اخبار المغرب

“طوفان الأقصى” يجتاح إسرائيل ويعيد للأذهان “حرب أكتوبر” قبل خمسين عاما

لم تمر 24 ساعة على ذكرى مريرة بالنسبة للإسرائيليين، هي حرب السادس من أكتوبر عام 1973، أو حرب يوم كيبور وفقا للتسمية الإسرائيلية، ليجدوا أنفسهم أمام تجربة أعادت للأذهان ما حدث قبل 50 عاما.

فقد استيقظت إسرائيل على صفارات الإنذار التي دوت في عديد المدن، ومن بينها تل أبيب والقدس، على وقع عملية نوعية غير مسبوقة تبنتها كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، وأطلقت عليها اسم “طوفان الأقصى”، وقالت إنها رد على “اعتداءات المستوطنين” في القدس، واستمرار الحصار الإسرائيلي لقطاع غزة.

ولم يقتصر الأمر هذه المرة على إطلاق آلاف الصواريخ من قطاع غزة على إسرائيل، فبالتزامن اجتاز المئات من المسلحين الفلسطينيين السياج الفاصل بين القطاع والمستوطنات الواقعة في محيطه.

ومع اختراق السياج الفاصل وشن إسرائيل سلسلة غارات على قطاع غزة، تحولت تلك المنطقة إلى ساحة مواجهات شاملة. وأظهرت مقاطع فيديو بثتها كتائب القسام ترتيبات العملية من بدايتها وتسلل مئات المسلحين إلى بعض المستوطنات الإسرائيلية، ومقاطع أخرى تظهر العديد من القتلى والجرحى والرهائن الإسرائيليين، ومن بينهم العديد من العسكريين، وسيطرة المسلحين الفلسطينيين على آليات ومدرعات عسكرية إسرائيلية وسحبها إلى داخل غزة والتجول بها وسط احتفالات شعبية في شوارع القطاع.

وأربكت العملية حسابات الجانب الإسرائيلي، ليخرج الرئيس إسحق هرتسوغ ويقر بأن إسرائيل تمر بأوقات عصيبة، بينما وصف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ما حدث بأنه “يوم أسود”، مضيفا أن إسرائيل “في حالة حرب”، واعتبر أن حماس “ارتكبت خطأ فادحا”، متوعدا إياها بدفع “ثمن باهظ”.

وعلى الرغم من إعلان الجيش الإسرائيلي حالة التعبئة العامة واستدعائه قوات الاحتياط، وإطلاق عملية عسكرية سماها “السيوف الحديدية” ردا على عملية “طوفان الأقصى”، يرى العديد من الخبراء العسكريين أن ما حدث كشف عن فشل استخباراتي كبير وتقصير أمني في الجانب الإسرائيلي.

وذهبت صحيفة “يديعوت أحرونوت” إلى الرأي نفسه في تحليل لها، ملقية اللوم والاتهام على الأجهزة الأمنية والدفاعية، ووصفت ما حدث بأنه “فشل للحكومة”، معتبرة أن “الازدراء طويل الأمد للمنظمات الإرهابية الوهمية تحول هذا الصباح (السبت) إلى كابوس يصعب الهروب منه وصدمة ستطارد الإسرائيليين لفترة طويلة”.

وقالت الصحيفة: “لقد ترك الهجوم المفاجئ الذي شنته حماس على إسرائيل هذا الصباح الشعب الإسرائيلي في حالة صدمة. كان الجميع يعلم أن شيئا ما قد يحدث، يذكرنا بعام 1973 والفشل الذريع لحرب يوم الغفران (6 أكتوبر). دارت المناقشات في كل مكان هذا العام حول الإخفاقات والأخطاء ومواطن الخلل. ومع ذلك، لم يتوقع أحد ما حدث في الساعات الأخيرة، إرهابيون يتجولون في المدن الجنوبية وعمليات اختطاف وإطلاق نار في الشوارع ومظليون وآلاف الصواريخ التي تهاجم مناطق مختلفة من البلاد في وقت واحد”.

كما حملت يديعوت أحرونوت القيادة السياسية في إسرائيل المسؤولية، قائلة إن التاريخ سيسجل ما حدث في 7 أكتوبر أنه “فشل في كل النواحي. لقد انهار المفهوم (مجددا)، وأصبح الثمن الباهظ الذي دفعه المواطنون، نتيجة للسلوك المعيب لصناع القرار، أمرا مروعا لا يحتمل. لقد فشل المستوى السياسي، وهذا واضح”.

أما صحيفة “هآرتس” فتحدثت عن “السيناريو الكابوس”، معتبرة أن “انتصار حماس هو فشل إسرائيلي على نطاق واسع”. وكتبت صحيفة “جيروزاليم بوست”: “صدمت حماس إسرائيل يوم السبت بهجوم مفاجئ ألحق أكبر الخسائر برا وبحرا وجوا بإسرائيل منذ عقود، واستشهد البعض بحربي 1973 و1948”.

وفي ظل تهديد إسرائيل برد قاس وحديث قادتها عن حرب طويلة وأيام صعبة، تباينت ردود الفعل الدولية حيال ما جرى ما بين أصوات تدعو إلى ضبط النفس وعدم التصعيد خشية الانزلاق إلى موجة عنف غير مسبوقة لا يعلم إلا الله مداها، وأصوات تعبر عن الدعم التام لإسرائيل في “الدفاع عن نفسها”.

لكن تظل التصريحات الأمريكية هي اللافتة في ضوء ما أعلن عن فحوى اتصال هاتفي بين الرئيس الأمريكي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي، حيث قال بايدن إن “الولايات المتحدة تقف إلى جانب إسرائيل ولن نتوانى أبدا عن دعمها. سنتأكد من أن لديهم ما يحتاجه مواطنوهم لمواصلة الدفاع عن أنفسهم… لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها وشعبها… دعم إدارتي لأمن إسرائيل راسخ”.

كما أكد وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، في بيان، أن الولايات المتحدة ستعمل خلال الأيام المقبلة على ضمان “حصول إسرائيل على ما تحتاجه للدفاع عن نفسها وحماية المدنيين من العنف العشوائي والإرهاب”.

يأتي هذا بينما حذرت ألمانيا على لسان وزيرة خارجيتها، أنالينا بيربوك، من “تصعيد إقليمي كبير”، وقالت: “هذا يوم يمثل منعطفا وعمل غير مسبوق للتصعيد من جانب حماس”.

وأضافت بيربوك: “من خلال هذه الهجمات الإرهابية نشأ خطر لا يمكن التنبؤ به يتعلق بحدوث تصعيد إقليمي كبير”، وقالت إنها لا يسعها سوى أن تحذر “بأشد العبارات من احتمال انضمام آخرين إلى هذا الإرهاب”.

ويرى محللون أن المعادلة الأمنية في المنطقة ستعاد صياغتها بعد ما حدث في 7 أكتوبر، معتبرين أن وجود عشرات الأسرى ومئات الرهائن من المستوطنين في قبضة حركة حماس وسكان قطاع غزة سيجعل إسرائيل، على الرغم من التهديد والوعيد الإسرائيلي، تعيد حساباتها أكثر من مرة قبل الإقدام على أي عمل غير محسوب في محاولة لاستعادة هيبة اهتزت بشدة.

المصدر: هسبريس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *