اخبار المغرب

مطالب منع الترويج للسجائر الإلكترونية تصطدم بحرية الاستهلاك والحاجة للتشريع

يبدو أن السجائر الإلكترونية بالمغرب صارت “ضيفاً ثقيلاً وغير مرغوب فيه” من طرف الفاعلين السياسيين والمدنيين والفعاليات الصحية، التي ما زال هذا النوع من السجائر يؤرقها لكونه يضرب، حسبها، العمود الفقري للمجتمع: اليافعين. ولهذا حتى ممثلو الأمّة لا يكّفون عن مطالبة وزير الصحة والحماية الاجتماعية، خالد آيت الطالب بالتدخل العاجل، بسبب هذه “المشكلة التي يهدّد دخانها قلب البلد ورئته”، وفق تعبيرات طريفة.

الوزير آيت الطالب كان “واضحاً”، في رده على أحد المستشارين بالغرفة الثانية، الثلاثاء، حين أكد أن هناك استراتيجية تمت بلورتها في إطار الصلاحيات الممكنة للوزارة، عارضا أمام المستشارين بعض برامج هذه الاستراتيجية؛ بيد أن النقاش بالنسبة لحُماة الشّبيبة وحُماة المستهلك يتمركز حول ضرورة “تأطير البيع بقانون يمنع البيع للمراهقين والقاصرين، ويخصص أيضاً عقوبات ثقيلة لمن خالف التشريع الذي تتم الدعوة إليه”.

تقنين صارم

عبد الواحد زيات، رئيس الشبكة المغربية للتحالف المدني للشباب، قال إن “استمرار ترويج السجائر الإلكترونية بهذا الشكل المخيف يعدّ أمرا مقلقا للغاية”، مسجلا أن “من الإشكالات المتعلقة بها أننا لا نعرف حقيقة المواد السّائلة التي تحتويها ويتم بيعها بشكل عشوائي في مختلف المدن وبلا أي ضوابط معروفة ومنصوص عليها يمكن الاحتكام إليها”.

وأورد زيات، في إفادة قدمها لهسبريس، أن “شركات التصنيع تحبذ طرح منتجها في أسواق تعرف عشوائية مماثلة، فلا أحد منا يستطيع أن ينكر أن تنامي الإقبال على هذه السيجارة بات موضة لا تخطئها العين المجردة”، مستنكراً “بيعها لأطفال وقاصرين بلا مراعاة لمبادئ حماية الطفولة، وهو ما يعتبر تشجيعا مقنعا للأجيال على التدخين”.

وطالب بقوانين صارمة وقرارات وزارية تضمن الالتقائية والعرضانية بين مختلف المتدخلين والفاعلين، مبرزا أن “وزارة الصحة والحماية الاجتماعية لا بد أن تكثف حملات التوعية والتحسيس بخصوص هذه السجائر الإلكترونية لأنها صارت مشكلا حقيقيا وخطرا يترصد الصحة العامة للمغاربة، لاسيما أن دخانها كثيف ورائحته كريهة ومزعجة، وهو ما يشكل إزعاجاً لغير المدخنين جراء تدخينها في الفضاءات العامة وفي المقاهي..”.

وتحدث زيات عن أهمية إصدار تعليمات على أعلى المستويات “تخول لإدارة الجمارك صلاحية التدخل في حال ما كانت هناك كميات غير طبيعية من هذه المنتجات تلج السوق المغربية”، لافتا إلى أن “مسؤوليّة السلطة هي حماية صحة المواطنين”.

كما أكد على ضرورة كشف الجهات المختصة لـ”محتويات هذه الواردات انطلاقاً من معطيات توفرها الشركات المصنعة، فالطريقة التي صارت تتجول بها هذه السجائر بين الشباب مخيفة بالفعل”.

منع الترويج

بوجمعة موجي، نائب رئيس جمعية حماية المستهلك بالدار البيضاء، سجل أن “المطالب التي يمكن أن نلوكها تصطدم بحرية الاستهلاك وحق المواطن في اختيار ما شاء، لكننا الآن بصدد موضوع دقيق يهدد مختلف شرائح المجتمع نساء وأطفالا ومراهقين”، مبرزا أن “المغرب يحتاج اليوم أن يتخذ خطوات حاسمة للحد من هذا الخطر الجديد، الذي انتعش في ظل خرافة تفيد بأن الهروب من التبغ تتيحه السيجارة الإلكترونية”.

وخلال حديثه لهسبريس أكد موجي “حاجة المغرب كذلك لتشريع يطوي صفحة هذا النقاش، وأن يتم منع إشهارات السجائر الإلكترونية، التي تدخل ضمن استراتيجية ترويجية ضخمة لأجل اختراق فئات المراهقين ابتداءً”، موضحا أن “هذه السجائر الإلكترونية تعتبرها مقاولات التّبغ الكبرى الطريق الآمن لأجل عدم الاكتفاء بها والمرور نحو السجائر التقليدية، وبالتالي تقويض الجهود المبذولة على المستوى العالمي للحد من التدخين، وهذه الشركات في النهاية مقاولات عابرة للحدود وما يهمها هو الربح”.

وأضاف أن “هذه السجائر، حسب معطيات تفيد بها جهات صحية، بدورها تسبب أمراضا فتاكة من قبيل السرطان وأمراض الجهاز التنفسي وأمراض القلب والرئة، إلخ”. وللتوضيح فهذه المعطيات سبق أن تقدم بها الباحث في النظم الصحية طيب حمضي في تصريح لهسبريس، إذ استشهد بخلاصات منظمة الصحة العالمية والعديد من الخبراء في الشأن الصحي.

وأطلعت هسبريس المتحدث على كون سلطات هونغ كونغ أعلنت، الخميس، عزمها حظر السّجائر الإلكترونية بشكل كامل، بالنظر إلى ما أفرزته من تأثيرات خطيرة على صحة الشباب فيها، فعلق على ذلك قائلا: “المغرب يحتاج أن يسير في هذا الاتجاه، لكن الأمر يتطلب قانوناً، وحتى في أوروبا هناك اليوم نقاش للبحث عن حلول جذرية قادرة على اجتثاث هذا الخطر، الذي يجعلنا ندعو المسؤولين المغاربة إلى إيجاد حل نهائي له”.

تجدر الإشارة إلى أن وزير الصحة والحماية الاجتماعية أكد أن “الوقاية من تدخين النيكوتين بشكل عام، والسيجارة الإلكترونية بشكل خاص، بين فئات الأطفال والمراهقين والشباب حاضرة في قائمة أولويات وزارة الصحة والحماية الاجتماعية”، مشيرا إلى أن الجهود المبذولة “تتماشى أيضا مع التوجيهات الأخيرة لمنظمة الصحة العالمية 2023 Actions urgentes”.

وأوضح المسؤول الوصي على الصحة بالبلد، في جواب عن سؤال كتابي حول “الانتشار المقلق والمخاطر الشديدة للسيجارة الإلكترونية على صحة الشباب والمراهقين والأطفال بالمغرب” للمجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية، في مارس الماضي، أن “تعزيز الصحة النفسية والوقاية من اضطرابات الإدمان على النيكوتين والسجائر الإلكترونية بين هاته الفئات من المحاور الاستراتيجية للبرنامج الوطني للصحة المدرسية والجامعية، والاستراتيجية الوطنية لصحة اليافعين والشباب برسم الفترة 20222030.

ولم يغفل وزير الصحة والحماية الاجتماعية الإشارة إلى أنه في إطار البرنامج الوطني لمحاربة التدخين والمخطط الاستراتيجي الوطني للوقاية والتكفل باضطرابات الإدمان برسم 20182022 “تتم محاربة هذه الآفة لدى باقي الفئات العمرية، والتكفل بباقي التدابير ذات الصبغة التنظيمية والقانونية، بالتنسيق مع باقي الشركاء”.

المصدر: هسبريس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *