اخبار السودان

الحرب في السودان في سياق أزمة الرأسمالية

الحرب في السودان في سياق أزمة الرأسمالية

تاج السر عثمان بابو

1

يشتد الصراع الدولي في إطار أزمة الرأسمالية العالمية والليبرالية الجديدة، مع الحروب بهدف السيطرة على الموارد والطاقة كما هو حاصل في السودان وأفريقيا والحروب الجارية بين روسيا وأوكرانيا بهدف إضعاف روسيا، والحرب في السودان، والحرب في غزة التي يشنها الكيان الصهيوني بهدف تصفية القضية الفلسطينية بدعم من أمريكا وحلفائها في المنطقة وبهدف الهيمنة في صراع النفوذ على منطقة الشرق الأوسط لموقعها الاستراتيجي والغنىة بموارد الطاقة.

يتم هذا في ظروف تشتد فيها أزمة النظام الرأسمالي، والصراع على الموارد بين أقطاب الدول الرأسمالية، فقد اشتدت الأزمة منذ نهاية القرن الماضي التي مرت بالأزمات التالية:

أزمة شركات تكنولوجيا الاتصالات سنة 2000 التي شهدت فيها خسائر الإنترنت أكثر من 5 تريليون دولار.

أزمة الرهن العقارى عام 2008.

أزمة كوفيد 19 عام 2020.

اضافة لبروز الصين كقوة اقتصادية مؤثرة في العالم، وتفاقم الصراع بينها والولايات المتحدة. وجاءت الحرب الروسية الأوكرانية كنتاج لصراع الولايات المتحدة وبقية الدول الرأسمالية الكبرى مع روسيا والصين لتقسيم العالم ونهب موارده ومانتج عنها من نقص في الوقود والقمح لتزيد الأزمة تعقيداً.

2

كما أشرنا سابقاً أدت الأزمة بعد سيادة سياسة التحرير الاقتصادي أو الليبرالية الجديدة وتفكيك الاتحاد السوفيتي ودول أوروبا الشرقية بهدف نهب مواردها وغزو أسواقها، إلى اشتداد حدة الصراع الطبقي بتركز الثروة في يد فئة قليلة على صعيد عالمي وعلى مستوى كل دولة، على حساب الكادحين والفقراء في البلدان المتخلفة والمتقدمة الذين يعانون من ارتفاع الأسعار والتضخم والبطالة والغذاء، كما فقد أكثر من 200 مليون عامل وظيفته حسب منظمة العمل الدولية، واشتداد موجة الإضرابات والاحتجاجات لتحسين الأوضاع المعيشية، ومن أجل رفع الأجور وتوفير خدمات التعليم والصحة وتحسين بيئة العمل..

إضافة لارتفاع الانفاق العسكرى على صعيد العالم واتساع تجارة السلاح على حساب الانفاق على التعليم والصحة، كما حدث في السودان في التنافس بين الجيش والدعم السريع على الثروة والسلطة حتى نشوب الحرب اللعينة بينهما حيث بلغت ميزانية الأمن والدفاع 70%، فضلاً عن استحواذ شركات الجيش والدعم السريع والأمن والشرطة على 82% من الموارد، وصرف الدولة على الدعم السريع وجيوش حركات جوبا.

بحيث أصبح من نتائج أزمة الرأسمالية زيادة الأغنياء غنىً والفقراء فقراً. فضلاً عن ازدياد عدوانية حلف الناتو بهدف نهب الموارد في أفريقيا وبقية بلدان العالم، في صراعها مع الصين وروسيا.

.3

في الوقت التي تفرض الولايات المتحدة سياسة التحرير الاقتصادي على الدول الأخرى، نجد أن الدولة فيها تتدخل لحماية البنوك والشركات من الانهيار (حلال على بلابله الدوح، حرام للطير من كل جنس)، كما حدث في أزمة 2008 عندما تدخلت لحماية مصارفها وشركاتها الكبرى.

كما يشتد التناقض بين الولايات المتحدة والدول الأوروبية بسبب هيمنة الولايات المتحدة وفرض مقاطعة روسيا عليها، التي تضررت من نقص الطاقة الواردة من روسيا بأسعار أقل.

لا يمكن فصل التدخل الدولي الكثيف عن اشتداد حدة الصراع الدولي لنهب موارد السودان، فما هو جارٍ الآن من حرب وإبادة جماعية في دارفور وجبال النوبا وجنوب النيل الأزرق والشرق بقية المناطق هدفه نهب الأراضي وتشريد سكانها الأصليين، والموارد لصالح الشركات الزراعية والعاملة في التعدين الإقليمية والعالمية، وتسليح المليشيات لتلعب دورها في خدمة تلك المصالح كما في مليشيات الدعم السريع الذي اعترف قائدها حميدتي صراحة بالتبعية للخارج، فالمخطط الذي جرى قبل الحرب لنهب أراضي وموانئ البلاد في غياب الحكومة الشرعية والبرلمان المنتخب مثل قيام ميناء “عمائم” على البحر الأحمر، ومشروع “الهواد” الزراعي، وخط السكة الحديد بورتسودان أدري بتشاد، تهدف الحرب الجارية لتحقيقه، إضافة لصراع أمريكا لإبعاد الصين وروسيا من السودان، كما في اعتراضها على السماح لروسيا بقيام قاعدة في السودان، ونشاط شركات “فاغنر” مليشياتها في التعدين، وهدفها الانفراد بالسودان والعمل على استقراره لضمان نشاط شركاتها في السودان.

4

لقد فرّط نظام الإنقاذ والرأسمالية الطفيلية الإسلاموية في سيادة الوطن وباعت أراضي السودان الزراعية أو تأجيرها لسنوات تصل إلى 99 عاماً، وأبرمت شروطاً مجحفة في اتفاقات التعدين نالت بموجبها الشركات 70% من العائد، بدون شروط لحماية البيئة والعاملين وتعمير مناطق الإنتاج، وربطت البلاد بالأحلاف العسكرية والمشاركة في محرقة حرب اليمن، وفقدان السودان لأجزاء منه بالاحتلال “حلايب، شلاتين، الفشقة،. إلخ”.

مما يتطلب أوسع تحالف لوقف الحرب والاستفادة من التجربة السابقة بسلبياتها وإيجابياتها.. حتى لا يتم إعادة إنتاج الأزمة والشراكة مع العسكر والدعم السريع اللذين يجب أبعادها عن السياسة والاقتصاد وتقديم المسؤولين عن جرائم الحرب والاغتصاب للمحاكمات إضافة للتنسيق من أجل:

وقف الحرب واستدامة السلام والحكم المدني الديمقراطي.

الترتيبات الأمنية لحل مليشيات الدعم السريع وجيوش الحركات، وجيوش ومليشيات الكيزان، وقيام الجيش القومي المهني الموحد.

ضم كل شركات الجيش والدعم السريع والأمن والشرطة لولاية وزارة المالية.

محاسبة ومحاكمة كل الذين ارتكبوا جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية، وتسليم البشير ومن معه للمحكمة الجناية الدولية.

إلغاء اتفاق جوبا الذي فشل في تحقيق السلام والتوجه لحل الشامل والعادل الذي يخاطب جذور المشكلة.

إلغاء كل القوانين المقيدة للحريات.

الحل الشامل لقضايا البلاد وقيام المؤتمر الدستوري والدولة المدنية الديمقراطية التي تسع الجميع، واستقلال القضاء ومبدأ سيادة حكم القانون وتحقيق قومية الخدمة المدنية والعسكرية، وعودة تسوية أوضاع المفصولين من العسكريين والمدنيين.

تحسين الأوضاع المعيشية وتنفيذ مقرارات المؤتمر الاقتصادي لمعالجة التدهور المعيشي والاقتصادي، ورفض سياسة التحرير الاقتصادي بتحقيق مجانية التعليم والصحة ودعم الدولة للوقود والدواء والمزارعين.

التفكيك الناجز للتمكين واستعادة ممتلكات الشعب المنهوبة.

إعادة النظر في كل الاتفاقات المجحفة حول الأراضي التي يصل إيجارها إلى 99 عاماً، ومع شركات التعدين.

السيادة الوطنية وقيام علاقات خارجية متوازنة مع كل دول العالم لمصلحة شعب السودان بعيداً عن الأحلاف العسكرية والمحاور الإقليمية. وغير ذلك من مهام الفترة الانتقالية التي تُجرى في نهايتها انتخابات حرة نزيهة.

[email protected]

المصدر: صحيفة التغيير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *