخاصا معرفيين ولا نسمح لأحد أن يسيطر على عقلنا ووعينا، فالجهد مطلوب وضروري لأن الجهل كان ولا يزال أحد أخطر مصادر نكباتنا وتعثرنا.

ولعل الأكثر خطورة، وما يثير الدهشة والاستغراب أن يدمن البعض على قناة إخبارية بعينها وكأنها وحدها مصدر الحقيقة، والظاهرة التي يمكن اعتبارها مشكلة جدية، هي أن ينقسم المجتمع الفلسطيني، او المجتمعات العربية حول قنوات. على سبيل المثال “جماعة قناة الميادين”، أو “جماعة الجزيرة” او “قناة العربية”، مع الاحترام لها جميعها وهكذا.

ليس هناك قناة واحدة في هذا العالم إلا ولها أجندة خاصة، وهي بالتأكيد ليست أجندة فلسطينية، بل بعضها يستخدم القضية الفلسطينية بطريقة بشعة، والبعض الآخر يعمل على شق وحدة صف الشعب الفلسطيني، ويعمق انقساماته، ومع ذلك من الضروري أن يتابع كل شخص كل الفضائيات وحتى مواقع التواصل الاجتماعي، ولكن أن لا يجعلها تتحكم به، بل ينبغي أن من يتحكم ويحكم هو عقله، عبر استخدام معرفته وتجاربه، ليأخذ ما يشاء، وما هو مفيد له، ويستبعد كل ما يضره، والأهم ما يضر بقضيته وبشعبه وبلده، من هنا يبرز السؤال: كيف نستطيع التمييز خصوصا أن الأفكار المسبقة لدى أي متلقٍّ إما تقربه أو تبعده من هذه القناة او تلك؟ أو أي من القنوات الأقل أو الأكثر استغلالا للدم والتضحيات الفلسطينية؟

في البداية هناك ضرورة أن يعرف الشخص معلومات معقولة عن القناة، ويلاحظ من يمولها، وان كانت تابعة لدول أو شركة خاصة، فهذه الأخيرة لها أجندة ايضا ويمكن تأجير القناة لمن يدفع او من ينشر اعلانات. بعد ذلك عليه ان يدرك ان هذه القنوات لها دور وتدافع عن مصالح الدول الممولة وتقوم بخدمة اهدافها.

والاهم ان يمتلك المتابع معرفة معقولة بالسياسة الدولية والإقليمية وموقع الدول في التحالفات والتناقضات فيما بينها، والأدوار الموكلة لكل منها. وقبل كل شيء أن يدرك الفلسطيني ما الذي يخدم قضيته ومصالحه وبالتالي يتأكد أن كافة القنوات هي تعبيرات عن مصالح، ليست هي مصالح شعبه، قد يبدو ذلك من الصعب ادراكه لأن القنوات غالبا ما تكون ذكية في التمويه وتركز على الغرائز وعلى اللغة الشعبوية، وتمرر خلال ذلك اجنداتها.

قد لا يلبي تلفزيون فلسطين مشاعر وعواطف المشاهد، فهذا الأخير ونتيجة لأوضاعه الصعبة يبحث عن انتصارات حتى لو كانت وهمية، أو أنه يميل للغة القتال أكثر من لغة السياسة، لان هذه الأخيرة يصعب فهمها، ولكن التلفزيون الفلسطيني ليس شعبويا ولا يخدع المشاهد بالشعارات الكاذبة، وهو الناقل للحقيقة الفلسطينية كما هي، كما أن أجندته سواء لبت رغباتنا العاطفية، أو لم تلب فهي أجندة وطنية. ويمكن ان نوجه النقد لبعض جوانب العمل به وهذا شيء إيجابي ومطلوب، ولكن لا نهرب منه نحو من يضللوننا ويحاولون السيطرة على عقولنا خدمة لمشاريعهم والتي دون أن ندري تخدم المشروع الصهيوني، او غيره.

ملخص الحديث نحن بحاجة أن نحصن الوعي الوطني للمواطن دون ان نفرض عليه أي موقف، وعندما نمتلك وعيا معرفيا محصنا نصبح أكثر قدرة على التمييز وتحديد المواقف تجاه هذه القنوات وتجاه صفحات التواصل الاجتماعي، وعلى نحو ما يخدم قضيتنا الوطنية لأجل انتصارها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *