اخبار المغرب

أزنزار.. “رحّالة” يبث الأمل في نفوس أطفال “المغرب العميق” عبر كرة القدم

على متن سيارة مزينة بصور لاعبي المنتخب الوطني لكرة القدم، يجوب عبد الله أزنزار القرى النائية في عدد من مناطق سوس والجنوب، في مهمة يسعى من خلالها إلى محو إحساس أطفال تلك المناطق بالفرق بينهم وبين أطفال المدن الذين يعيشون في ظروف أفضل، وتكريس قناعة في نفوسهم بأنهم سيان وبأنهم أيضا يملكون مؤهلات رغم ظروفهم الصعبة.

عبد الله أزنزار هو مشجع كروي معروف لفريق حسنية أكادير لكرة القدم ولـ”أسود الأطلس”، إذ يرافق النخبة الوطنية أينما حلت وارتحلت، وخلال لقائه بأطفال القرى النائية يحرص على إيصال رسالة مفادها: “لا تحسوا بأي نقص فقط لأنكم أبناء البادية، وتيقنوا بأنكم تستطيعون أنتم أيضا تحقيق أحلامكم”.

يوزع أزنزار، الذي حل الأسبوع الماضي في إرسموكن نواحي تيزنيت، كرات على أطفال القرى النائية، “ففي مناطق لا يستطيع الأطفال الحصول على كرة حتى ولو كان لديهم مال نظرا للبُعد عن المدينة”؛ كما يقول، لكنه يحرص على ألا تكون الكرة الشغل الشاغل للأطفال، بل يجب أن يوازيها الجد في الدراسة.

يقول مخاطبا مجموعة من الأطفال: “من الأفضل أن تأتوا إلى الملعب للعب الكرة عوض أن تنصرفوا إلى فعل أمور سيئة كالانحراف؛ لكن الأولوية للدراسة، وآمل أن نلتقي بعد عشرين عاما وقد أصبحتم أشخاصا ناجحين في حياتهم، وهذا يتطلب الموازنة بين الدراسة ولعب الكرة”.

انبثقت فكرة مبادرة “أفريكا فوت”، التي يقودها أزنزار سنة 2017، بعد عودته من تشجيع المنتخب الوطني لكرة القدم في نهائيات كأس إفريقيا للأمم بالغابون، وبدأ تطبيقها في عشرات القرى النائية نواحي تيزنيت وتارودانت ثم الأطلس الصغير.

النجاح الذي حققته المبادرة في مرحلتها الأولى دفع أزنزار إلى توسيعها، بعد عودته من كأس العالم في روسيا سنة 2018، حيث قطع مسارا طويلا من 1500 كيلومتر عبر سيارة (R4) المعروفة، جاب خلالها مختلف مناطق سوس والجنوب الشرقي، وحط الرحال ببلدات مولد عدد من اللاعبين المعروفين مثل مصطفى حجي والعربي بن مبارك.

“أحيانا أجد أطفالا مولعين بكرة القدم يلعبون بقارورة بلاستيكية، وأفاجئهم بتقديم كرات لهم”، قال “عاشق الحسنية وأسود الأطلس” في تصريح لهسبريس، مضيفا: “أتحدث إليهم وأحثهم على المثابرة والجد في الدراسة، وعندما ألمس لديهم اقتناعا بكلامي أشعر بأنني أديت الرسالة وأنطلق لملاقاة الأطفال في قرية أخرى”.

واصل أزنزار رحلة زرع الفرحة في نفوس أطفال القرى النائية المولعين بكرة القدم، خلال سنة 2019، لتتوقف مسيرة “أفريكا فوت” سنة 2020 بسبب جائحة كورونا، قبل أن تتواصل في سنة 2021، وتواصلت إلى اليوم، حيث ينطلق صاحبها في رحلته مباشرة بعد عيد الأضحى.

وشدد على أن هدفه الأكبر من هذه المبادرة هو أن يتمكن من مساعدة الأطفال الذين لهم مواهب كروية للانتقال إلى مدينة أكادير للانضمام إلى أحد الفرق.

وبالرغم من أن هذه المهمة “صعبة للغاية”، أضاف أزنزار، فإن تعب الجهد الذي يبذله والصعوبات التي يواجهها ينجلي عندما ينجح في مهمة انتشال طفل من أحضان “المغرب المنسي” ويساعده في ولوج عالم الكرة، كما هو الشأن بالنسبة لطفل استقدمه من داور في تالوين نواحي تارودانت، وأصبح الآن يلعب في القسم الثاني بالدوري التركي لكرة القدم.

الهدف الثاني لأزنزار “هو أن أشجع أطفال البوادي على تجاوز أية حواجز نفسية قد تعترضهم، وألا يشعروا بأي مركّب نقص”، انطلاقا من سرد تجربته الشخصية، حيث ترعرع هو أيضا في البادية، واستطاع تحقيق عدد من أحلام طفولته، ومنها حضور نهائيات كأس العالم وكأس أفريقيا، مضيفا: “الأهم هو أن يسلكوا الطريق الصحيح الذي سيقودهم إلى النجاح في المجالات التي سيختارونها عندما يكبرون”.

المصدر: هسبريس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *