اخبار المغرب

من ألمانيا إلى رقة سوريا.. رحلة مغربية محتجزة بين الرصاص وغدر زوج “داعشي”

لم تكن كوثر، المغربية الألمانية، تتوقع أن تجد نفسها عروسا تقيم عرسها في ألمانيا وتمضي “شهر عسلها” رفقة زوجها المغربي الأصل الألماني النشأة وسط سوريا بين أعضاء تنظيم “داعش” الإرهابي، وأملها اليوم أن تعود إلى المغرب رفقة طفلتها لتستأنف حياة لم تكن تتنفسها.

حكت كوثر قصتها لجريدة “العمق” بكثير من الحسرة على ما فات والأمل في مستقبل رفقة طفلتها بالرجوع إلى أرض الوطن، وسط أهلها بالمغرب، مؤكدة أن هدفها الأول أن تتمكن ابنتها التي ولدت في رقة سوريا من الالتحاق بكرسي الدراسة بالمدرسة العمومية المغربية.

تزوجت الشابة ذات 27 عاما، سنة 2016، وبعد حوالي ثلاثة أشهر من زواجها اقترح عليها زوجها إمضاء عطلة في تركيا، وفي إسطنبول تحديدا، على أساس العودة لألمانيا بعد 10 أيام، وخلال رحلتها ببلاد العثمانيين اقترح عليها الذهاب إلى مدينة حدودية في تركيا، ثم اقترح عليها مكانا آخر وأخبرها بأنها ستمضي وقتا ممتعا به دون أن يخبرها باسم المكان. لا تتذكر من تلك اللحظة سوى أنها خاضت مسارا طويلا عن طريق سيارة يقودها شخص آخر، إلى أن وجدت نفسها داخل سوريا ووسط الخراب.

تعرضت أم حفصة لصدمة إثر الواقع الذي فرضه عليها زوجها، مستغلا سذاجتها أو ثقتها في شريك حياة وقعت معه على ميثاق غليظ، لم يكن ممكنا إلا أن تمنحه ثقة عمياء، وعاشت فترة سيئة على الصعيد النفسي، بمدينة الرقة وسط “المضافة” التي تحوي نساء من مختلف الجنسيات، ” تظل النسوة محتجزات هناك إلى أن يأتي أزواجهن لطلب إخراجهن من أعضاء التنظيم المتطرف”.

وواصلت كوثر حديثها مع العمق قائلة: “لم يعطين قيمة الزوجة، شعرت بالغدر وظللت صامتة طيلة الساعات الأولى من اكتشافي أنني متواجدة في بلد حرب”، وأضافت “أخبرته بعد ذلك أنه سرق مني حياتي، وقرر بالنيابة عني الحياة التي سأعيشها فكان أسوأ قرار في حياتي”.

بعد أشهر بالرقة غادرت كوثر في وضع صحي متدهور إلى الميادين هربا من القصف، وحينها اكتشفت بأنها حامل بطفلتها حفصة، وظلت رفقة زوجها إلى أن أنجبت الطفلة سنة 2017، وبعد ولادة طفلتها بحوالي شهر توفي زوجها وهو في طريق عودته من “رباط” رفقة أعضاء التنظيم نحو منزله بعدما أصيب بقذيفة أردته قتيلا، فاشتدت عليها الأزمة والوحدة والقصف القوي بالميادين، مما دفعها للتفكير في طريقة للهرب، فاستعانت بأشخاص ساعدوها للخروج منها.

بعد رحلة صعبة وصلت المغربية إلى “باغوث” حيث عاشت أسوأ اللحظات بسبب غياب الأكل والماء وانعدام منازل صالحة للسكن، حيث ظلت تعيش في قبو تحت الأرض مختبئة طيلة فترة تواجدها بهذه المدينة من ويلات الحرب.

بحلول سنة 2019 تمكنت كوثر من الالتحاق بمخيم الهول، وظلت هناك طيلة أربعة أشهر ونصف، عاشت حياة لم تكن آمنة، حياة صعبة رفقة ابنتها التي لم تكن تتجاوز ربيعها الثاني، وأطفال النسوة اللواتي يتشاركن معها نفس الظروف.

بعد فترة من مكوثها بالهول وجدت طريقا للهرب نحو الحدود السورية، وظلت هناك لمدة تصل لشهر ونصف، إلى أن وجدت الطريق سالكة نحو تركيا، فاستقرت لمدة سنة كاملة في أنقرة، قبل أن تسافر للعيش بإسطنبول منذ سنة 2021 إلى غاية اليوم.

تواجد كوثر بالعاصمة الاقتصادية لتركيا، أتاح لها التواصل مع القنصلية المغربية في إسطنبول، حيث سعت لإيجاد حل وإنقاذ ابنتها من الضياع، ولم تتمكن من استخراج وثائق الهوية الخاصة بالطفلة إلا بعد مرور خمس سنوات بإسطنبول، حيث استطاعت أن تحصل على عقد الازدياد من محكمة الأسرة بالمغرب، وبمجرد توصلها به توجهت للقنصلية المغربية في إسطنبول ووضعت طلبا من أجل تمكينها منالعودة إلى المغرب، وتنتظر منذ شهرين الموافقة على طلبها.

“أتمنى العودة لأرض الوطن، لتواصل ابنتي حياتها كأي طفل، بدل حياة الخوف التي أعيشها حاليا” تقول الشابة التي تعيش على إعانات أهلها بالمغرب، فهي تمضي مضطرة معظم وقتها بين جدران البيت خوفا من الإمساك بها من طرف السلطات التركية وترحيلها نحو ألمانيا حيث ستواجه عقوبة حبسية بالإضافة إلى حرمانها للأبد من طفلتها.

المصدر: العمق المغربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *