اخبار المغرب

“المبادرة الأطلسية” تجاه دول الساحل .. هذه فرص النجاح ومخاطر التطويق

توطئة:

تروم هذه الورقة البحثية محاولة استشراف مستقبل العلاقات المغربية الساحلية في ظل بداية تنزيل الرؤية المغربية الجديدة تجاه دول المنطقة في بداية عام 2024. ونتوخى معرفة مسارات هذه المبادرة وتعرجاتها والصعوبات التي تعرقل تزيلها على أرض الواقع وبالتالي عدم تحقيق الأهداف والغايات المتوخاة من ورائها. ومن خلال قراءة المشهد الجديد الذي بدأ يتشكل في منطقة الساحل في تقاطعه مع الأحداث والمعطيات التي تعرفها البلدان المغاربية التي تمثل دول الساحل حدودها الجنوبية الممتدة عبر عدة آلاف من الكلومترات.

يتضح من خلال الملامح العامة للتحولات الجيواستراتيجية التي تشهدها المنطقة في ظل الترتيبات والتفاهمات التي بدأت تقع بين دولها وأطراف فاعلة سواء من المحيط الإقليمي أو الدولي وفي مقدمتها محور الدول الغربية، بالإضافة إلى التنين الصيني التي يعد من أكثر الدول استثمارا في القارة الإفريقية والدب الروسي الذي بدأ يتغلغل في المنطقة خلال الأعوام الأخيرة، المنطقة ستشهد زخما سياسيا وتحركا اقتصاديا وتنافسا جيواستراتيجيا جراء اشتداد التنافس بين القوى الدولية والإقليمية الفاعلة في المنطقة، بشكل يصعب معه التنبؤ بمصير المبادرة المغربية والتكهن بمسارات العلاقات المغربية ومستقبلها مع دول الساحل وعامة الفضاء الإفريقي الأطلسي في ظل الأحداث المتسارعة التي تعرفها المنطقة والملامح الجيوسياسية قيد التشكل؟

في ظل هذه الوضعية: نتساءل عن فرص نجاح المبادرة المغربية تجاه دول الساحل في ظل المعطيات الجيوسياسية الحالية والترتيبات والتفاهمات الدولية والإقليمية قيد التشكل بمنطقة الساحل والفضاء الإفريقي الأطلسي؟ هل المبادرة المغربية لديها من العوامل والشروط المساعدة لتنزيلها على أرض الواقع؟ أم أن هناك إكراهات مرتبطة بالبيئة المحلية لمنطقة الساحل وبالمحيط الإقليمي من شأنها تطويق هذه المبادرة وعرقلة مساراتها المستقبلية في ظل التنافس الدولي الشرس على المنطقة وبالتالي عدم تحقيق الأهداف والغايات المتوخاة من ورائها؟

أولا: الفوائد الاقتصادية والمزايا الجيوسياسية للمبادرة المغربية

تعد المبادرة الملكية الرامية إلى تعزيز ولوج بلدان الساحل إلى المحيط الأطلسي امتدادا للجهود المتواصلة التي تبذلها المملكة المغربية من أجل إفريقيا مزدهرة، وهي مبادرة توفر إمكانات غير مسبوقة من شأنها تقديم حلول مناسبة لتعزيز الاندماج والتعاون الإقليميين والتحول الهيكلي لاقتصادات هذه الدول وتحسين الظروف المعيشية لساكنتها التي ظلت تجمعها على مدار التاريخ روابط الدين والعقيدة والانتماء الإفريقي والمصير المشترك؛ وهوما تعكسه عمق العلاقات التاريخية والحضارية والتجارية والمالية والاقتصادية التي تجمع بلادنا بالبلدان الساحلية التي ظلت تشكل امتدادا جغرافيا ومجالا حيويا وعمقا جيواستراتيجيا للمملكة منذ عدة قرون خلت.

وإذا كانت الأهداف الجيوسياسية المتوخاة من هذه المبادرة الجريئة ذات الطموحات الإقليمية المشروعة للمملكة التي جاءت كردة فعل طبيعية واستباقية في ظل التحولات المتسارعة التي تشهدها المنطقة، تنبني على رؤية استباقية وأهداف محددة وغايات متوسطة وبعيدة المدى تتداخل فيها الجوانب السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والأبعاد الجيوسياسية والاستراتيجية، فإن ذلك يستلزم من المملكة رسم معالم سياسة خارجية مع دول الساحل تنبني على قراءة واقعية براغماتية للمشهد الساحلي والفضاء الأطلسي، مع ضرورة تحليل اتجاهات الأحداث المتسارعة واستشراف التحالفات الدولية الناشئة بالمنطقة بهدف تأمين علاقات استراتيجية متينة تطال مختلف المجالات والميادين العامة مع حكومات دول المنطقة.

ولعل القاسم المشترك بين المملكة والدول الساحلية خصوصا ودول منطقة الغرب الإفريقي عامة، يتمثل في كفاحها المستمر من أجل فك الانفصال عن كل عوامل وتبعات الاستعمار الغربي الذي احتل المنطقة وفرض عليها تبعية اقتصادية ومالية وسياسية واجتماعية وثقافية منذ حصول دول المنطقة على استقلالها منذ فترة الستينيات ومازالت نتائجها السلبية مستمرة إلى حدود اليوم.

تؤكد الحقائق الجغرافية والخبرة التاريخية، أن منطقة الساحل والصحراء الكبرى ظلت تواجه أزمات اقتصادية وأمنية وإنسانية مستمرة منذ حصول دولها على الاستقلال في الستينيات من القرن المنصرم. وقد أدت عوامل مثل ضعف بنية الدولة ومؤسسات الحكم والتدهور الاقتصادي وتأثيرات تغير المناخ والتدخل الدولي في الشؤون الداخلية لدول المنطقة… إلخ، إلى تقويض فرص التنمية وتفقير المجتمعات وتغذية التطرف العنيف في جميع أنحاء المنطقة.

كما أسهمت العوامل الاقتصادية وهشاشة أنظمة الحكم وانعدام الأمن والمظالم التاريخية في تزايد انعدام الثقة في التدخلات الأجنبية وخاصة من قبل فرنسا. وتضيف جهود الدول الغربية لمواجهة النفوذ الروسي الذي بدأ يتغلغل بالمنطقة مزيدا من التعقيد في المشهد الجيوسياسي؛ فالاستغلال المحتمل للتحديات الاقتصادية والمشاعر المعادية لفرنسا من قبل ضباط الجيش يمكن أن يؤدي إلى مزيد من عدم الاستقرار السياسي، مما يستلزم من المملكة الأخذ بعين الاعتبار كل هذه المعطيات وانتهاج رؤى وأهداف استراتيجية متوسطة وبعيدة المدى تتأسس على التسريع من وثيرة تشبيك العلاقات المغربية الساحلية ليس فقط على المستوى الرسمي، وإنما يجب أن تمتد تشبيك هذه العلاقات على مستوى المؤسسات والمعاهد الجامعية ومراكز البحوث والدراسات ومختلف التنظيمات المدنية والثقافية والدينية والسياسية مع عقد اتفاقيات وتحالفات عسكرية مع دول المنطقة.

ويجب أن تمتد أوجه التعاون مع بعض الدول العربية التي تتقاسم وجهات النظر والمصالح المشتركة مع المملكة ومجموعة دول الساحل من أجل توفير الموارد المالية الكفيلة بتحقيق الفوائد الاقتصادية والمزايا السياسية والجيواستراتيجية المتوخاة من وراء الشراكة الاقتصادية المغربية الساحلية. فالتحولات الكبرى التي شهدتها منطقة الساحل في سنة2023 أفضت إلى إعادة صياغة الخريطة الجيوسياسية وطبيعة التحالفات الإقليمية والدولية في المنطقة. ومن المرجح أن تهيمن على ملامح مستقبل منطقة الساحل الكبرى في علاقتها مع المملكة وعامة البلدان المغاربية.

كما أن المحددات التي ظلت ناظمة لمستقبل العلاقات المغربية الساحلية بدأت تعرف بعد التحول في ظل تضافر العديد من العوامل المتداخلة والمتشابكة، تتعلق بالأساس بحالة التنظيمات الداخلية والسياقات السياسية والتحولات الجارية في المشهد الدولي والإقليمي وتفاقم النزاعات والمخاطر الأمنية المحدقة بالمنطقة، كلها عوامل وغيرها يمكن أن تؤزم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وتدهورها نتيجة لهشاشة الاستقرار السياسي بالبلدان الساحلية وتفاقم الظواهر المناخية التي أدت إلى تدهور الأوضاع المعيشية لشرائح اجتماعية كبيرة وهجرتها نحو الحدود الشمالية نحو البلدان المغاربية ومنها إلى الدول الغربية.

علاوة عن ذلك، فإن التدافع على النفوذ في منطقة الساحل في عام 2024 قد يؤدي إلى تفاعل معقد بين المنافسة الدولية في ظل عودة الانقلابات العسكرية وإعادة التنظيم الاستراتيجي للقوى العالمية. وقد واجهت فرنسا التي كانت فاعلا رئيسيا من الناحية التاريخية تحديات كبرى إذ تأثر وجودها العسكري بالانقلابات مما أدى إلى انسحاب قواتها وخسارة الشراكات الاستراتيجية مع دول المنطقة.

فهل تملأ المبادرة المغربية تجاه دول الساحل هذا الفراغ وتمهد لعقد تحالفات اقتصادية ذات حمولات إقليمية ومزايا جيواستراتيجية تستفيد منها شعوب المنطقة التي تتوفر بلدانها على ثروات وموارد طبيعية هامة لا ينقصها إلى التوظيف الأمثل؟

كيف يمكن تحويل الواجهة الأطلسية التي تعتبر بوابة المغرب نحو إفريقيا ونافذة انفتاحه على الفضاء الأمريكي إلى مشروع للاندماج الجهوي والإقلاع الاقتصادي المشترك من خلال استثمار مجموعة من المشاريع الأطلسية الإفريقية الأخرى خاصة المشروع الاستراتيجي لأنبوب الغاز المغرب نيجيريا؟

وهل تضع دول الساحل الحسابات الضيقة والمصالح الظرفية جانبا وتنخرط بشكل إيجابي وفعلي في التنزيل السريع للمبادرة المغربية التي تعد فرصة تاريخية ذهبية لتمكين دول الساحل من تحرير القدرات الهائلة التي تزخر بها وتمكينها من تسريع وثيرة التنمية المستدامة لاقتصاداتها، مما يساهم في إقلاع إفريقيا جديدة تعتمد على نفسها وتتولى الدفاع عن مصالحها ومؤثرة في الساحة الإقليمية والدولية؟

ثانيا: المبادرة المغربية بين تعقيدات المشهد الساحلي ومخاطر التطويق

تشكل المبادرة المغربية تجاه دول الساحل في عمقها رؤية استشرافية ذات أبعاد اقتصادية وسياسية وحمولات جيواستراتيجية، فهي تهدف بالإضافة إلى تثبيت مكانة المغرب الإقليمية وجعله بوابة إفريقية بامتياز إلى البحث عن سبل وصيغ بديلة لحل نزاع الصحراء المفتعل التي ساهم في خلقه نظام معمر القذافي البائد، وحكام قصر المرادية الذي حاولوا تقطيع جزء من ترابنا الوطني لإيجاد منفذ لدولتهم على الساحل الأطلسي.

كما يمكن اعتبار المبادرة المغربية بمثابة ردة فعل مشروعة من المملكة لتطويق الجارة الشرقية من جنوبها التي سعت بمعية الدول الاستعمارية خلق دولية مصطنعة، غايتها الأولى والأخيرة ليس تقرير مصير جزء من السكان ظلوا تاريخيا متشبثين بإمارة المؤمنين وبنظام الحكم بالمغرب بل بغاية عزل المملكة عن محيطها الطبيعي وتطويق نفوذها المتنامي في عمقها الإفريقي.

لكن دراسة وتحليل تعقيدات الوضع الراهن الذي تمر منه منطقة الساحل والمنطقة المغاربية في ظل الديناميات الجيوسياسية والتحديات السياسية والأمنية التي تطبع الفضاء الساحلي والأطلسي، تجعل من الصعوبة بما كان معرفة مآل وتوجهات التحولات الراهنة التي تمر منها المنطقة.

ومن ثمة صعوبة استشراف الرؤى المستقبلية وكذا التحالفات التي ستنسجها حكومات المنطقة في ظل التجاذب الجيوسياسي التي تشهده المنطقة بفعل التنافس والتضارب الحاد بين أجندات قوى دولية وإقليمية لفرض رؤاها وتوجهاتها الاستراتيجية على دول المنطقة لضمان مصالحها الحيوية وهو ما يزيد من ضبابية المشهد السياسي والجيواستراتيجي في منطقة الساحل والفضاء الأطلسي.

تؤكد العديد من الدراسات أن هناك ثلاثة ملامح أساسية طبعت الأحداث العاصفة التي شهدتها دول منطقة الساحل والبلدان المغاربية أولها حصول اضطرابات في الأوضاع الأمنية وتدهور الاقتصاد وحالة عدم استقرار ملحوظة، نتجت عن تراكمات عقود من سوء إدارة الاقتصاد وفساد النخب وعدم نجاعة المؤسسات السياسية بما فيها المنتخبة ديمقراطيا في بعض دول المنطقة.

وثانيها موجة انقلابات عسكرية في فترة زمنية قصيرة (3 سنوات) شملت ثماني دول إفريقية معظمها تقع بمنطقة الساحل والصحراء وصولا إلى الغابون في أقصى جنوب غرب القارة السمراء، إضافة إلى فشل ثلاث محاولات انقلابية بدول أخرى محاذية، وبينما أفلتت تشاد من حرب أهلية بعد تمرد جماعات معارضة مسلحة وقع السودان في فخ حرب أهلية لا تزال تحصد آلاف الضحايا.

أما الملمح الثالث الذي طبع المنطقة، فيتمثل في تنامي نزعة العداء للنفوذ الفرنسي واستهداف مراكزه الاقتصادية والعسكرية والسياسية والثقافية وطالت أحيانا النفوذ الأوروبي والغربي بشكل عام، مقابل مظاهر مغازلة للدب الروسي من قبل بعض النخب السياسية والعسكرية الحاكة بدول المنطقة. كما أن تأثير تداعيات الأحداث بالمنطقة المغاربية التي تشهد من جهتها حالة انقسام شديدة وانسدادا في آفاق التعاون الإقليمي لا يمكن تجاهله في أي اتجاه تحليلي.

كما أن المخاطر الأمنية المتنامية تقوض فرص التنمية وتهدد الاستقرار السياسي بالمنطقة فحسب تقرير عن مؤشر الإرهاب العالمي لعام 2023، تعتبر منطقة الساحل في إفريقيا أكثر مناطق العالم تأثرا بالإرهاب، وكانت مسؤولة عن 43 في المائة من حصيلة القتلى المرتبطة به، بزيادة قدرها 7 بالمائة مقارنة بالعام 2021. وسجلت بوركينا فاسو ومالي الزيادة الأكبر في عدد القتلى ضحايا عمليات إرهابية، بل وأصبحت المنطقة بشكل سريع مسرحا حيويا للمنافسة الجيوسياسية العالمية بين روسيا والقوى الغربية، كما يسجل التقرير.

وتكتسي المخاطر الأمنية في منطقة الساحل أبعادا معقدة إذ تتجاوز المشاكل المرتبطة بنشاط الجماعات الجهادية، لتشمل أنشطة شبكات تهريب للسلاح والبشر والمخدرات. وتصنف بعض مراكز الأبحاث الأمنية والاستراتيجية منطقة الساحل الإفريقي بالأخطر عالميا لكونها باتت تشكل ملتقى طرق لشبكات تهريب عالمية تنشط بين القارات الأمريكية والأوروبية والآسيوية. وزادت التطورات الأمنية الأخيرة من مخاوف الدول المغاربية من انتقال عدوى أعمال العنف والمواجهات المسلحة ومخاطر تسلسل عناصر إرهابية أو أنشطة شبكات الجريمة المنظمة إلى أراضيها عبر الحدود الممتدة بآلاف الكيلومترات.

يمكن إيجاز أهم الصعوبات التي من شأنها تعطيل تنزيل المبادرة المغربية تجاه منطقة الساحل وفرملة أهدافها في ما يلي:

المخاطر الأمنية المتنامية التي تقوض فرص التنمية وتهدد الاستقرار السياسي بالمنطقة؛

هشاشة أنظمة الحكم والبحث الدؤوب عن شرعيتها؛

ضبابية المشهد الساحلي في ظل التحولات المتسارعة وتضارب أجندات القوى الإقليمية والدولية بالمنطقة؛

موقف موريتانيا المتأرجح بين تأييد هذه المبادرة والتوجس منها؛

انسداد الأفق المغاربي والذي من شأنه فرملة تنزيل أهداف المبادرة.

كل هذه العوامل والمعطيات تشكل تحديات من شأنها عرقلة أو تحييد الأهداف المتوخاة من المبادرة المغربية تجاه دول الساحل، كما أن الموقف الموريتاني منها يخلق ضبابية أكثر في المشهد، لأنه لم يخرج من المنطقة الرمادية التي تدعي الجارة الجنوبية بأنه موقف سيادي ويتماشى مع توجهات السياسة الخارجية الموريتانية في الفضاء المغاربي الذي يحكمه مبدأ الحياد الإيجابي من نزاع الصحراء المفتعل من قبل نظام حكام الجزائر، الذين ظلوا يهددون إسقاط السلطة الحاكمة بنواكشوط كلما أعطت إشارات إيجابية لتعزيز تعاونها مع المملكة التي تربطها بها علاقات تاريخية واجتماعية ضاربة في جدور التاريخ؛ وهو التهديد الذي جعل الموقف الموريتاني من المبادرة المغربية التي يبدو أنها فاجأت السلطات الحاكمة بالجمهورية الإسلامية الموريتانية، وأربكت حساباتها المغاربية والإقليمية مما جعل موقفها تطبعه الضبابية ويتأرجح بين التأييد المتحفظ للمبادرة والتوجس منها.

فهل تطال هذه التحولات الفضاء المغاربي من خلال تقارب مغربي جزائري يوضع حد نهائي لنزاع الصحراء الذي افتعلته الجزائر بمعية القوى الاستعمارية، ويمهد لانبعاث الاتحاد المغاربي مما يقوي العلاقات المغربية والمغاربية مع دول الساحل وهو ما يمكن المغرب والجزائر الدولتان القويتان من القيام بأدوار طلائعية في ملامح المشهد الإقليمي والدولي قيد التشكل في الفضاء الساحلي والأطلسي؟

أم يخلف حكام الجزائر التاريخ مرة أخرى ويفوتون فرص سانحة للاندماج المغاربي الساحلي مما يجعل من المنطقة ذات أهمية اقتصادية كبيرة بالنظر إلى موقعها الجغرافي والاستراتيجي ومقوماتها الطبيعية والبشرية والاقتصادية، وبالتالي يعيد للمنطقة جاذبيتها الاقتصادية وإشعاعها الثقافي والحضاري التي ظلت تلعبه منذ قرون خلت حتى جاء الاستعمار واستغل مقوماتها وقلص من دورها التاريخي والريادي؟

خاتمة:

لا شك أن ربط دول المنطقة بالساحل الأطلسي سيساهم بلورة وتنفيذ عدد من المشاريع الكبرى التي أجهضت لعدم الجدوى الاقتصادية ارتباطا بانعدام الربط مع الموانئ. كما أن الربط سيسمح ببناء تكتل اقتصادي وسياسي مهم يجمع بين الدول الداخلية للساحل والصحراء ودول الغرب الإفريقي الأطلسية مقابل جمود أو ضعف أداء عدد من الاتحادات الاقتصادية والسياسية. لكن الإشكال الذي يطرح هنا يتمثل التحديات الأمنية والجيواستراتيجية التي يشهدها المشهد الساحلي وكذا عدم الاستقرار السياسي الذي تعرفه دول المنطقة، يمكن أن يشكل عائقا حقيقيا في تنفيذ المبادرة المغربية على أرض الواقع، وهناك صعوبات أخرى مرتبطة أساسا بالطرق والآليات المناسبة الكفيلة بتفعيل هذه المبادرة على النحو الأمثل وعلى مختلف الجوانب المؤسساتية والتنظيمية والمالية والاقتصادية والسياسية والأمنية، لا سيما في ظل ضعف التشبيك بين مختلف القوى المؤسساتية الرسمية والفعاليات السياسية والحزبية والمدنية والمؤسسات الجامعية ومراكز البحوث والدراسات العلمية بين المغرب ونظرائها بدول منطقة الساحل وعامة الفضاء الإفريقي الأطلسي.

المصدر: هسبريس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *