اخبار

تناقضات الكابينيت وانعكاساتها

21 مارس 2024آخر تحديث :

 الكاتب: عمر الغول – بين المصالح العامة للدولة الإسرائيلية والحسابات الشخصية والحزبية هوة تتسع بشكل متدحرج يوميا، وارتفعت حدة التناقضات بين مكونات الكابينيت ذاته، وبين الموالاة والمعارضة الإسرائيلية، وبين حكومة حرب الإبادة والشارع الإسرائيلي، وبين النخب الحاكمة ومستقبل الدولة والمشروع الصهيوني، وبين الإدارتين الإسرائيلية والأميركية ومن خلف الأخيرة دول الغرب الأوروبي الرأسمالي، وبين الدولة العبرية ويهود العالم والرأي العام العالمي ككل.

منذ اليوم الأول لتشكيل مجلس الحرب الإسرائيلي بعد السابع من أكتوبر 2023 لم يكن التوافق موجودا بين مكوناته بسبب وجود تناقضات بين أركان حكومة نتنياهو السادسة وتكتل المركز برئاسة غانتس، لكن اعتبارين دفعا الأخير للانضمام للحكومة، الأول المصلحة العليا للدولة والمشروع الصهيوني. لا سيما أن مستقبل دولة المشروع اهتز بشكل غير مسبوق الثاني رغبة واشنطن في وجود أنصارها داخل دائرة الحكم الإسرائيلي للوقوف على توجهات حكومة نتنياهو، وبالتالي لم يكن الانسجام والتكامل بين الطرفين موجودا.

كما أن أركان الحكومة السادسة لم يكونوا متوافقين على رؤية واحدة، ليس تجاه ما خلفه السابع من أكتوبر 2023، وإنما سابق عليه، أي منذ تأسيس الحكومة، وتحديدا بين غالانت وزير الحرب وهليفي رئيس أركان الجيش من جهة ونتنياهو وأقرانه سموتريتش وبن غفير من جهة أخرى حول تركيبة الحكومة والمهام المتداخلة بين وزرائها وخاصة بين وزير الحرب والوزير في الوزارة المسؤول عن الإدارة المدنية، وبالتلازم معها بشأن آليات العمل ضد الشعب والقيادة الفلسطينية عموما، وفي العلاقة مع حركة حماس في قطاع غزة، وانعكس ذلك قبل الحرب بإقالة غالانت، ثم تم التراجع عنها.

أضف لذلك ما حصل يوم السبت الماضي 16 مارس الحالي عندما عقد وزير الحرب اجتماعا للوفد المفاوض بحضور رئيس الموساد ومشاركة غانتس وآيزنكوت دون أخذ موافقة نتنياهو، لاعتقادهم بأنه يحاول التسويف والمماطلة في ملف التفاوض بهدف تعطيل المفاوضات، وحتى عندما سمح في جلسة الحكومة يوم الأحد الماضي بسفر الوفد للدوحة، وضع خطوطا حمراء أكثر تشددا على ديفيد برينع، لرغبته بإدامة حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني، لأن مصلحته الخاصة تتمثل في ذلك، وارتباطا بتماهيه مع حلفائه سموتريتش وبن غفير، وخياره الآيديولوجي الرافض لأي عملية سلام.

وتفاقمت التناقضات مع اشتعال نيران حرب الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني مع سعي نتنياهو تحميل الجيش الإسرائيلي المسؤولية عما حصل في السابع من أكتوبر الماضي، لتبرئة نفسه، وللمحافظة على بقائه على رأس الحكومة، وتمثل ذلك بالاختلاف حول مبادرة رئيس الأركان هليفي بتشكيل لجنة تحقيق عسكرية حول الملف ذاته، حيث اعتبرها كل من الثلاثي رئيس الحكومة ووزير الأمن “الوطني” ووزير المالية منحازة، لأن قوامها من حلفائه. وتلا ذلك مؤخرا يوم الاحد الماضي 17 مارس الحالي نية رئيس الأركان ترفيع 52 ضابطا بينهما 2 في مواقع حساسة، ما أثار ردود فعل داخل الحكومة وخاصة سموتريتش، الذي وجه “انتقادات شديدة اللهجة إلى رئيس الأركان، وأبدى معارضته لإجراء تعيينات جديدة في الجيش، مؤكدا أنه سيطالب المجلس الوزاري للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت)، وقف التعيينات”.

وقال سموتريتش إن “على رئيس الأركان عدم الانشغال بتعيينات غير ملحة بالجيش، فالقيادة الحالية للجيش التي تتحمل مسؤولية الفشل والإخفاق في 7 أكتوبر، لذا لا يجب أن تتولى تحديد شكل الجيش للمستقبل، نريد تعيين قيادة عسكرية تقود عملية إصلاح الجيش بعد انتهاء الحرب”.

واتسعت رقعة التناقضات مع دعوة الإدارة الأميركية لغانتس لزيارة واشنطن دون التنسيق مع نتنياهو، وحتى انه جرى إبلاغه شفويا بالزيارة من قبل عضو كابينيت الحرب عشية زيارته. وقبل يومين أخذ رئيس الحكومة قرارا بأبعاد رئيس تكتل المركز عن التدخل في ملف المفاوضات بشأن تبادل أسرى الحرب، في محاولة منه لدفعه للخروج من الحكومة. مع أن خطوته تتناقض مع الاتفاق المبرم بينهما. لكن على ما يبدو أن غانتس ليس بوارد مغادرة الحكومة حتى الآن، ورغبة منه في التوافق مع واشنطن في خطوته الدراماتيكية، بحيث يكون خروجه منها إيذانا بفتح بوابة الانتخابات البرلمانية والإطاحة برئيس الحكومة وائتلافه.

أما التناقضات الأخرى بين رئيس حكومة الحرب مع الشارع الإسرائيلي ومع يهود العالم والإدارة الأميركية والرأي العام العالمي، حتى الآن لم يعرها اهتماما طالما واشنطن تغطي جرائم حربه، ولم تقدم مشروع قرارها المعدل للمرة الخامسة والداعي لوقف الحرب فورا لمجلس الأمن.

غير أن التناقضات القائمة وهي حقيقية، وليست شكلية ستعطي ثمارها في المدى المنظور، وكافه عوامل الاختلاف والتناقض ستؤدي إلى سقوط حكومة نيتنياهو، وتدفع نحو انتخابات مبكرة بعد إتمام تبادل الأسرى، الذي أتوقع أن يفرض عليه وعلى أقرانه، وهذا ما عبر عنه رئيس تكتل مركز الدولة، عندما قال، سيتم التبادل رغم أننا سندفع ثمنا باهظا مقابل ذلك، ما سيؤدي لفرط عقد الحكومة، حيث هدد كل من سموتريتش وبن غفير بالانسحاب منها. وإن غدا لناظره قريب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *