اخبار المغرب

بقاء بوتين على رأس “الكرملين” يضمن استدامة العلاقات المغربية الروسية

كما كان متوقعا، أعلنت لجنة الانتخابات المركزية الروسية، اليوم الإثنين، فوز الرئيس فلاديمير بوتين بولاية خامسة على رأس الكرملين، بعد حصوله على 87,29 في المائة من مجموع أصوات الناخبين الروس، بعد فرز أكثر من 99 في المائة من هذه الأصوات، وذلك رغم تشكيك الدول الغربية في العملية الانتخابية التي وصفتها بـ”غير النزيهة”.

وتطرح إعادة انتخاب الرجل لولاية جديدة لمدة ست سنوات مجموعة من التساؤلات حول مستقبل العلاقات الروسية مع مجموعة من الدول، على غرار المغرب، وكذا مواقف الكرملين من القضايا والنزاعات الإقليمية، أبرزها النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، خاصة في ظل تذبذب الموقف الروسي تجاه هذا الملف وطبيعة العلاقات التي تربط هذا البلد الأوروبي بالجزائر، راعية الطرح الانفصالي في إفريقيا؛ فيما يرى متتبعون أن المواقف الواضحة للرباط وسياستها الخارجية القائمة على منطلقات مبدئية تجعلها في منأى عن كل هذه المعطيات، وتضمن استدامة علاقاتها مع موسكو على أساس الاحترام المتبادل، مع العمل على تعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين.

وضوح مغربي وحاجة روسية

قال إسماعيل أكنكو، باحث في الشؤون السياسية والدولية، إن “فوز فلاديمير بوتين بولاية رئاسية جديدة كان شبه محسوم، بالنظر إلى الظروف والسياقات التي تحكم الحدث، وبالنظر إلى ما راكمه بوتين من تجربة وحنكة انتخابية أهلته ليكون في صدارة السياسيين بهذا البلد، حيث لا يكاد ينافسه أحد على الزعامة؛ وحتى الشروط الدستورية والقانونية فقد أحاط بها بإحكام”.

وبالنسبة لموقع المملكة من هذا الحدث، أوضح أكنكو، في تصريح لهسبريس، أن “المؤكد هو أن روسيا تحترم المغرب وتقدر حضوره الإقليمي الدولي، وتنسج معه علاقات وشراكات متعددة، رغم موقفها المتذبذب من قضية الصحراء المغربية الذي يترنح بين داعم للمسار الأممي، رغم امتناعها في كثير من المحطات عن التصويت على قرارات مجلس الأمن، وبين متودد للجزائر لاعتبارات تاريخية”، وزاد مستدركا: “لكن موسكو على الأعم لم تعد مؤثرة في عالم متعدد الأقطاب، غير أن المغرب سيستفيد من هذا الحدث وفاء لمنهجه في الطموح والوضوح في علاقاته الدولية”.

ولفت الباحث ذاته إلى أن “المغرب دبر مجموعة من الأزمات التي كانت روسيا طرفا فيها، ومنها الأزمة الأوكرانية الروسية، بحكمة بالغة، إذ استطاع أن يظهر بمظهر المدافع عن الأمن والسلم الدوليين بعدما دعا أطراف هذا الصراع إلى الحد من النزاع المسلح، واعتبر أن المساعي السلمية هي السبيل الوحيد لحل الخلافات؛ كما أن قربه من الغرب ومصالحه مع روسيا أمران ألزماه بالامتناع عن التصويت ضد إدانة موسكو في الجمعية العامة، حيث أكد أن حل هذا الصراع يحتاج إلى وساطة دولية وليس إلى اصطفافات هنا وهناك”.

وتفاعلا مع سؤال حول تأثير التقارب الروسي الجزائري على مسار العلاقات مع الرباط خلص المتحدث ذاته إلى أن “المغرب لم تعد تخيفه التحركات الجزائرية، على اعتبار أنه اتخذ منهج تنويع الشراكات من الصين إلى أمريكا إلى أوروبا وإفريقيا، واستطاع بهذا النهج أن يفرض حضورا قويا على الساحة الدولية حتى أصبحت الدول بحاجة إليه وليس العكس، بالنظر إلى ما يوفره من مناخ آمن للاستثمار وغيره من الفرص التي تحتاجها روسيا، ولا توفرها الجزائر، بالنظر إلى حالة الفشل الاقتصادي وانعدام الاستقرار السياسي وسيطرة الفساد على بنى الدولة ومفاصلها”.

مواقف ثابتة وشراكة اقتصادية

أورد جواد القسمي، باحث في القانون الدولي والعلاقات الدولية، أن “فوز الرئيس فلاديمير بوتين بالانتخابات في روسيا سيساهم في مواصلة الزخم الذي عرفته العلاقات الروسية المغربية منذ توقيع اتفاقية الشراكة الإستراتيجية بين المغرب وروسيا عام 2002، وتعزز بعد زيارة الملك محمد السادس إلى موسكو سنة 2016، مع توقيع إعلان الشراكة الإستراتيجية المعمقة، وتعبير قائدي البلدين عن رغبتهما في تعزيز العلاقات الثنائية في مختلف المجالات”.

وأضاف الباحث ذاته، في حديث مع هسبريس، أن “هذا الزخم والاستقرار في العلاقات الروسية المغربية يدعمه الموقف البناء والثابت للفدرالية الروسية بقيادة فلاديمير بوتين بخصوص قضية الصحراء الغربية المغربية، وكذا مواقف المملكة الثابتة رغم التوترات العالمية المتسارعة، وفي خضم سياق دولي مضطرب يتسم بعدم الاستقرار وتصاعد التوترات والصراعات، وتعاظم التحالفات والاصطفافات”.

وفي السياق ذاته بين القسمي أن “السياسة الخارجية المغربية تعتمد على احترام السيادة والوحدة الترابية لكل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، وهي العقيدة التي أسس عليها البلد أطروحته في قضية الصحراء المغربية، بالإضافة إلى سياسة الحياد وعدم التخندق في الصراعات والأزمات الدولية، وذلك ما ظهر جليا في الحرب الروسية الأوكرانية وحالة الانقسام والاصطفاف التي خلقتها الأزمة بين الغرب وموسكو؛ ليؤكد المغرب مرة أخرى حياديته واستقلالية قراراته وعدم تأثرها بأي معطى دولي”.

وخلص المصرح لهسبريس إلى أن “نجاح المغرب في الإبقاء على مواقف ثابتة لموسكو من قضية الصحراء رغم التقارب الكبير بين روسيا والجزائر كان أيضا مدعوما بحجم المصالح التي تجنيها موسكو من علاقاتها مع الرباط، وهذا ما اشتغلت عليه المملكة عبر تطوير أوجه التعاون الاقتصادي بين البلدين، ليشمل مجالات كثيرة كالصيد البحري والطاقة والفلاحة والموارد الطبيعية، وغيرها من المجالات ذات الاهتمام المشترك، ما جعل الرباط من الشركاء الثلاثة الأوائل لموسكو في القارة الإفريقية؛ إذ إن المواقف السياسية للدول تتأثر كثيرا بالتوجهات الاقتصادية وحجم المكاسب المحققة”.

المصدر: هسبريس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *