اخبار المغرب

قيس سيّعد عَزلَ تونس واستقباله لغالي “سقْطَة دبلوماسية كبرى”

انتقد الإعلامي التونسي والمذيع التلفزيوني بقناة الجزيرة، محمد كريشان، موقف بلاده المنحاز لأطروحة الانفصال على حساب دعم الوحدة الترابية للمغرب، ضدا على السياسة التقليدية التي انتهجتها الدبلوماسية التونسية منذ عهد الحبيب بورقيبة، محملا الرئيس التونسي الحالي قيس سعيد المسؤولية عما وصفها بـ”السقطة الدبلوماسية الكبرى”، إثر استقبال زعيم جبهة البوليساريو، ما تسبب في أزمة بين المغرب وتونس لم ينزع فتيل توترها إلى اليوم.

وبدأت الأزمة بين المغرب وتونس، عندما استقبل الرئيس التونسي، قيس سعيّد، في 26 من غشت 2022، زعيم جبهة البوليساريو في قصر قرطاج، على هامش مشاركته بالدورة الثامنة لمنتدى التعاون الاقتصادي الإفريقي الياباني، الذي استضافته تونس في 27 و28  من نفس الشهر

ولم يتأخر الرد المغربي ساعتها على الخطوة التونسية، إذ أعلن المغرب، في نفس اليوم عبر بيان من وزارة الخارجية، عدم مشاركته في أعمال القمة، كذلك استدعاء سفيره في تونس للتشاور.واعتبرت الرباط في قرار سحب سفيرها حسن طارق من تونس أن “الأخيرة راكمت مواقف غير سليمة تجاه قضية الصحراء المغربية”، وذلك في إشارة واضحة إلى المواقف “المثيرة للجدل” لتونس في مجلس الأمن خلال التصويت على تمديد بعثة المينورسو

وأشار كريشان ضمن مقابلة خاصة مع جريدة “”، بثت مساء اليوم السبت على قناة بـ”يوتيوب”  إلى أنه سبق له أن كتب عن انحراف السياسة الخارجية لتونس إثر أزمة التوتر بينها وبين المغرب، وقال: ” كانت هناك نوامس للدبلوماسية التونسية في عهد بورقيبة ولم يخرج عنها نظام بنعلي من بينها، ما يتعلق بقضية الصحراء، حيث كانت تونس تحرص على مسافة واحدة من الدول الأطراف في هذه القضية ولا تتدخل إلا لتقول كلمة طيبة أو تسكت”.

وسجل الإعلامي التونسي، أنه بلاده لم تكن نتخرط في أي نقاش يمكن أن يشعر فيه أي طرف بأنها تنحاز إلى الطرف الآخر وهذا أمّن لتونس موقفا نال احترام الجميع، قبل أن يضيف ” لكن الآن تغيرت، والقصة التي تسببت في توتر العلاقة بين تونس والمغرب (استقبال إبراهيم غالي زعيم الجبهة الانفصالية المزعومة) هي إحدى السقطات الكبرى في الدبلوماسية التونسية خلال الفترة الأخيرة.

وأكد كريشان أن “تونس صارت بلدا دون بوصلة ودون سياسة رشيدة، حيث ضاعت كل قيم التعددية السياسية والتداول السلمي والحريات لا نسمع إلا شعارات وكلاما شعوبيا وهذا أمر مؤلم في الحقيقة.”وشدد كريشان على أن “الوضع في تونس لا يسر، لأن تونس كانت شعلة من الأمل بعد ثورته في سنة 2011”.

وعاد المذيع التلفزيوني بقناة الجزيرة القطرية، ليقول بأنها شعلة انطفأت، لكنها لم تنطفئ بشكل كامل لأن هناك نارا تحت الرماد، وستعود يوما، وهذا وضع استثنائي”، لافتا إلى أن تونس “كانت محملة بآمال عريضة،  للأسف أنجزنا الكثير لكن لم يفعل منه إلا النذر”.

وتابع: بمعنى أجريت انتخابات ديمقراطية غير مزيفة، كان فيه تداول سلمي على السلطة وتم وضع دستور متقدم في سنة 2014 وكانت تعددية حزبية وكان الإعلام منفتح، لكن هذا الأمر تلاشى اليوم خاصة بعدما قام الرئيس قيس سعيد في 25 يوليوز 2021 بقراءة خاصة له للدستور فعل فيها ما فعل، وغيّر المشهد السياسي كله الدستوري والسياسي والإعلامي.

ونبه المذيع التلفزيوني بقناة الجزيرة، إلى أن الإعلام التونسي لم تعد له جدوته وتلك الحيوية السابقة،  وقال: “صحيح ما زالت هناك بعض الإذاعات الخاصة، لكن لم تعد هناك حوارات بالمعنى الحقيقي في التلفزيون التونسي تستضيف المعارضة التي لم تعد تذهب للتلفزيون بل أصبح يزج بها في السجون”، مضيفا “اليوم لدينا رئيس البرلمان السابق المنحل راشيد الغنوشي وقيادات حزبية من مشارب متعددة  وكفاءات علمية في السجون”.

واسترسل موضحا: “أنا لا أقول أنه مظلوم أو غير ذلك بل أترك لما يقوله المحامون، والذين يعتبرون أن هذه القضية لا أساس لها من الصحة، و لا تمتلك المقومات الحقيقية لقضية تأمر ضد أمن الدولة ويعتبرون أنه بعد تجاوز مهلة الاحتفاظ بـ14 شهرا، هؤلاء موجودين في احتجاز غير قانوني، هذا ما يقوله أهل القانون وأنا أصدق أهل القانون”.

ورفض محمد كريشان اتهامه بالتحامل على بلاده تونس، وقال “قبل الثورة أنا وغيري كانت ألستنا معقودة ولا نستطيع أن نتجرأ لانتقاد نظام بنعلي بقوة وبشكل مباشر تنتقد بعض المظاهر في الإعلام في الاقتصاد في المجتمع، لكن أن تنتقد القيادة السياسية، فهو أمر غير مسموح وعواقبه سيئة “.

وزاد: “بعد الثورة التونسية انطلقت الألسن كلها، وأنا لم أكن متحفظا بل صرت بعد الثورة التونسية قادرا على الكتابة عن الشأن التونسي باستمرار وانتقدت حركة النهضة ومنصف المرزوقي وراشيد الغنوشي والباجي قايد السبسي وكلها مقالات مكتوبة وتشهد على ذلك، وهي موجودة في القدس العربي، ولم أجامل لا حركة النهضة ولا نداء تونس ولا الشخصيات السياسية التونسية من أعلى هرم السلطة”.

وخلص الإعلامي التونسي، إلى أن “المشكل، هو أنه كانت فيه حياة سياسية ونقاش، لكن بعد كل ما قام به الرئيس قيس سعيد لم تعد هناك حياة سياسية في تونس هناك قتل متعمد للسياسية وهناك توجه شعبوي بائس”، مردفا “تونس تراجعت اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا وعلاقتها ساءت بالجوار خاصة مع المغرب البلد صار تقريبا يعيش شبه عزلة، علاقتها الحميمة الوحيدة، ظلت مع نظام يميني فاشي بإيطاليا علاقتنا مع صندوق النقد الدولي تعيسة وكذلك مع أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية”.

المصدر: العمق المغربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *