اخبار السودان

حكومتان والتالتة واقعة السودانية , اخبار السودان

خالد فضل

 

حكومتان والتالتة واقعة

 

خالد فضل

 

لدينا في الغالب رصيد كبير بالتغني والتمجيد بوطن واسع وطن شاسع، فطن محجوب شريف عليه الرحمة الى خطورة الاندفاع البلاغي في التغني بمحاسنه، فاحكم المعنى واكمل القصيد ب (مابنبنيهو فرادى ولا بالضجة في الرادي ولا الخطب الحماسية).

لقد فشلنا جيلا إثر جيل منذ الأول من يناير 1956 في بناء غرفة جالوص اسمها الوطن ، ناهيك عن صب الأعمدة وتمتين السيخ بالخرصانة لتشييد الطابق فوق الطابق، حتى نبلغ عنان السماء كما يروم لنا الشعراء .

الآن ومع استمرار حرب العسكر السودانيين تلوح في الافق بوادر تعميق الجراح وتثبيت الانقسام ليصبح واقعا حكوميا، عبر التلويح من جانب حزب الجيش ومشايعيه من فلول العهد المباد ومن لف لفهم من قصار النظر بتشكيل حكومة عاصمتها بورتسودان ، في المقابل يحذر قائد حزب الدعم السريع من أنه سيشكل حكومة مقابلة عاصمتها الخرطوم، وبطبيعة هذا التقسيم العادل للبلاد ستكون تسع ولايات في الشرق والوسط والشمال تحت حكم وتحكم عسكر الجيش في مقابل ثمان ولايات على الأقل تحت سيطرة عسكر الدعم السريع، أما الثالثة الواقعة فهى حكومة جنوب كردفان (جبال النوبة) تحت إمرة حزب قوات الجيش الشعبي لتحرير السودان بقيادة الحلو، وبذلك ينهض السودان حرا أبيا مستقلا موحدا في الصراع والنزاع والقتال، مشرئبا الى التناحر والسحق والمكاجرة، ويكتمل برنامج نهوض التشرذم والتفتت ، وليبق النشيد بعد ان فارقنا سكة التشييد.

إن ما يبدو الآن من جس نبض لمدى مثل هذه التحذيرات أو التلويحات، ومعرفة ردود الأفعال تجاهها، قد يصبح حقيقة ماثلة غداً أو بعده على الأكثر ، فأحوال السودان منذ عهده بالاستقلال عن الحكم الانجليزى لم تسر على خطى واضحة ومستقيمة حتى يمكن بناء نتائج على مقدمات أو استخلاص حكمة من واقعة، انما ظلت اموره تخضع لمعيار (اللامعيار)، وقد صدق من قال إن كل شيء في السودان ليس في محله الصحيح، في الحقيقة والواقع لانجد في الغالب فرقا في السلوك الذي هو التطبيق العملى للمعرفة بين المتعلم الحائز على أعلى الدرجات وبين الذي لم تسعى به قدمان إلى أبواب مدرسة ونظلم الاخير ان سميناه جاهلا فالجهل مع الاسف سمة كثيييير من المتعلمين ولن ابرئ نفسي منهم ! وللاستاذ الشهيد محمود محمد طه مقولة حصيفة أطلقها في الخمسينات من القرن الماضي حول ( ضرورة اعادة تعليم المتعلمين).

ما المرجو من حكومة عاصمتها في البحر؟ وما المرجو من رديفتها في الخرطوم ؟وما فائدة الثالثة الواقعة؟ولماذا تقوم حكومة اصلا، لتصريف الاعمال! اي اعمال ياسادة ياكرام، اعمال البر والتقوى وعلى راسها تمزيق البلاد وتشتيت العباد وسحق المتمردين الاوغاد كما تقول ادبيات خطاب الكراهية المصاحب للحرب.

أم حكومة من عظيم مهامها القبض على الفلول وتشديد القيود على الجنود والاستيلاء على البيوت ورد خطاب الكراهية بخطاب مضاد، ثم أي مشروعية لقائد الجيش أو قائد الدعم السريع في تشكيل الحكومات، انه مع الاسف الواقع الذي أشرنا إليه سلفا بأن في السودان كل شئ ليس في مكانه، ولكن هل ذبلت بذرة الخير ونضب معين الحكمه وغابت ملامح العقل عن كل السودانيين، هذا هو المستحيل عينه، فالشعوب تمرض ولكنها لاتموت، ومثل طائر الفينيق الاسطورى ستنهض اسطورة سودانية جديدة تحقق ماعجز عنه الاولون في بناء رشيد لوطن كبير وشعب سعيد، لا نأمل كثيرا وجيلنا يعانق الستينات من العمر في شهود ذلك العهد لقد هرمنا ياصاح ولكن لن نفقد الامل حتى اخر رمق، تلك هى تميمة النضال.

كامل التضامن مع الشعبين المغربي والليبي في كارثتى الزلازل والفيضانات على التوالى والرحمة للارواح التى ازهقت وعاجل الشفاء للجرحى والمصابين ، وافريقيا تعانى بالفعل من كوارث البشر وكوارث الطبيعة. كما ندعو بعاجل الشفاء لاستاذنا وملهمنا الشاعر السودانى الفذ هاشم صديق.

المصدر: صحيفة التغيير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *