اخبار

مواجهة علنية بين أقطاب الحكومة الإسرائيلية حول “اليوم التالي” في القطاع

16 مايو 2024آخر تحديث :

صدى الاعلام-  للمرة الأولى منذ بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، ظهرت الخلافات بين أقطاب الحكومة الإسرائيلية إلى العلن، منذرة بأزمة سياسية كبيرة قد تؤدي إلى تفكك الحكومة.

وتأتي هذه الخلافات في ضوء تزايد أعداد القتلى والجرحى في صفوف جيش الاحتلال مع اشتداد المعارك على محاور القتال في القطاع.

ووجه رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو انتقاداً غير مباشر للجيش، وقال: “إنه من غير الممكن وضع أو تنفيذ مخططات سياسية وترتيبات لما يوصف إسرائيلياً بـ(اليوم التالي) للحرب التي يشنها على قطاع غزة، طالما أن حركة حماس تسيطر عسكرياً على القطاع المحاصر، الذي يتعرض لحرب مدمرة منذ أكثر من سبعة أشهر.

وخلال مؤتمر صحفي عقده وزير أمن الاحتلال الإسرائيلي يوآف غالانت، رفض فيه أي حكم عسكري أو مدني لقطاع غزة، مطالباً نتنياهو بوضع خطة “اليوم التالي” في القطاع، لا تكون فيه إسرائيل هي المسيطرة هناك.

وحث غالانت رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو على اتخاذ قرارات تتيح إيجاد بدائل سلطوية لحركة حماس في قطاع غزة، محذرًا من أن الامتناع عن ذلك سيعني استمرار سيطرة الحركة على قطاع غزة أو قد تدفع إسرائيل إلى فرض حكم عسكري في القطاع الذي يتعرض لحرب إسرائيلية من 222 يوماً.

وشن غالانت هجوماً حاداً على نتنياهو، معتبراً أن الأخير يتهرب من اتخاذ قرارات بشأن “إيجاد بديل مدني محلي غير معادٍ لإسرائيل وغير مرتبط بحركة حماس” للسيطرة المدنية على قطاع غزة بالتوازي مع العمليات العسكرية التي تستهدف الحركة وسائر فصائل المقاومة في القطاع المحاصر، في محاولة لتقويض سيطرة الحركة على القطاع.

وشدد غالانت على أن الخطط العسكرية التي وضعها الجيش وصادق عليها نتنياهو تتضمن إيجاد بديل لحكم قطاع غزة مدنياً، في الوقت الذي يعمل جيش الاحتلال على ضرب حركة حماس عسكرياً، مشددًا على أنه طالب ببحث هذه المسألة لاتخاذ قرارات في إطار “الكابينيت” الموسع والمصغر وقوبل بالرفض.

وذكرت هيئة البث الإسرائيلية (“كان 11”)، مساء أمس، أن غالانت يهدد بالاستقالة من منصبه وزيراً للأمن في حال سيطرة إسرائيل على قطاع غزة، وأفادت بأن غالانت “يعتقد أن السلوك الحالي للحكومة أدى إلى وضع اضطر إسرائيل للسيطرة على قطاع غزة، وأن هذا الوضع خطير للغاية ولن يسمح له بالاستمرار في منصبه”.

بدوره، شن وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير هجوماً حاداً على غالانت ووصفه بأنه وزير “التصور الانهزامي”، وقال: “إنه لا يميز بين سيطرة الجيش الإسرائيلية أو سيطرة قطاع حماس على قطاع غزة”، وذلك في بيان مقتضب صدر عنه عقب المؤتمر الصحافي الذي عقده غالانت، ودعا بن غفير إلى إقالة غالانت بما يتيح “تحقيق أهداف الحرب”.

كما طالب وزير المالية بتسلئيل سموتريتش نتنياهو بأن يخير غالانت بين تنفيذ سياسة الحكومة أو الاستقالة، قائلاً: “إن غالانت أعلن فعلياً دعمه لإقامة دولة فلسطينية مكافأة لما وصفه بالإرهاب وحماس”.

وقال زعيم المعارضة يائير لابيد في تصريح صحافي: “إن ألاعيب نتنياهو يحب أن تتوقف”، مطالباً بالعمل على التوصيل ‏إلى هدنة، وإبرام صفقة تبادل للإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين لدى حركة حماس.

في حين، حذر الجنرال الإسرائيلي المتقاعد إسحاق بريك من انهيار وشيك للجيش في القطاع، مع تعمق عزلة إسرائيل وانهيار صورتها في العالم.

من جانب آخر، قال رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” إسماعيل هنية في تصريحات له: “إن حماس تعاطت بإيجابية مع جهود الوسطاء في مصر وقطر من أجل الوصول لاتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى”، مضيفًا: “إن تعديلات الاحتلال على المقترح الأخير وضعت المفاوضات في طريق مسدود، وإن العدو يواصل الحرب على غزة، ولا يأبه بمصير أسراه”.

وأكد هنية ضرورة انسحاب الجيش الإسرائيلي من معبر رفح فوراً، وأنه لا حق له بالتدخل في إدارة المعبر، مضيفًا: متوافقون مع مصر على ضرورة انسحاب الجيش الإسرائيلي من معبر رفح فوراً.

في حين، قال هنية: “إننا واثقون من انكسار العدوان واندحاره عن أرضنا مهما طال الزمن”، مضيفًا: “إن اليوم التالي للحرب ستقرره حماس مع باقي الفصائل الفلسطينية”.

ويقول منسق القوى الوطنية والإسلامية وعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير د. واصل أبو يوسف في حديث لـ”ے”: “إن ظهور الخلاف في حكومة الاحتلال للعلن بهذه الطريقة يأتي أمام فشل الاحتلال بكافة أهدافه أمام المقاومة، وأنه فقط يحصد أرواح الأطفال والمدنيين”.

وبما يتعلق بما بات يعرف بـ”اليوم التالي” للحرب على القطاع، يؤكد أبو يوسف أن إدارة القطاع لن تكون سوى فلسطينية، وبعد أكثر من ٧ أشهر لحرب الإبادة، فإنه من الواضح أنهم لن يجدوا أي إمكانية لوجود دور في القطاع سوى منظمة التحرير والسلطة، خاصة أن العالم أجمع أكد وحدة الأراضي الفلسطينية.

بدوره، قال الكاتب والمحلل السياسي سامر عنبتاوي لـ”القدس” دوت كوم: “إن احتدام الخلافات بين أركان الحكومة الإسرائيلية يعود لاشتداد المقاومة في القطاع، والذي أثر على العمل السياسي والعسكري، في ظل عمليات نوعية أثبتت فشل ادعاءات الاحتلال بالسيطرة على مناطق واسعة في القطاع، وكذلك تثبت عدم إدارة المعركة سياسيًا وأمنيًا وعسكريًا”.

وأضاف عنبتاوي: “إن ما يجري في أقطاب الحكومة الإسرائيلية يؤشر كذلك على الضغوطات الأميركية التي تتعلق بـ(اليوم التالي) للحرب، بالتزامن مع إصرار نتنياهو على عدم نقاش (اليوم التالي)، وغالانت يرفض الخكم العسكري أو الدور المدني في القطاع، لكن نتنياهو يعلن بموقف واضح أن الحرب ستكون للنهاية حتى إطلاق سراح المحتجزين، وهو أفشل كل الجهود، واستفرد بالقرار”.

ويتابع عنبتاوي: “إن هنالك ارتباكاً وفشلاً واضحاً بعمليات إدارة الاحتلال للمعركة، وتضيق الحلقة على رقبة نتنياهو، فهو يريد الاستمرار بالقتال لحماية نفسه بشكل شخصي ولحماية حكومته”.

ويشير عنبتاوي إلى أن “غالانت لا يريد أن تتحمل إسرائيل تبعات القطاع، وأن بقاءها سيدخلها بحرب استنزاف مستمرة، وهو يريد سلطة فلسطينية متفقاً عليها من الجميع، بما فيهم إسرائيل، حتى لو كانت السلطة الوطنية الفلسطينية، لكن بشروط جديدة”.

في حين، يشدد الكاتب والمحلل السياسي هاني أبو السباع في حديث لـ”القدس” دوت كوم، على أن الخلافات على حكم غزة ليست بشأن الحكم بحد ذاته، بل إن ذلك لوجود خلافات داخلية بين الأحزاب الإسرائيلية.

ويشير أبو السباع إلى أن خروج غالانت المفاجئ وتصريحاته تأتي بالتزامن مع ما تعيشه إسرائيل من أجواء حرب، وظروف سياسية معقدة، بدأت بظهور فشل الجيش الإسرائيلي أمام العمليات النوعية التي تنفذها المقاومة، وسط مطالبات قيادات الجيش بإيقاف الحرب، حيث وصل الخيار العسكري لطريق مسدود.

ويلفت أبو السباع إلى أن هذه الخلافات بين أقطاب الحكومة الإسرائيلية تظهر في لحظة حاسمة من الخلافات مع الولايات المتحدة حول إيقاف حرب غزة، وتعمُّق الأزمة مع السلطة، وكذلك تعمق الأزمة مع مصر، وفي ظل تصاعد احتجاجات الجامعات.

ويؤكد أبو السباع أنه لا يمكن لأي قوة وحدها أن تدير هذا الملف، حيث يأتي ذلك في ظل فشل البحث عن بدائل لإدارة القطاع غير السلطة أو بقاء حكم حماس، كما يدرك غالانت أن بقاء الجيش قد يتسبب بالمزيد من القتلى، خاصة مع وجود تقارير أمنية تفيد بأن قوات النخبة في جيش الاحتلال قد تعبت، وأن هنالك حجماً كبيراً جدًا من الخسائر، وسط فشل أمني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *