اخبار المغرب

لعروسي يرصد تكامل جهود الملك والشعب في التصدي لتداعيات “زلزال الحوز”

أعاد أستاذ العلاقات الدولية وتسوية النزاعات، عصام لعروسي، التأكيد على “إثارة استجابة المملكة المغربية لتداعيات زلزال للإعجاب”، معتبرا أن “تلك الاستجابة شكلت مزيجا بين القيادة الاستراتيجية والحكامة الإنسانية، والتضامن المجتمعي؛ وهو مزيج بدا كأنه يتردد صداه مع قواميس المرونة والوحدة والالتحام أكثر من معاجم الخراب والدمار واليأس”.

الزلزال الذي ضرب المغرب في 8 شتنبر 2023، وخلف نحو 3 آلاف من الموتى، ودمر العديد من القرى في الحوز وشيشاوة وتارودانت وورزازات، وضع المغرب في خانة: “فاجعة مؤلمة”، لكن العروسي وجد، في مقال رأي له منشور في موقع “نيوز لوكس”، أن “الاستجابة السريعة والفعالة لم تكن تتعلق فقط بالتخفيف من حدة الأزمة أو تلك الفاجعة، بل كانت تجسد لمسة عميقة مليئة بالأنسنَة في رؤى الملك محمد السادس”.

الأكثر من ذلك، أكد الخبير الاستراتيجي، في مقاله الموسوم بـ”زلزال الحوز.. تأملات في استجابة المغرب للكارثة”، أن “التدخلات كانت حقّا جديرة بالتقدير والثناء وذات أهمية كبيرة؛ كما كانت مسابقة المغربي للزمن، وقدرته على إعادة فتح الطريق الرئيسي المؤدي إلى منطقة الزلزال خلال 48 ساعة، وإنشاء ممر إنساني، تشكل شهادة على تعامل المملكة الجاد والماهر في تدبير الكارثة”.

وفي اعتقاد الكاتب ذاته، فإن “التضامن الذي أبداه المغاربة العاديون، الذين احتشدوا لمساعدة مواطنيهم وإخوانهم المتضررين، سلط، بدوره، الضوء على قيم الأمة الجوهرية المتمثلة في التضحية والمسؤولية الجماعية”؛ وقد أظهر “هذا الجهد الجماعي، المعزز بالمساعي الدقيقة والمتواصلة للقوات المسلحة الملكية، الجبهة الموحدة للكيانات الملكية والمجتمعية التي تسعى إلى تحقيق هدف مشترك”.

وتابع قائلا: “كمراقب، لا يسعني إلا أن أعجب برباطة جأش وتصميم الملك محمد السادس، الذي أظهر، وسط المأساة، قيادة متعاطفة ولكن منضبطة”، مضيفا “كان من الواضح أنه تأثر بشدة بمحنة شعبه، ومع ذلك فقد حافظ على موقف متّزن وقدم مبادرات ناجعة وقابلة للتنفيذ”؛ كما “أظهر التقليل من التفاعل مع وسائل الإعلام، وإعطاء الأولوية للعمل المباشر على الحوارات الخارجية، وجود زعيم متناغم مع احتياجات أمته قبل كل شيء”.

وبالنسبة لمحرر المقال ذاته، فإن “دعوة الملك لتشكيل لجنة وزارية مشتركة لمعالجة الاحتياجات الفورية للسكان المتضررين كانت قراراً سريعاً استراتيجيّا، مما يشير إلى نهج استباقي لإدارة الأزمات”؛ إضافة إلى ذلك “أبرزت تعبئة الموارد، المالية والبشرية على حد سواء، التنسيق السلس بين مختلف قطاعات الحكامة Governance، وكان ذلك عاملا أساسيّا في التدخل الناجع والناجح لتدبير الأزمات الطارئة”.

ولم يفوت العروسي الإشارة، في معرض حديثه، إلى “الفوارق التّنموية والمجاليّة الصارخة التي كشف عنها الزلزال، وكيف أبرز الحاجة الملحّة إلى استراتيجية تنمية شاملة وكليانية، تضمن تقاسم فوائد السياحة والصناعات الأخرى بشكل عادل بين كل مناطق وجهات المملكة المغربية”.

وبالتأمل في نهج إدارة الأزمات الذي اتبعه المغرب قبل هذا الحدث، بدا للعروسي أن “القيادة الملكية هي نقطة الارتكاز التي تدور حولها السياسات الاستراتيجية”، مؤكدا أن “مزيج الشرعية الدستورية والدينية والتاريخية الممنوحة للقيادة الملكية هو الذي ساهم في إرساء البُعد التنفيذي للدولة، حيث كان تدخل الملك بمثابة حضور مطمئن خلال مثل هذه الأوقات الكارثية”.

ومن النقط الأساسية التي سطّر عليها الكاتب أن “تطوّر الأحداث بعد الكارثة أماط الحُجب عن اهتزاز مشاعر الشّعب المغربي تعاطفاً مع إخوانهم، وكشف عن المرونة والوطنية المتأصلة فيهم”، مضيفا “لقد جسدت التعبئة الجماعية للأمة، إلى جانب البروتوكولات التقليدية لإدارة الأزمات، قيم المواطنة والواجب الوطني، وحولت الخوف الجماعي وعدم اليقين إلى جبهة موحدة، قادرة على التغلب على المأساة وإعادة البناء بشكل أقوى من ذي قبل”.

وهو يختم مقالته، أكد العروسي أن “تعامل المغرب مع هذه الأزمة كان بمثابة مرآة تعكس نقاط قوته الكامنة، وقيمه المجتمعية، وقيادته المرنة”، لافتا الانتباه إلى أن “التوازن بين التدخل الملكي والتضامن المجتمعي رسم صورة لأمة متجذرة في تقاليدها وقيمها، وبيّن أنها قادرة على التكيف ومتّحدة في مواجهة الشدائد.. وبينما كان العالم يراقب، لم يواجه المغرب كارثة فحسب؛ لقد عرض سيمفونية هائلة من المرونة والوحدة والأمل”.

المصدر: هسبريس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *