اخبار المغرب

هل تحولت مواقع التواصل الاجتماعي إلى ملاذ للباحثين عن الإجهاض بالمغرب؟

لا تزال العديد من القضايا المتعلقة بالإجهاض رائجة في محاكم المملكة، والمرتبطة خاصة بالممارسات السرية لهذه العملية التي يجرمها القانون المغربي ويشدد في محاربتها، ويجد فيها العديد من الأشخاص الحل الوحيد، في ظل الحظر الممارس على الإجهاض الطبي القانوني للتخلص من جنين جاء في ظروف غير عادية.

وفي أبريل الماضي، تمكنت عناصر المصلحة الولائية للشرطة القضائية بمدينة القنيطرة، بتنسيق مع مصالح المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، أبريل الماضي، من توقيف ثلاثة أشخاص، من ضمنهم ممرض، وذلك للاشتباه في تورطهم في إجراء عمليات للإجهاض بشكل غير قانوني وترويج أدوية بدون ترخيص.

وعلى الرغم من الحظر والحملات التي تشنها السلطات الأمنية ضد هذه الأدوية، لا تزال حبوب الإجهاض متداولة في المغرب حيث يتم استيرادها أو سرقتها من المستشفيات، ثم تباع بأكثر من عشرة أضعاف سعرها في البلدان التي تباع فيها دون وصفة طبية، وفق ما أوردته وكالة “فرنس بريس”.

وقالت الوكالة في تقرير لها نشر نهاية ماي المنصرم إن بائعي هذه الأدوية على صفحات “فيسبوك” يطلبون 1500 أو 2000 درهم (140 و184 يورو) لعبوات الحبوب، دون أن يحددوا الجرعة أو أن يوجهوا أي أسئلة للمشتري بخصوص أسابيع الحمل.

ونقلت الوكالة الفرنسية عن الجمعية المغربية لمكافحة الإجهاض السري، معطيات صادمة بخصوص عدد عمليات الإجهاض السري التي تجرى يوميا في المغرب، مشيرة إلى أن العدد يتراوح ما بين 600 إلى 800 حالة إجهاض سرا كل يوم.

وتنتشر هذه الممارسات بالرغم من وضوح النص القانوني المغربي، إذ  شدد الفصل 455 من القانون الجنائي على معاقبة بالحبس من شهرين إلى سنتين وغرامة من مائتين 200 إلى ألفي درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط كل من حرض على الإجهاض ولو لم يؤد هذا التحريض إلى نتيجة ما.

وأضاف النص ذاته أن نفس العقوبات تجري على كل من باع أدوية أو مواد أو أجهزة أو أشياء، كيفما كان نوعها أو عرضها للبيع أو عمل على بيعها أو وزعها أو عمل على توزيعها بأية طريقة كانت، علما أنها معدة للإجهاض، حتى ولو كانت هذه الأدوية أو المواد أو الأجهزة أو الأشياء مع المقترحة كوسائل فعالة للإجهاض غير قادرة عمليا على تحقيقه.

وحول الموضوع، قالت لطيفة بوشوى، الفاعلة الحقوقية وعضوة المكتب الوطني لفيدرالية رابطة حقوق النساء، إن بيع هذه الأدوية على مواقع التواصل الاجتماعي وسهولة الوصول إليها يشكل خطرا على صحة النساء الراغبات في الإجهاض وعلى حياتهن، لأن العملية تتم بشكل سري بعيدا عن المراقبة الطبية وهو ما يتسبب في وفيات في العديد من الحالات.

وقالت بوشوى في تصريح لجريدة العمق إن اللجوء لهذه الأدوية والأعشاب وطرق أخرى من طرف الراغبات في الإجهاض والتخلص من جنين غير مرغوب فيه لظروف متعددة فرضته القوانين التي تحظر الإجهاض الطبي الصحي الآمن، مشيرة إلى أن هذه الطرق السرية لها آثار صحية واجتماعية وخيمة، وتكرس الجهل والعادات السيئة.

وأوضحت الحقوقية ذاتها أنه بالرغم من كون المرأة حرة في التصرف في جسدها، فإن القوانين المعمول به لا تسمح لها بذلك وتفرض الوصاية عليها وتجبرها بطريقة غير مباشرة للاتجاه نحو الممارسات غير القانونية في ما يخص وقف الحمل، مشددة على ضرورة إنهاء هذا الوضع وتغيير تلك القوانين بما يسمح للنساء من حقهن في ممارسة الإجهاض الطبي الآمن، فضلا عن ضرورة حماية الأطباء ومهنيي قطاع الصحة من المتابعات القانونية ورفع التجريم عن الغجهاض الصحي الآمن أخذا بين الاعتبار القواعد الحقوقية الفضلى في المجال، وفق تعبيرها.

ويشير نص القانون الجنائي في الفصل 449 على أنه “من أجهض أو حاول إجهاض امرأة حبلى أو يظن أنها كذلك، برضاها أو بدونه سواء كان ذلك بواسطة طعام أو شراب أو عقاقير أو تحايل أو عنف أو أية وسيلة أخرى، يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وغرامة من مائتين 197 إلى خمسمائة درهم. وإذا نتج عن ذلك موتها، فعقوبته السجن من عشر إلى عشرين سنة”.

وأشارت الفاعلة الحقوقية ضمن تصريحها للعمق إلى ضرورة اعتبار الصحة النفسية جزءا لا يتجزأ من الصحة العامة حتى يسمح القانون للنساء اللواتي يعانين من حالة نفسية صعبة بسبب الحمل بالإجهاض الآمن في الأماكن الخاصة بذلك بعيدا عن الإجهاض السري وعن المتابعات القانونية.

وينص الفصل 453 من القانون الجنائي المغربي على أنه لا عقاب على الإجهاض إذا استوجبته ضرورة المحافظة على صحة الأم متى قام به علانية طبيب أو جراح بإذن من الزوج، ولا يطالب بهذا الإذن إذا ارتأى الطبيب أن حياة الأم في خطر، غير أنه يجب عليه أن يشعر بذلك الطبيب الرئيسي للعمالة أو الإقليم.

وكانت منظمة العفو الدولية قد طالبت في تقرير لها تحت عنوان “حياتي تدمّرت: ضرورة وقف تجريم الإجهاض في المغرب” بإخراج قضية الإجهاض من مجال إنفاذ القانون، باعتبارها مسألة جنائية، وإدراجها تحت سلطة وزارة الصحة باعتبارها قضية طبية.

وقالت إن على وزارة العدل ومجلس النواب إلغاء جميع أحكام القانون الجنائي التي تحرم السعي للإجهاض أو الحصول عليه أو إجرائه أو المساعدة في الحصول على معلومات أو سلع أو أدوية أو خدمات تتعلق به.

ودعت المنظمة وزارة الصحة إلى إرساء إطار تنظيمي بشأن تقديم خدمات الإجهاض الدوائي والجراحي القانوني على نحو يتوافق مع المبادئ التوجيهية بشأن الرعاية المتعلقة بالإجهاض العام 2022 الصادرة عن منظمة الصحة العالمية.

وأضاف المصدر ذاته أن سياسات وزارة الصحة وخطط عملها ومواردها يجب أن تكفل لجميع النساء والفتيات إمكانية الانتفاع في الوقت الملائم وعلى نحو منصف وبدون تمييز من المعلومات والخدمات والسلع والمرافق والموارد والرعاية المتعلقة بالصحة الجنسية والإنجابية، بما في ذلك تلك المتعلقة بالإجهاض، بحيث تكون آمنة وميسورة التكلفة ومقبولة وذات نوعية جيدة، ويجب أن تكفل مثل هذه السياسات تذليل أي عقبات تقيد إتاحة الإجهاض، مثل التقييد غير المعقول لمدة الحمل القابل للإجهاض، أو النهج القائمة على الأسباب الموجبة للإجهاض، أو فرض أي موانع تستلزم صدور إذن من طرف ثالث.

المصدر: العمق المغربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *