اخبار السودان

مستقبل العملية السياسية ما بعد الإطاري «1»

مجدي عبدالقيوم (كنب)

مجدي عبد القيوم (كنب)

بيان الثلاثية مهد لمرحلة جديدة

مؤشرات اعادة ترتيب المشهد

الحوار السودانى السودانى هو المخرج

حكومة الكفاءات المستقلة هى ضمانة الاستقرار

يبدو أن المرحلة الأخيرة مما يعرف بالعملية السياسية ستخرج عن إعلان المبادىء المسمى الاتفاق الاطارى إلى الدخول فى التفاصيل التى سيمهد الاتفاق حولها الطريق إلى الاتفاق السياسي وليس هذا من باب التحليل لمجريات الأحداث فقط قد يخطئ ويصيب لكنها أيضا وجهة نظر مبنية على شواهد ووقائع ماثلة كان اولها ما ورد فى بيان الآلية الثلاثية بتاريخ ٣٠ يناير ٢٠٢٣ م الذى قالت فيه بوضوح أن المرحلة الاخيرة من العملية السياسية سيشارك فيها كل الراغبين فى التحول المدنى سواء كانوا موقعين على الاتفاق الاطارى أو غير موقعين وانه ليس هناك جهة تحتكر هذه العملية ومضى أبعد من ذلك وأشار إلى القوى الثورية الرافضة للاتفاق الاطارى وحث الفاعلين على إدارة حوار معها.
هذا البيان مهد بوضوح لمرحلة جديدة مما يعرف بالعملية السياسية فى سياق الاتفاق الاطارى كإعلان مبادىء
معلوم أن البيانات الرسمية التى تصدر عن المؤسسات الدولية أو الإقليمية تستخدم لغة دقيقة مضبوطة لتعطى دلالات محددة وهذا ما اتسم به بيان الثلاثية ويبدو أنه أستخدم مفردات أو مصطلحات قطعية الدلالة فأورد نصا (سواء كانوا موقعين او غير موقعين) وكذلك قال بوضوح الا جهة (تحتكر العملية السياسية) ولعل مفردة تحتكر تحمل فى طياتها رسالة تطمين لكل الفاعلين فى المشهد الذين اتخذوا موقفا سلبيا من الاتفاق الاطارىء واخرى للذين يتوهمون أن رخصة مزاولة العمل السياسي رهينة موافقتهم
على الرغم من ذلك ظل الخطاب السياسي الجماهيري لقوى المجلس المركزى يتسم بحالة من الإنكار والقفز فوق الواقع مستخدما ذات اللغة والمصطلحات المعهودة حول أن أطراف العملية هم المحددات سلفا فى الاطارى لإرسال رسالة مضللة أن المركزى لا زال هو الفاعل الأوحد والاساسي فى المشهد وهى ليست محض فرية لا تصمد أمام الواقع بل تسهم فى ارباك المشهد وزيادة الاحتقان ولا ندرى ما العبرة من ذلك فأغلب السودانيين دعك عن الساسة يدركون الفرق بين الواقع السياسي والواقع الاعلامى وما وراء الخبر أو متى غيرت الفضائيات التى ظلت تروج لمواقفهم سياستها الاعلامية وعلاقة ذلك بموقف الدولة صاحبة القناة
هناك عدة مؤشرات تدلل على صحة ما ذهبنا إليه بأن المرحلة الحالية من العملية السياسية مختلفة تماما كفاعلين وتبعا كأهداف ومن اهمها انعقاد ورشة مراجعة اتفاقية السلام الذى عقدت بجوبا فى الفترة من ١٥ الى ١٧ فبراير٢٠٢٣
هذه الورشة علاوة على أنها جبت الورشة التى تمت تحت إشراف الثلاثية بالخرطوم فى الفترة من ١ إلى ٣ فبراير ٢٠٢٣ فإنها كذلك وهو الاهم قد أدخلت كل الموقعين على التعديلات بما فيهم بعض الأطراف التى يرفض المركزى انضمامها للعملية السياسية باعتبار أن أطراف العملية هم المحددين فى الاتفاق الاتفاق الاطارى ومن بينهم أطراف العملية السلمية وحيث أن المركزى نفسه طالما كان مقرا باشراك أطراف العملية السلمية فإن ورشة جوبا أدخلته فى مأزق بتجديدها لتوقيع مجموعات من أطراف السلام كان يرفض بشكل قاطع حتى مجرد توقيعها على الاتفاق الاطارى وبالتالي اشتراكهم تبعا فى كل المراحل التالية من العملية السياسية .
فى التقدير أن ورشة جوبا مثلت مرحلة فاصلة لما قبلها وشكلت منعطفا جديدا فى مسار العملية السياسية ليست لجهة توصل اطرافها لمصفوفة زمنية أو حتى إيجاد معالجات للاستحقاقات المالية الضخمة التى تتطلبها عمليات مركبة ومعقدة سواء على مستوى إعادة الدمج والتسريح أو تفكيك المعسكرات وإعادة توطين النازحين واللاجئين وإنما لجهة أنها شكلت بداية تدشين المرحلة التى أسس لها بيان الثلاثية بتاريخ ٣٠ يناير٢٠٢٣
فى السياق تعد التطورات الإيجابية فيما يتصل بالعلاقة بين الجيش والدعم السريع مؤشرا اخرا ونقول ايجابية على الرغم مما ثار من لغط بشأن تجاذبات بين البرهان وحميدتى وما رشح من محاولات استقطاب أو استقواء من بعض القوى والشاهد أن الفعل على ارض الواقع يشىء بعكس ما يتسرب والسبب معلوم وهو يرتبط وثيقا بالاستراتيجى الدولى وهو ما غاب عن البعض من القوى التى وضعت البيض فى سلة واحدة
المشهد الآن يتجه نحو حوار سودانى سودانى شامل لاى يستثنى احدا وهو الضمانة الوحيدة لنجاح الانتقال .
هذا الحوار يتطلب منصة وطنية تكتفى فيها الثلاثية بدور الميسر وتقديم الدعم الفنى واللوجستى
فى التقدير أن من أهم ما ينبغى ان يتم الاتفاق حوله فى سياق التعديلات على مشروع الدستور الانتقالي هو النص بوضوح على أن تتشكل الحكومة من كفاءات مستقلة وتعديل المادة التى تتحدث عن كفاءات وطنية
التأكيد على حكومة الكفاءات المستقلة يجنب الانتقال مخاطر الصراع السياسي الذى اقعد بحكومتى الدكتور حمدوك التى عانت من ازدواجية مواقف القوى المشكلة لها سيما ما يتصل بالسياسة المالية وملف العلاقات الخارجية
هذا إضافة إلى الصراع الخفى بين الأحزاب التى كانت مشاركة فى الحكومة للسيطرة على الوظائف القيادية فى الوزارات التى تسببت فى ارباك أداء الوزراء فى كثير من الوزارات .
لا يعنينا ما قال به فولكر عن أنه ليس لديه حساسية من أن تتشكل الحكومة من حزبيين أو مزاعم قادة المجلس المركزى بأنه يمكن أن يكون ذلك بعيدا عن المحاصصات فمنهجهم حتى فى إدارة التحالف السياسي قيل فيه ما لم يقله مالك فى الخمر فى الاقصاء والتكويش واختطاف القرار دعك عن تجربتهم فى الحكم خلال حكومتى الدكتور حمدوك فالاداء المتدنى نتاج طبيعى لضعف معظم الوزراء والذين اتت بهم المحاصصة والكلام حول انهم وضعوا معايير لشاغلى الحقائب الوزارية ليس حديث جزاف فحسب بل ليس هو من اختصاصهم فهذا شأن يخص رئيس الوزراء ايا كان.
لسنا فى حاجة الاشارة الى أننا لسنا ضد العملية السياسية الجارية لكننا ضد الاستهبال السياسي ومنهج الاقصاء والانتقائية
ما هى مالات المشهد والام تفضى ؟هذا ما ستناوله لاحقا

المصدر: صحيفة التغيير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *