اخبار المغرب

“فاجعة دمنات” تذكر بمعايير السلامة ضمن خدمات النقل في البوادي المغربية

أفاد سوسان عبد الصمد، الكاتب الوطني للتنسيقية المغربية للنقل المزدوج، بأنّ “حادثة دمنات التي توفي على إثرها أزيد من 24 من ركاب حافلة للنقل يوم الأحد الماضي لا علاقة لها بالنقل المزدوج”، لكونها “تنتمي إلى النقل السري؛ فيما يعتبر النقل المزدوج منظّما وفق مجموعة من الشروط المنصوص عليها في دفتر التحملات المتعلق باستغلال خدماته، الصادر 2016؛ بمعنى أنه نقل يتمّ في إطار منظم من طرف الجهات الوصية المختصة؛ والسائق المهني ليس ‘خطّاف’”.

وأضاف سوسان ضمن تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية أنّ “هناك اتجاها نحو تجديد كافة أسطول النقل المزدوج، فيما خصصت الدولة منحا لهذا الغرض، لكونه يساهم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالمداشر والقرى، بما أنّه يربطها بالمدن”، موضحا أنّ “المشكل المطروح متعلّق بالعشوائية الطاغية في المناطق الجبلية، حيث الطرق وعرة؛ فبما أنّ النقل المزدوج تم حصره في مناطق معينة تستثني العديد من المناطق الجبلية فقد عرفت هذه الخطوط تناميا في النقل السري، الذي يستغلّ حاجة الساكنة إلى التنقل”.

وذكر المتحدث ذاته أنّ “الدّولة بإمكانها أن تفكر في صيغة لإضافة هذا النقل إلى قطاع النقل المزدوج وتمنحه ترخيصاً قانونيّا، وتوفّر له، هو أيضا، تكوينا نظريا وتطبيقيا وبطاقة مهنية، وتحتم عليه احترام كافة شروط سلامة وأمن الركاب كما هو معمول به في النقل المزدوج”، معتبراً أنّ “تطوير هذا القطاع ضرورة ويمكن أن تستفيد منه الدولة عن طريق الضرائب والتأمينات وغيرها؛ ما يعني أن هذا النقل منظّم وفق شروط منصوص عليها”.

كما أوضح المهني ذاته أن “هناك ضعفا في المراقبة، لاسيما في المناطق الجبلية، مع وجود ارتباط عضوي بين النقل السري وهموم السّاكنة وانشغالاتها؛ ففي مرات كثيرة تحاول سلطات الدرك الحدّ منه، لكن الساكنة تعتبر أنه الوسيلة الوحيدة المتوفرة لنقلهم ومساعدتهم على قضاء أغراضهم”، مردفا: “ثمة خروقات من طرف مهنيين بحكم الخصاص وعدم التأطير، ونحن نتواصل معهم دائما لنحسسهم بضرورة احترام عدد المقاعد الموصى به قانونيا، وعدم نقل المواطنين بطرق مهينة أو حاطة من كرامتهم”.

من جانبه قال محمد بنسعيد، فاعل جمعوي وحقوقي بإقليم أزيلال، إنّ “إقبال الساكنة على النقل السري أو حتى على النقل المزدوج بشكل يعرض سلامتها للخطر راجع إلى ضعف التأهيل في ما يخص الوعي بمقتضيات السلامة الطرقية”، موضحا أنّ “النقل المزدوج يضطر أحيانا إلى مسايرة الطلب دون مراعاة العرض؛ بمعنى أنه مطالبٌ بحمل كل أولئك الأشخاص الواقفين، خصوصا إذا كان الوقت متأخرا وهناك مخاوف ألا تأتي مثلا حافلة أخرى”.

وأورد بنسعيد أنّ “المشكل الذي تعانيه قرى أزيلال في الصّيف، بفعل ارتفاع السياحة الداخلية، هو أنّ بعض السياح المغاربة القادمين من المدن يقبلون بدورهم على طرق خطيرة لركوب النقل المزدوج، من أخطرها البقاء فوق سطح الحافلة طيلة الطريق بحُفرها ومنعرجاتها”، مسجلاً أنّ “الطّرق يجبُ أن تخضع لإعادة تهيئة، لكون العديد منها في أعالي الجبال تشكل مسالك انتحارية وخطيرة؛ ولذلك لا بد من تنزيل إصلاحات تهمّ هذه الطرق وتحفظ أمن الساكنة وتفكّ العزلة عنها”.

وأفاد الحقوقي ذاته، ضمن شُروحات قدّمها لجريدة هسبريس، بأنّه “لا يجبُ أن ننتظر دائماً حتى تحدُث الكوارث لنفكّر في هذه المناطق”، وزاد: “رفع الحصار يجب أن يتمّ عبر توفير طرق معبّدة تخول تنامي وسائل النقل وتدفع نحو دخول سيارات الأجرة الكبيرة بدورها إلى السوق”، لافتا إلى أنّه “يجب أيضاً توفير أسطول أكبر للنّقل المزدوج ووضع صيغ لزجر كل سائق تجاوز عدد المقاعد المسموح به وعرّض حياة السّاكنة للخطر؛ كما ينبغي أن نقنع الساكنة بأهمية الوعي بالسلامة الطرقية ورفض الإقبال على النقل إلا في شروط تحفظ السّلامة ولا تكون بالضّرورة مهينة”.

وسجّل المتحدث أنّ “بعض ساكنة الدواوير تفضل الركوب على سطح الحافلة، وفي هذا مخاطرة كبيرة، رغم اعتبار ذلك بحثا عن التهوية أو هروبا من الشعور بالدوار”، وتابع: “بحكم خطورة الطرق فأبسط حادثة تقع ستكون فرص النّجاة منها جد ضئيلة أو منعدمة”، خاتماً بأنّ “النقل السّري يجب أن ينتهي وأن نفتح السبيل أمام طرق حديثة في النّقل وبنيات عصرية للتنقل عبر تنويع الوسائل الممكنة لساكنة تقطن في الهوامش بعيداً عن المركز، لكنها تعيش مع همّ يوميّ في ما يتعلّق بتنقلها، ولو على حساب السلامة والحقّ في الحياة”.

وحسب ما عاينته جريدة هسبريس مرارا على هامش زيارات سابقة إلى إقليم أزيلال، خصوصا جماعة زاوية أحنصال، فإنّ النقل المزدوج يشكل حلا ناجعا بالنسبة لتحركات الساكنة بشكل يوميّ بين الدواوير من جهة أو بين الدواوير والنّقط الحضريّة؛ لكن هذا الإقبال مازال يطرح حتى اليوم مشاكل متعلقة بالسّلامة، لكون العديد من السائقين المهنيين لا يحترمون مقتضيات المادة التاسعة من دفتر تحملات النقل المزدوج في العالم القروي التي تحدد العدد الأقصى لركاب الحافلة بين 9 و15 مقعدا، دون احتساب مقعد السائق.

المصدر: هسبريس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *