اخبار السودان

اختلاف كلاب الصيد من حظ الأرنب.!!

اسماعيل عبدالله

إسماعيل عبد الله

 

هنالك مثل من دارفور يقول:(اختلاف كلاب الصيد من حظ الأرنب)، لقد انكشف الخلاف الكبير بين قائد الجيش ونائبه من جهة ، ومساعده ومليشيات الحزب البائد من الجهة الأخرى ، وسبق أن أعلن مساعد القائد موقفه الداعم للإخوان المسلمين المختطفين لقرار القوات المسلحة ، الدامجين لكتائبهم الإرهابية في المؤسسة العسكرية، هذا الخلاف يؤكد على أن المشعلين الحقيقيين لنار الحرب ، هم هؤلاء الاخوانيون المسيطرون على مؤسسات الأمن والاستخبارات في البلاد ، الذين لم تستطع لجان التفكيك والإزالة من تنظيف هذه الأجهزة الحكومية من وجودهم الهدّام فيها ، وقد مضى وقت الحكم الانتقالي دون أن ينالهم صارم القانون الحاسم ولا مهند الشرعية الثورية الصارم ، إلى أن جاء السيف البتّار الدعم السريع فقام بواجب الإزالة عملياً ، بعد ان أطلق المتطرفون الطلقة الأولى ، فلحقهم قصاص الرب بحد هذا السيف البتّار ، ومن محاسن الصُدف وتصاريف الأقدار أن دبّ الخلاف بين الجناحين ، الذين كتما غيظهما تجاه بعضهما البعض إلى حين ، ثم انفجرت الصدور بما حملته من أثقال ، وتحركت ترسانة الطيران المسيّر لتدك حصون بعضهما البعض ، والعامل الفاعل والمشهود في عوالم انهيار الامبراطوريات ، هو التفتت الداخلي الذي يصيبها فيتشقق جدرانها ثم تنهار ، كما هو جارٍ الآن من تدحرج سريع لكرة منظومة جيش الحزب الثيوقراطي ، إذ أنه ليس هنالك ما هو أفيد لدعاة التغيير والتحرر والانعتاق من وجود هذا العامل الفعّال ، فمع تقدم قوات الدعم السريع العاملة بجد على تجريف قلاع الظلم والإرهاب ، تتفاقم الخلافات الداخلية لأمراء حرب أبريل المتدثرين برداء الصحابي الجليل البراء بن مالك ، وذلك لما للضغوط الدولية من أثر كبير في اجبار بعض قادة الجيش لكي يجنحوا للسلم.

اختلاف كلاب فلول النظام البائد يجعل أرنب الشعب المسكين في مأمن من عسف الدويلة القديمة ، ويكشف الغطاء الزائف للطغمة اليائسة المحاولة إكساب الحرب طابعاً وطنياً فهذا التباعد بين الخطين المشعلين للحرب يجعل من الاستحالة بمكان نجاح مشروع الحرب ، ويوقف طموح المهووسين باستعادة امبراطورية الفساد والإفساد ، التي لم يتمكن المدنيون في عهد الانتقال من كسر شوكتها، لتجذّر عروقها في أرض السودان ، بعد أن قضت أكثر من ربع قرن وهي تنفّذ مخططاتها القذرة العابرة للحدود ، والمساندة للجماعات والأحزاب المتطرفة مثل حزب الله وحركة الجهاد ، وطالبان وتنظيم القاعدة وداعش وجبهة الإنقاذ الجزائرية، فالمردود الإيجابي الكبير العائد على عموم أفراد الشعب من تنظيف مفاصل الدولة ، من هذا السوس الناخر في أحشاء الوطن ، يتمثل في تحويل مسار صرف وإنفاق موارد الدولة إلى الداخل ، ولجم قنوات الفساد الناهبة للثروات الوطنية المهرّبة إلى خارج حدود الوطن، إنّ أكثر ما أضر بالدولة السودانية إبّان تمكن وتمكين جماعة الإخوان المسلمين ، هو جعل البلاد بؤرة من بؤر الإرهاب الدولي ، بإيواء الجماعات المعروفة عالمياً بإضرارها بالسلم والأمن الدوليين ، وهذا الاحتضان لأفاعي العالم بالضرورة يعني استنزاف موارد الدولة، بصرفها على هذه المنظمات الضالعة في ارتكاب جرائم الحرب ، والعاملة على زعزعة الأمن والاستقرار العالميين ، ومن الجرائم المشهودة لمنظمات مافيا الإرهاب الدولي تفجير سفارتي الولايات المتحدة بكينيا وتنزانيا ، ومحاولة اغتيال الرئيس المصري الراحل محمد حسني مبارك بالعاصمة الإثيوبية ، وتوفير الملاذ الآمن لزعيم تنظيم القاعدة الراحل أسامة بن لادن ، وإيواء المجرم الفنزويلي كارلوس المتهم في جرائم قتل وخطف.

كان لابد لبلد مثل السودان منكوب بحكم جماعة الاخوان المسلمين ، أن يشهد حرباً ضروساً تقضي على الأخضر واليابس ، لحقيقة أن مشاريع الحكم الخالطة للدين بالسياسة دائماً وأبداً تورث الشعوب المتساهلة في قضاياها المصيرية ، الحروب العبثية والفوضى وتدمير البنى التحتية والتشريد والتجويع ، وتجارب هذه المشروعات السياسية المتخذة من الدين وسيلة لامتطاء صهوة حصان السلطة تكون نهاياتها مأساوية، لأنها قائمة على الميتافيزيقيا وبعيدة كل البعد عن الواقعية ، فهي أطروحات لا تعير بالاً لاستحقاق الناس للأمن والصحة والعيش الكريم والتعليم والتقدم التقني ، فتجعل من البلدان التي تحكمها سجون كبيرة يقبع بداخلها الأبرياء والمسحوقون من عامة الناس ، ويسطو على حياتها العامة الساسة الدجالون والحكام المشعوذون وضاربو الرمل وقارئو الفناجين ، والتجربة الإنسانية عبر التاريخين القديم والحديث ملأى بمثل منظومات الحكم هذه طالبان وحزب الله وحماس والحوثيين والخمينيين ، التي جعلت من سماوات وأراضي هذه البلدان مشتعلة بنيران الحرب، وفي المقابل هنالك العالم السعيد غير مكفهر الوجه ، الذي لا يعد الحكام فيه شعوبهم جنات عرضها السماوات والأرض ، وإنّما يجبرونهم على دخول الأسواق المحلية والعالمية ، ليعرضوا بضائعهم ، ويشجعونهم على الانخراط في مضمار التنافسية الموصلة لتصدر مؤشرات الجودة العالمية ، وأخيراً سوف تقام في السودان مؤسسات الدولة الحديثة ، بعد أن تم تصفير العداد ، وسيكون للسودان وزيراً للمالية لا يشكو عجزه لأبواب السماء المفتوحة ، ووزيراً للدفاع يعتمد الرادار لا العين المجرّدة في رصد اختراقات الأجواء.

 

[email protected]

المصدر: صحيفة الراكوبة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *