اخبار السودان

إلى الداعمين للجيش بحجة الدفاع عن الدولة ( ٢ )

لا يوجد موقف تجريدي، ينحاز للدولة، ويتبرأ من الانحياز لمن يديرها، الانحياز للدولة التي يسيطر عليها الجيش، في الحرب، هو انحياز للجيش لا الدولة.

الدولة السودانية بمفهومها التجريدي، ستظل موجودة في كل الأحوال بعد هذه الحرب، مهما كانت نتيجة الحرب.

اذا انتصر الجيش، ستكون دولة السودان موجودة. اذا انتصر الدعم السريع ستكون موجودة. اذا انتصر السلام ستكون موجودة.

تم غزو العراق، وحل جيشه، فهل تلاشت دولة العراق؟

سيطرت مليشيا الحوثي على صنعاء، فهل تلاشت دولة اليمن؟

سيطرت مليشيا طالبان على افغانستان، هل تلاشت دولة افغانستان؟

دول عديدة في العالم لا تملك جيش، هل تلاشت هذه الدول لعدم وجود جيش بها؟

الدولة الحديثة قد تنقسم نتيجة الصراع الى دولتين، قد تتشظى، تدخل في ازمات متلاحقة، لكنها لا تختفي عن وجه الارض. الدولة كأرض وشعب ستظل موجودة، ما يختفي هو المشروع الذي يدير الدولة.

اختفي مشروع البعث في العراق، ولم تختفي دولة العراق.

اختفى مشروع علي عبدالله صالح في اليمن، ولم تختفي دولة اليمن.

اختفى مشروع امريكا في افغانستان ولم تختفي دولة افغانستان.

الدولة كائن معنوي لا وجود محسوس لها، هي كالروح، لا ترى، ولكنها تظهر للعيان حين تلبس مشروعا هوية، يعلم الناس دولة الكيزان، ومن قبلهم دولة نميري، والدولة الديمقراطية، عرفت هذه الدول بالمشروع الذي يديرها، لا بشيء اخر.

والدولة منذ نشاتها هدفها ان تمثل جميع سكانها، إذا لم تقم الدولة على الرضا وتنازل سكانها طوعا عن السلطات لصالح الحكام، فلا يصلح اطلاق مصطلح دولة عليها.

الدولة السودانية الحالية التي يدافع عنها بعض الاخوة، ويتخذونها ذريعة لدعم الجيش، هي مجرد هيكل سفينة، غير قابل للابحار، ولا إيصال راكبيها الى اليابسة، فلماذا يصرون على الناس لدعمها وهي بهذه الحال؟

يركب شباب السودان الان سفن الموت ويعبرون البحر الابيض المتوسط طمعا في جنسية وجواز دولة اخرى، لماذا؟

لان الدولة التي ولدوا فيها/السفينة التي يركبونها معطلة ولن تخطو بهم الي الامام.

الدفاع عن سفينة معطلة في منتصف البحر، لكي يظل ذات ربانها الفاشل مسيطرا عليها، هو دفاع عن الربان وليس السفينة. واستمرار بقاء هذا الربان هو أزمة السفينة، وليس شيء سواه.

رافضي الحرب يعلمون ان السفينة باقية، وأن الصراع الحالي هو حول الربان ومشروع إدارة السفينة، وليس صراعا حول وجود السفينة نفسها.

لذلك يدعمون مشروعا/ ربانا غير البرهان وحميدتي، هو ايقاف الحرب ومعالجة أزمة تعدد الجيوش واقامة سلطة الجميع المدنية الديمقراطية.

 الخطر على السفينة/الدولة الان هو الحرب نفسها، وليس اطرافها، هو عقلية استخدام السلاح وتعطيل سلاح الحوار، هو تقديم القتل على الحياة، وقطع الطريق على فرص انجاز التحول سلاما وليس احترابا.

يوسف السندي

المصدر: صحيفة الراكوبة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *