اخبار السودان

6 أبريل لتجاوز تجربة الوثيقة الدستورية

6 أبريل لتجاوز تجربة الوثيقة الدستورية

تاج السر عثمان بابو

1

أشرنا سابقاً بمناسبة ذكرى 6 أبريل إلى أن الاتفاق الإطارى بين اللجنة الأمنية وقوى الحرية والتغيير المحلس المركزي وبقية القوى الموقعة بضغط خارجي، يعيدنا لمربع تجربة الوثيقة الدستورية 2019 “المعيبة” التي كان حصادها هشيماً، فلا يمكن تكرار التجربة السابقة بنفس الطريقة، وتتوقع نتيجة مختلفة غير المزيد من الفشل، وإعادة إنتاج الأزمة والانقلاب العسكري، كما حدث في انقلاب 25 أكتوبر الذي أدى لتدهور الأوضاع الاقتصادية المعيشية والأمنية جراء تعدد الجيوش والحملات المستمرة للتجنيد، وانتهاك حقوق الانسان وحرية التنقل والاتصالات بالقمع الوحشي للمواكب السلمية وإعلان حالة الطوارئ وإغلاق الكبارى والإنترنت، والإبادة الجماعية في دارفور وجنوب النيل الأزرق وجنوب وغرب كردفان والشرق. إلخ.

فالاتفاق الإطارى يكرس حكم العسكر والجنجويد واتفاق جوبا الفاشل، والإفلات من العقاب، واستمرار نهب ثروات البلاد والتفريط في سيادتها الوطنية، جراء التدخل الكثيف في الشؤون الداخلية للبلاد.

فقد عاش شعبنا تجربة التوقيع على الوثيقة الدستورية في 17 أغسطس 2019 بين اللجنة الأمنية وقوى “الهبوط الناعم” في (قحت) والتي كرّست هيمنة المكون العسكري في الشراكة، كما هو الحال في اتفاق تقاسم السلطة الذي اعطى العسكر 21 شهراً الأولى، وتعيين وزيري الداخلية والدفاع، والابقاء على الدعم السريع والقوات المسلحة والشرطة في يد المجلس السيادي، وغض الطرف عن مليشيات النظام البائد (كتائب الظل، الدفاع الشعبي، الوحدات الجهادية الطلابية. الخ)، تعيين المجلس السيادي لمفوضيات مهمة مثل: الانتخابات الدستور المؤتمر الدستوري، والابقاء على المراسيم الدستورية من 11 أبريل 2019 إلى بداية سريان الاتفاق.

2

الاتفاق الإطارى كما في الوثيقة الدستورية تمّ بتدخل خارجي إقليمي وعالمي بات معلوماً تفاصيله للجميع بهدف فرض “الهبوط الناعم” الذي يعيد سياسات النظام السابق الاقتصادية والقمعية وتحالفاته العسكرية التي تفرط في سيادة البلاد ونهب ثرواتها الزراعية والمعدنية والحيوانية وأراضيها الخصبة ومياهها الجوفية، والاستمرار في الاتفاقات الجزئية كما في اتفاق جوبا التي تتحول لمحاصصات وفساد، وتعمق الصراعات القبلية والإثنية وتهدد وحدة البلاد، ولضمان الحفاظ على مصالح تلك القوى (قواعد عسكرية، موانئ، الخ).

كما أبقى الاتفاق على التمكين وعطلت اللجنة الأمنية استرداد أموال الشعب المنهوبة، والإصلاح الأمني والعسكري والعدلي والقضائي تحت قيادة مدنية، وأبقى على المصالح الطبقية للرأسمالية الطفيلية المدنية والعسكرية ومصادر التراكم الرأسمالي الطفيلي (العائد من حرب اليمن، نهب وتهريب الذهب، وعدم ضم شركات الذهب والبترول والجيش والأمن والشرطة والدعم السريع، والمحاصيل النقدية، والماشية والاتصالات. الخ لولاية وزارة المالية).

كان الهدف من الاتفاق إجهاض الثورة وأهدافها وقيام شراكة بين العسكر والمدنيين يكون المهيمن فيها المكون العسكري بدلاً من قيام الدولة المدنية الديمقراطية، إضافة لقطع الطريق أمام قيام نظام ديمقراطي يكون منارة في المنطقة.

3

بعد التوقيع على الوثيقة الدستورية كان الحصاد هشيماً، كما أكدت التجربة الماضية التوقعات بإجهاض الثورة والسير في “الهبوط الناعم” تحت هيمنة المكون العسكري، كما في حالة عدم الرضا والخرق المستمر للوثيقة الدستورية، وعدم تنفيذ جداولها الزمنية مثل عدم إنجاز شئ في لجنة التقصي في مجزرة فض الاعتصام.

عدم تكوين المجلس التشريعي.

تدهور الأوضاع المعيشية والاقتصادية بدلاً من تحسينها ودعم الدولة للتعليم والصحة، وتمكين الشباب والمرأة. الخ، كما جاء في الوثيقة.

البطء في تفكيك النظام البائد واسترداد الأموال المنهوبة.

عدم إلغاء القوانين المقيدة للحريات، وإصدار قوانين ديمقراطية للنقابات والاتحادات. الخ.

لم يتم عودة جميع المفصولين العسكريين والمدنيين.

لم تتكون المحكمة الدستورية وإصلاح النظام العدلي والقانوني.

خرق المكون العسكري للوثيقة الدستورية بهمينته على ملف السلام والسياسة الخارجية من مجلس الوزراء، والالتفاف على “الوثيقة الدستورية”، وإفراغها من مضمونها، وتوقيع اتفاق جوبا الذي كان انقلاباً آخر على “الوثيقة الدستورية”، تعلو بنوده عليها، والتطبيع مع إسرائيل بلقاء البرهان نتنياهو، والسماح بالقواعد العسكرية على البحر الأحمر. الخ.

مصادرة حق الحياة الذي كفلته “الوثيقة الدستورية” القمع وإطلاق النار على المواكب والتجمعات السلمية مما أدى إلى استشهاد البعض وجرحى، والاعتداء على الصحفيين والنساء من بعض المتفلتين من القوات النظامية، وقيام بيوت أشباح للدعم السريع، والتهاون مع مواكب الفلول، واستمرار الإبادة الجماعية في دارفور والشرق وجنوب وغرب كردفان. الخ بهدف نهب الموارد، كما هو جارٍ الآن..

وصل الانحراف عن الوثيقة وأهداف الثورة بالدعوات للمصالحة مع الإسلامويين.

الدعوات للانتخابات المبكرة بدون تحقيق أهداف الفترة الانتقالية واستحقاقاتها التي تؤدي لانتخابات حرة نزيهة بعد المؤتمر الدستوري ودستور ديمقراطي وقانون انتخابات يتوافق عليه الجميع.

كل ذلك، يؤكد ما ظللنا نشير إليه منذ التوقيع على الوثيقة الدستورية (المعيبة) أنها أصبحت حبراً على ورق، ومعبراً لإجهاض الثورة، وامتداداً لسياسات النظام البائد في خرق العهود والمواثيق، كما حدث في الانقلاب عليها في 25 أكتوبر بعد أن حانت ساعة تسليم السلطة للمدنيين.

أخيراً تكرار تجربة الوثيقة الدستورية الفاشلة كما في الاتفاق الإطارى مهدد خطير لوحدة البلاد كما في الجيوش وحملات التجنيد الجارية، بإعادة إنتاج سياسات النظام المدحور القمعية والاقتصادية والتفريط في السيادة الوطنية والاستمرار في نهب ثراوات البلاد، واستمرار الانقلابات العسكرية، وعدم استدامة الديمقراطية باعتبارها الشرط للإصلاح الأمني والعسكري والقضائي والقانون وعدم الإفلات من المحاسبة، والحفاظ على وحدة وثروات البلاد ومستقبل الأجيال القادمة.

في ذكرى 6 أبريل، أوسع نهوض وخروج جماهيري للشارع، ومواصلة التراكم النضالي الجماهيري الجاري بمختلف الأشكال، وفي أوسع تحالف ثوري لإسقاط الانقلاب، وقيام الحكم المدني الديمقراطي الذي يحقق أهداف الثورة ومهام الفترة الانتقالية.

المجد والخلود للشهداء، عاجل الشفاء للجرحى، وعوداً حميداً للمفقودين، والحرية لكل المعتقلين السياسيين.

[email protected]

المصدر: صحيفة التغيير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *