اخر الاخبار

سوناطراك تسترجع زمام المبادرة

بعد أن عاشت مجموعة سوناطراك فترات عصيبة خلال العقد الماضي، ها هي تستعيد عافيتها وتسترجع زمام المبادرة في قيادة قاطرة الاقتصاد الوطني نحو رهانات اقتصادية وطاقوية، من شأنها تعزيز مكانة الجزائر في الأسواق الدولية والإقليمية.

فبعد تنويه وإشادة الرئيس عبد المجيد تبون بأداء الطاقم الإداري بقيادة توفيق حكار، جاء الدور على الوزير الأول أيمن بن عبد الرحمان أول أمس من ولايات ڤالمة والطارف وعنابة، ليثني على مشاركة سوناطراك في مشاريع التنمية والهياكل القاعدية في البلاد، ولا سيما رعايتها المشروعات ذات الصلة بالقطاع الطاقوي والمياه، ما أفضى إلى فك العزلة وطي أزمات محلية وجهوية كانت رهينة مزاج حكومات الفترة الماضية.

وحتى لا ننسى، عانت سوناطراك وصورتها في الخارج ولدى شركائها الأجانب عدة مشكلات، وتعرضت إلى حملات تشويه متتالية كادت أن تقضي عليها، وأدخلتها كواليس العدالة وأروقة المحاكم، وتعرّض عشرات من إطاراتها للمساءلة والسجن، على خلفية قضايا أثبتت سقوط عدد منهم في فخ عدم قراءة عاقبة للزمن، والظن أنه لا رقيب على ما حصل.

ولم يكن ممكنا أن تسلم الشركات الأجنبية المتعاملة مع سوناطراك من هذا الفخ، فاستغرقت عدة شركات أوروبية وغير أوروبية في معارك على مستوى العدالة الجزائرية ومحاكم التحكيم الدولي، وأصدرت أوامر دولية بالقبض على المطلوبين، ومنع من السفر على آخرين، قبل أن يتم تطهير صورة هذا الصرح الاقتصادي بقرارات العدالة، وشروع الشركة في توضيح صورتها الحقيقية، باعتماد سياسة إدارة جديدة تتماشى مع المعايير الدولية وتضع المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار، والأهم من ذلك إسناد الإدارة لجيل جديد من المسيرين الشباب خريجي المعاهد والجامعات الجزائرية، المتشبعين بالوطنية وروح التحدي من أجل حماية الاقتصاد الوطني من الابتزاز والفساد والمساومة من جانب وكلاء ووسطاء ساهموا بقدر كبير في الإساءة للجزائر وكفاءاتها الصاعدين.

وتشير الأرقام الخاصة بحصيلة سوناطراك لسنة 2022 إلى أن صادراتها بلغت 60 مليار دولار، فيما بلغت استثماراتها 5.5 مليار دولار خلال نفس السنة.

وحسب الحصيلة التي نشرتها سوناطراك عبر موقعها الرسمي، فقد بلغ إنتاجها الأولي 189.6 طن مكافئ نفط، أما إجمالي تعداد العاملين في سوناطراك فقد بلغ خلال السنة 55361 عامل دائم.

 

مؤشرات النجاعة

وفق تصريحات الرئيس المدير العام لسوناطراك توفيق حكار الشهر الماضي، فإن إيرادات الجزائر من النفط والغاز في الأشهر الخمسة الأولى من العام الجاري بلغت 21 مليار دولار، بزيادة 2% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.

وأضاف أن على الشركات الأوروبية الاستثمار في الجزائر لو أرادت مزيدا من الغاز، وإذا كانت أوروبا بحاجة إلى صادرات إضافية من الغاز فما عليها إلا الاستثمار لتطوير الموارد الغازية، موضحا أن الجزائر لم تتلق أي طلبات من بلدان أوروبية لتسقيف أسعار الغاز، كما أن الجزائر غير معنية بهذا الأمر.

مثل هذه التصريحات تؤكد النظرة الاستراتيجية والاستشرافية للسوق الدولية للطاقة، كما أنها تؤكد مواكبة الشركة لسياسة الحكومة الرامية إلى إعادة زمام المبادرة للمجموعات الاقتصادية الكبرى من أجل تحقيق التنمية الشاملة في البلاد، من خلال ترشيد الحوكمة وانتهاج سياسة هجومية في السوق الدولية للطاقة، بما يعود إيجابيا على الجهود المبذولة لتخليص الاقتصاد الوطني من التبعية لسياسات الدول المستهلكة، وبخاصة في أوروبا.

ولقطف ثمار هذا التوجه الاستراتيجي، أطلقت سوناطراك أولى الاختبارات لتشغيل واحدة من أكبر محطات تحلية مياه البحر التي تعول عليها الجزائر للمساهمة في القضاء على ظاهرة شح المياه، ويتعلق الأمر بمحطة المرسى التي تعد أحد المشاريع الحيوية التي تهدف لوضع الأسس الصلبة لتحقيق استراتيجية صناعية حقيقية خاصة بتحلية مياه البحر في الجزائر التي أصبحت تحتل المركز الأول إفريقيا والثالث عربيا بعد السعودية والإمارات العربية المتحدة في هذا المجال.

وتسعى الجزائر عبر هذه الخطوة لتوفير 12 ألف متر مكعب يوميا عن طريق استغلال هذه المحطة كمرحلة أولية، على أن يتم تطوير المحطة في المرحلة النهائية لتصل إلى 60 ألف متر مكعب.

 

مشاريع مستقبلية

ويندرج هذا المشروع ضمن مخطط استعجالي لمواجهة شح المياه وتداعيات الجفاف الذي تعاني منه البلاد منذ عقود، وذلك عن طريق إنجاز محطات تحلية مياه البحر، بقدرة إجمالية تتجاوز 300 ألف متر مكعب يوميا بحلول عام 2027، وذلك عبر تشييد عدة محطات، من أجل توفير طاقة إنتاجية بسعة 150 ألف متر مكعب، تضاف إلى 280 ألف متر مكعب يَوْمِيا التي تنتج على مستوى 222 بئر.

وسيتم توسيع نطاق الاستثمار في محطات تحلية مياه البحر على مستوى 14 ولاية ساحلية، مثل وهران ومستغانم وسكيكدة وبجاية وتيزي وزو وعنابة والطارف.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *