اخبار السودان

أزمات الحرس القديم والطريق الشاق نحو الديمقراطية في السودان: رحلة الدماء والدموع

في قلب القارة الإفريقية، يعيش السودان تحديات ، وأزمات تاريخية تجعل الطريق نحو الديمقراطية شديد الوعورة. يشكل الحرس القديم، الذي يتكون من مجموعات مسلحة، وميليشيات، وأحزاب طائفية تقليدية، وهياكل مجتمعية تقليدية، ومجموعات حزبية متطرفة شاطحة وغارقة في الأيديولوجيا اليمينية أو اليسارية، ومجموعات مناطقية مصلحية، ورأسمالية متطفلة ومستغلة، وأشخاص يحملون افكار انتهازية تتزلف للسلطان ، ومجموعات متشددة ومتطرفة في جوانب قبلية ومناطقية وجهوية، وفوق ذلك ما تم ويتم بثه من سموم الكراهية والتمييز على أساس العرق والهوية، أو الجهة الجغرافية، إضافة إلى التصورات ومنظومة الثوابت المدعاة تحت أفواه البنادق والقهر والغاء الآخر المختلف، وابتلاع المؤسسات والمنظومات وتنميطها في الأشخاص والمجموعات، والبناء الطبقي للمجتمعات، والامعان في الاستغلال باسم مؤسسات الدولة، والتماسك الصورى الرمزي بين هذا الكل غير المتجانس بفعل القهر والخوف واستغلال السلطة، هذه العوامل بالإضافة إلى عوامل أخرى كثيرة تشكل تحديًا كبيرًا لمسار الإصلاح والتغيير في البلاد.

رحلة السودان نحو الديمقراطية مليئة بالدماء والدموع، حيث شهدت البلاد صراعات ونزاعات دامية نتج عنها ملايين الضحايا وملايين من النازحين. الحرس القديم، الذي يتمتع بالسلطة والتأثير، يعمل على إحباط الجهود الديمقراطية وإبقاء البلاد تحت سيطرته، وسيطرة المنتفعين من سياسات الطغمة الفاسدة كطريق سهل للثراء ونيل الامتيازات غير المتناهية، ومجموعة من المتفلسفين والمنظرين لبطشها، وثلة من الأقلام التى صممها أصحابها للتربح والكسب على حساب الأكثرية المتضطهدة والمقهورة بصناديق الزخيرة والسجون التي فتحت بابها لإسكات الاصوات ووأد الأفكار في مهدها، إذ أضحت المطالبة بالمساواة والعدالة والديمقراطية جرما يتكالب عليه أبواق السلطان بمختلف المسميات قضائية وشرطيه وأمنية لحساب الأفراد، وحسابا جماعيا بإبادة القرى والفرقان والمدن بقوة السلاح وهد المنازل على رؤوس أصحابها لانهم صدحوا بالحق في حياة كريمة، وواجهوا لصوص موارد البلاد وقوت الاطفال وعلاج المرضى واحلام الملايين من الشباب الذين اصطفوا سلميا تحت شعار”حرية ، سلام، عدالة” في ثورة ديسمبر العظيمة تحريرا للعقول وشحذا للهمم، وقبر افكار وأزمات الحرس القديم وإطلاق ترس الانطلاق نحو آفاق المستقبل، في وطن حر ديمقراطي مدني يستوعب الكل حقوقا وواجبات ومواطنة.

مع ذلك، يبقى الشعب السوداني عزيمة وإرادة في مواجهة هذه التحديات الضخمة. ينادي بالحرية والعدالة ويسعى إلى بناء مستقبل مشرق يقوم على أسس الديمقراطية وحقوق الإنسان. تظهر في كل ركن من أركان السودان قصص الصمود والتضحية من أجل الانعتاق من قيود الحرس القديم الى آفاق الديمقراطية والحرية والعدالة والمساواة والسلام. يجب أن لا يتوقف كل الذين يسعون لبناء وطن معافى عن النضال والكفاح ، وأن يستمر ويتعاظم دعم كل اولئك يسعون إلى جعل الديمقراطية واقعا معاشا في السودان إذ يجب على جميع  أطياف الشعب السوداني الانتظام والتنسيق والعمل من أجل إنهاء فصول أزمات الحرس القديم والقضاء على التصورات والأفكار التى تصنع النزاعات والتوترات باستدعاء الخلافات الكامنة مدى التاريخ، و تجاوز الحواجز المصتنعة وعلاج التصدعات بالشفافية والعزم، وبداية صفحة جديدة مختلفة من حيث الادوات والمنهجيات والعقليات لإعادة تأسيس الدولة السودانية على أسس جديدة، تنصهر فيه الأفكار والرؤى والمعتقدات والتنوع المجتمعي، بناء سودان جديد معافى من شحنات وشطط الماضي.

الطريق الشاق نحو الديمقراطية في السودان يتطلب تضافر الجهود وتضحيات كبيرة. يجب على الحرس القديم أن يفهم أن مصلحة الوطن تفوق مصالح الفرد، وأن الديمقراطية هي المفتاح لاستقرار البلاد وازدهارها.

في نهاية المطاف، رحلة السودان نحو الديمقراطية لا تكون سهلة، ولكنها ضرورية لبناء مستقبل أفضل للأجيال القادمة. إن الدماء والدموع التي سالت في هذه الرحلة الطويلة ستكون شاهدة على إرادة وصمود شعب السودان في سعيه لتحويل الأزمات والصراعات إلى إرادة قوية وإنجازات تبهر العالم.

المصدر: صحيفة الراكوبة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *