اخبار مصر

وفاة المتهم بقتل زوجته وأولاده بالفيوم قبل تنفيذ الحكم بإعدامه-(صور)


04:40 ص


الثلاثاء 25 يوليه 2023

الفيوم حسين فتحي:

في هدوء تام، وبدون عزاء شيع بعض أهالى قرية سنوفر بالفيوم، جثمان خالد فرجاني والذي توفي في سجن المنيا العمومي، على خلفية إصابته بارتفاع في ضغط الدم صاحبه نزيف في المخ أثناء انتظاره تنفيذ حكم الاعدام الصادر بحقه من محكمة جنايات الفيوم في عام 2020 والذي أصدره المستشار ياسر محرم رئيس المحكمة، بعد ورود قرار مفتي الجمهورية بالموافقة على إعدام المتهم.

خالد فرجاني نشأ وسط أسرة بسيطة لكنه تسلح بسلاح العلم حتى حصل على شهادته العليا في اللغة الإنجليزية, ودعمها بكورسات في الجامعة الأمريكية حتى أصبح مترجما معتمدا لدى العديد من الجهات ومراكز اللغة، حصل خالد على إجازة من عمله كمعلم بأحد المعاهد الأزهرية وسافر للعمل محفظا للقرآن الكريم, وبعدها سافر لدولة الإمارات وعمل مترجما بأحد فنادق “دبي” رويدا رويدا ” حتى جمع أموالا من خلالها دخل في شراكه مع أحد الأشخاص بدولة الإمارات “باسم دمكو العقارية”.

هناك في قرية سنوفر الهادئة التابعة لمركز الفيوم بدأ “خالد” التفكير فيما هو قادم، وحينها كانت الرياح تأتي غالبًا بما لا تشتهي “السَفِنُ”، فتزوج من محبوبته، بعدما انتظم في عمله كمدرس بمعهد “الحريشي” الأزهري، وانطلق بعدها لآفاق جديدة كان همه فيها تأمين “مستقبله”.

“دبي” كانت الوجهة الأنسب للشاب الطموح الباحث عن الثراء، خاصة مع اختياره لمجال الاستثمار العقاري الذي تشتهر به الإمارة الرائجة، فراح يحاول تطوير مجالات عمله بتوظيف قدراته في اقتراض أموال من أشخاص هناك وفي بلدته بالفيوم بعدما أستأجر شقة فاخرة في حي المسلة الراقي واستأجر مكان آخر بنفس المنطقة مساحته لإقامة مركز لتنمية اللياقة البدنية وإنقاص الوزن وعلاج أمراض السمنة.

وكما قال المثل الشائع “إذا ظهر الطامعون انتشر النصابون”.. هكذا قال القدماء حكمة تسري عبر الزمن، ولكن “خالد” ربما لم يكن يضعها في الحسبان، أو لعله لم يكن يعلم أن حظًا لطالما ساعده في حياته، من المحتمل أنه تخلى عنه حين أدخلته الأقدار إلى دائرة أشخاص لهم سوابق إجرامية لا علم له بها.

ربما خان الذكاء “خالد” حين أقنعه أصدقائه الجدد بفكرة شراء منزل أسفله “كنز أثري” كطريق سهل للثراء السريع وتحقيق حلم راوده منذ الصغر، فدفع لهم مبالغ مالية، هددوه بعدها بخطف وقتل زوجته وأطفاله حال طالبهم بردها مجددًا.

ثم أعاد وذكر أمام جهات التحقيق أنه حصل على أموال من بعض أبناء قريته والنجوع المجاورة لها بدعوى تسفيرهم للخارج على خلاف الحقيقة, حيث كان يحصل على هذا الأموال لمواجهة أعباء الحياة, خاصة أن تعرض لعملية نصب من بعض شركائه الذين يقيمون بدولة الأمارات, بعد تهاوي شركة الاستثمار العقاري التي كانوا يديرونها, لكنها تعرضت هى الآخرى لخسائر كبيرة.

“الرياح لا تأتي دائمًا بما تشتهي السَفِنُ”.. تراكمت الديون على الشاب الريفي، وضغوط زادت من حدتها وعجزه عن تلبية متطلبات حياة اعتاد عليها ونقل عادته لأسرته البسيطة، فوقف بلا حيلة أمام ما يواجه مع مطالبات أبناء قريته الذين كانوا يطالبونه برد أموالهم التي حصل عليها مقابل تسفيرهم لدولة الإمارات, بينما وقع البعض الآخر فريسة توظيف أمواله بمقابل فائدة كبيرة أضعاف ما تمنحه البنوك.

أخطأ “خالد” حينما انشغل بقدر هو في يد رب العالمين، رغم عمله في معهد أزهري، لكنه أخطأ مرة أخرى حين اعتقد أن “الموت هو الحل”، وراحت الفكرة تختمر في ذهنه وبدأ في التخطيط لإنهاء حياة أقرب الناس إليه خشية ألا يستطيع توفير مستوى مناسب من الحياة الكريمة لهم.

بدأت أولى خطوات التنفيذ الفعلي، بعد سفره للإمارات في رحلة خاطفه لم تستغرق أكثر من 24 ساعة فعمد “خالد” إلى شراء “ساطور” من منطقة الروبي بمدينة الفيوم وعاد إلى منزله، وجلس ينظر إلى زوجته “كريمة” 33 سنة، وأطفاله “أنس 11 سنة، وآية 8 سنوات، ومنة 4 سنوات، وتسنيم عام ونصف” وهو يعلم أنها الليلة الأخيرة.

جلس “خالد” يترقب اللحظة التي تخلد فيها “المحبوبة” وفلذات الأكباد” إلى النوم، حتى يرسلهم بـ”ساطوره” إلى الدار الآخرة، وهو ما كان بالفعل فهي الصاعقة التي زلزلت كيان الأب القاتل منظر زوجته التي دلف إلى حجرتها ليبدأ بها مسلسل القتل، وحين وقف ليعاجلها بضربته القاتلة على رأسها رآها تحتضن ابنته الرضيعة في محاولة طبيعية لأم تحمي طفلها، لكن قلبه كان قد توقف تمامًا عن التفكير كعقله وأكمل جريمته، ثم ذهب لحجرة أطفاله وأجهز عليهم وفر هاربًا.

مشهد زوجته وهي تحتضن “تسنيم” ابنتهما الرضيعة لم يغب عن ذاكرته فقصه على مسامع وكيل النائب العام خلال التحقيقات، حتى يجد الفرصة ليثني على محاسن زوجته، ويؤكد أنه ما أقدم على فعلته بسبب شك أو سوء سلوك، لكن خوفًا من مستقبل مظلم، وهربًا من واقع مرير.

واعترف المتهم بقتل أبناءه وزوجته بدافع الحب الجنوني, وأنه كان يريد الانتحار لكن نفسه وحياته كانت غالية عليه ولم يستطع إلقاء نفسه من شقته بمنطقة المسلة, حيث هجر قريته ومنزله البسيط ليعيش في أرقى مناطق الفيوم, حتى يوهم دائنيه بأنه ميسور الحال, خاصة أن أبناء القرية يعرفون أنه مُحفظًا للقرآن ويُجيد قرأته بالسبع إضافة إلى اتقانه للغة الأنجليزية والتي أهلته للعمل في العديد من فنادق دبي.

روى المتهم خالد. لحظات بداية تفكيره في ارتكابه الجريمة أمام المستشار ياسر محرم، رئيس محكمة جنايات الفيوم، قائلا: أنا أتممت حفظ القرآن الكريم وأجدت تلاوته باللغة الإنجليزية وحياتي كانت هادئة وميسورة للغاية حتى حدثت لي أزمة مالية ولم أتمكن من سداد مليون ونصف جنيه جمعتها من بعض أهالي القرية لتوظيفها، وبدأوا في مطالبة والدي ووالدتي بسداد ديوني وحدثت مشاكل بيني وبين أهلي فأخذت زوجتي وأطفالي وانتقلنا من منزل العائلة لشقة ببرج الملكة حتي تلقيت تهديدات من الدائنين بإيذاء زوجتي وأطفالي وصلت لاغتصابها وقتلهم.

أضاف المتهم قائلا: أنا أحب أسرتي بجنون وهوس ولا أحتمل أن يصيبهم شر فتردد في ذهني جملة “من الحب ما قتل” فقررت أن أنهي حياتهم بيدي بدلا من أن يؤذيهم غيري وعلمت أنه إذا أصابني مكروه أو دخلت السجن بتهمة النصب لن يهتم أهلي بزوجتي وأبنائي، فقررت قتلهم ثم اللحاق بهم منتحرا إلا أني لم أرد الموت كافرا ففكرت في تنفيذ الجريمة ثم تسليم نفسي للجهات الأمنية حتي يتم القصاص مني بإعدامي شنقا قائلا: أنا كدة كدة ميت.

وعن يوم ارتكاب الجريمة, قال المتهم: ذهبت لشراء ساطور” من حي النافع بجوار مسجد سيدي على الروبي لاستخدامه في الجريمة وينهي حياة كل منهم بضربة واحدة دون تعذيبهم وجلست في شقتي برفقتهم حتي خلدوا جميعا للنوم وظللت مستيقظا حتي أدى صلاة الفجر ثم طلبت ابنتي شرب المياه فسقيتها، وانتظرت حتي الساعة الثامنة صباحا ثم حملت الساطور ودخلت غرفة زوجتي وبناتي قتلت زوجتي أولا وفي حضنها طفلتنا الصغري بضربة لكل منهما على الرأس، ثم ضرب الطفلتين الأخرتين وتوجهت لغرفة ابني الأكبر وضربته أيضا ضربة واحدة واستغرق الأمر بكامله قرابة 7 دقائق.

وأضاف المتهم: تركت الساطور بجانب جثث أسرتي وغسلت يدي من الدماء ثم عدت لأخذ الساطور وألقيت عليهم النظرة الأخيرة وتوجهت مباشرة إلى قسم الشرطة اعترفت بجريمتي كاملة حتي يتم محاكمتي وإعدامي في أقرب وقت”.

وصدر حكما بإعدام المتهم وجرى الطعن عليه بطريق النقض، حيث ظل المتهم محبوسا منتظرا حضور عشماوي بين لحظة وأخرى، إلا أن قضاء الله قد نفذ قبل أن يصطحبه الجلاد إلى طبلية الإعدام، ليكتب نهابة قصة شاب مجتهد لكنه ضل الطريق من خلال أصدقاء السوء.

وكشف مصدر أمني أن وفاة المتهم بقتل أسرته حدثت قبل تنفيذ حكم الإعدام بحقه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *