اخبار السودان

منجنيق الكلام الفاضي وخمج السودانية , اخبار السودان

الرأي اليوم

صلاح جلال

منجنيق الكلام الفاضي وخمج

«1»

* منذ اليوم الأول لهذه الحرب اللعينة قلنا إنها عبثية ومكلفة والخاسر فيها الوطن ولا منتصر ولازم تقيف، انبرت مجموعة متآمرة وأخرى مستدرجة بالتضليل وبروبقاندا الدعاية للسير خلف مكنة الدعاية الحربية باسم دعم القوات المسلحة ووسامة الموقف الوطني، ومن ثم تحولت إلى التضامن مع أصحاب البيوت المنهوبة والحرائر المغتصبات ومعاناة النازحين واللاجئين والبروبقندا الحربية في تقلباتها لتوسيع مساحات تمددها وصلت لتوزيع صكوك الخيانة للوطن والعمالة للأجنبي، لكل القائلين لا للحرب إما أنهم عملاء للخارج وللدعم السريع أو يخدمون أجندة آل دقلوا لتأسيس دولة (الدقلوقراطية * للاستهزاء) إمعاناً في ازدراء دعاة وقف الحرب والحط من قدرهم وابتزاز همتهم الوطنية باستخدام سلاح الابتزاز والدعاية السوداء أو ما يسميه الفرنجة بالـSmear campaign إعلام الطمع والتخويف، وقد أسميته *بمنجنيق الكلام* وهو سلاح صدئ متخلف من القرون الوسطى بداية اكتشاف البارود، لا للحرب شعار سياسي عميق وحصيف يستهدف قفل أبواب الشر وفتح أبواب السلام والخير والتدافع النبيل لحل الاختلافات الأمنية والسياسية بالحوار وصيانة سلامة الوطن وأمن المواطنين ليكونوا المجتمع معافى في بدنه وفي بيته وفي سِربه وهو يسعى لرزقه الحلال كعامل يومية أو مزارع أو تاجر أو صاحب شركة أو موظف كان، وجدت البروبقندا الحربية نفسها في عمق مأزقها المتناقض بطول شهور الحرب تحتاج لتحوير أهدافها تبنت لذلك أنها تدعو لمزيد من الحرب وهي أساس الشر التي أفرزت كل هذه الانتهاكات المدانة، وفي نفس الوقت يصرخون لوقف نهب المنازل الناتج عن غياب مؤسسات العدالة والشرطة المدنية واستمرار الحرب كعامل رئيسي لهذه الانتهاكات وانفلات المسلحين بلا رادع قانوني ومراقب حقوقي من المجتمع المدني حامي الحقوق وراعي المؤسسات  المدنية، إذا كانت الحرب هي سبب الشر والانتهاكات

هم يريدون استمرارها لتحقيق هدف سياسي كان يجب التدافع السلمي من أجله، وفي نفس الوقت ذات الناس والجماعة يصرخون للتعبئة باسم البيوت المحتلة والمهدمة واغتصاب النساء، كمن يحب أكل لحم الرأس ويخاف من العيون، مما يعبر عن مأزق إعلام دعاة الحرب وتناقض وضحالة منطقهم.

«2»

* القوت المسلحة بكل اختلالاتها وتسييسها في عهد الإنقاذ والإجتهاد في إضعافها بالمؤسسات الأمنية البديلة وكل عيوبها المعروفة وحالتها القائمة التي يعترف بها الجميع، والدعم السريع بكل ما يوصف به من عيوب جهوية وقبلية، الحقيقة الساطعة هذه الأجهزة موروثة صنعتها الإنقاذ المبادة تحت عينها ومواردها وقوانينها، وورثتها ثورة ديسمبر المجيدة كجزء من حزمة أزمات الإنقاذ المحولة لقوى الثورة، وكان الهدف الوطني واضح وهو الدمج والتسريح لصناعة جيش وطني قومي ومهني واحد يحتكر العنف بلا شريك ويصطف خلفه كل الشعب السوداني ومؤسسات الدولة بالدعم والرعاية، يتم كل ذلك وفق منهج وشعارات ثورة ديسمبر المجيدة ((حرية سلام عدالة)) ثورة ديسمبر رفضت العنف من حيث المبدأ وهي في طور المقاومة لنظام المؤتمر الوطني المحلول بكل صلفه وانتهاكاته، كانت تهتف سلمية سلمية ضد الحرامية رص العساكر رص الليلة تسقط بس، كانت قوى الثورة تعلم وتثق بيقين في قوة سلميتها ونجاعتها لذلك انتهجت الحوار لمعالجة القضايا الأمنية والجيش الواحد وتصفية المليشيات جميعها وفق شعار الثورة الخالد، ((العسكر للثكنات والجنجويد ينحل))، لكل هذه الحقائق التاريخية الموثقة جاء موقف القوى الديمقراطية متسقاً مع شعاراتها برفض الحرب والعمل على إيقافها دون انحياز لطرفيها، لكن أسأل نفسك يا هداك الله من كان يقف ضد شعار العسكر للثكنات والجنجويد ينحل؟ لتفهم سياق ومضمون بروبقندا الحرب والتضليل الإعلامي الذي يرافقها ويسعى لتعبئة الضحايا وابتزاز المناهضين للحرب لمزيد من العنف لتحقيق أهداف سياسية يعرفونها.

«3»

* يستهدف منجنيق الكلام الفاضي وخمج وبروبقندا الحرب وإعلام التضليل الغماز الهماز المشاء النمام، فاقد الشرف والوطنية وعِفة المفردة قبل اختبار صدقها، إعلام عشنا في كنِيفِه على مدى ربع قرن من الزمان حتى اقتطع له الشعب السوداني من حكمته مثلاً ((نلبس مما نصنع ونضحك مما نسمع)) في عهدهم استوردنا الكفن من الصين Made in China، في ظل لوثة إعلام الضلال وبروبقندا التحشيد سيق الشباب النواضر غض الإهاب لحرب مقدسة اختاروا لها تحت شعار الجهاد والوطنية أرض جنوب السودان، التي انتهت بهم وقبورهم الآن في دولة أجنبية تحتاج زيارتهم لتأشيرة دخول، كل ما يحقق عكس مقاصده فهو باطل، هدف الحرب الراهنة الجوهري بعد تجاوز غبار اغتصاب الحرائر واحتلال البيوت ونهبها وبقية إفرازات الحرب المرفوضة والمدانة وفق القانون الإنسانى الدولي

جوهر الحرب الراهنة يستهدف شعارات ومبادئ ثورة ديسمبر المجيدة لجعلها أثراً بعد عين، باستهداف الثوار في قوى الحرية والتغيير والأحزاب الوطنية شيوعي وبعث وناصري ومهنيين وقوى سلام جوبا ولجان المقاومة وتنظيمات المجتمع المدني والمهنيين قواد الثورة ولجان المقاوم والشباب وقودها، يصب الإعلام الرداح كل غضبه على قوى الكفاح السلمي لإخضاعها وهم يدعون للحرب، كما يقول المثل المصري ((الذي يعجز عن تطويع الحِصان يتشطر على البردعة)) الآن الاستهداف للثوار بالاعتقال والإخفاء القسري بجانب فاسد القول وفاحش المفردات ((أبو العفين)) وإصدار شهادات البراءة والتخوين من ناقصي الأهلية والصحة الوطنية.

«4»

* خلاصة القول إننا ضد الحرب من أجل قفل المصنع الذي ينتج الانتهاكات واسترداد الحقوق وصيانة أمن المجتمع وإغاثة المحتاجين للطعام والمشافي وعودة النازحين واللاجئيين  لمنازلهم والحفاظ على الدولة من الانهيار ومحاصرة عناصر الهشاشة في الدولة والمجتمع، بموافقة خطاب الكراهية وتوسيع نطاق الحريق المدمر، الآلية المناسبة لإنجاز ذلك وهي مركبة، التفاوض تحت الرعاية الدولية من خلال منبر ((جدة)) الذي نؤيده وندعم أعماله للوصول لوقف دائم ومراقب دولياً لإطلاق النار وتوصيل المساعدات العاجلة للمحتاجين، والشروع في عملية سياسية شاملة مملوكة للسودانيين لاستعادة الانتقال للحكم المدني الديمقراطي وعزل دعاة الحرب ومن أشعلوها وتقديمهم لمحاكمات عادلة بعد تحقيق مشترك وطني ودولي شفاف ومنصف، أسوة بمحاكمات باجمبورا في بورندي لمجرمي الحرب في دولة رواندا.

«5»

** ختامة

نسعى بكل الطاقات المتاحة لحصار خطاب تصعيد الحرب والكراهية القائم على خطوط العِرق والقبيلة والجهة والهويات الجزئية، ونعمل من أجل توحيد المجتمع وعلى إعلاء قيم التضامن والمناصرة في أعمال الخير، والتوحد من أجل إنهاء القتال ووقفه فوراً والالتزام بأهداف ومبادئ ثورة ديسمبر الخالدة لصناعة دستور دائم في البلاد، وإنهاء المظالم وتحقيق السلام والعدالة الاجتماعية والحوار الوطني الشفاف حول كل أسباب الخلاف، وإعادة تأسيس الدولة بإرادة جماعية، لنخيب رجاء منجنيق الكلام الفاضي وخمج الذي لن يقتل ذبابة ولن يرهب مناضلة أو مناضل مختبر يعرف معنى الحرية ومجمر وضع روحه على المحك عندما نادى الوطن وواجه السجن والتعذيب والمنفى وحمل السلاح مضطراً في مواجهة ظلم النظام المباد نغني مع شاعر الشعب محجوب شريف:

حنبنيهو البنحلم بيهو يوماتي وطن شامخ وطن عاتي.

 مكان السجن مستشفى

مكان المنفى كلية

مكان الأسرى وردية

مكان الطلقة عصفورة

تحلق حول نافورة

تداعب شفع الروضة

11 أغسطس 2023م

المصدر: صحيفة التغيير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *