اخبار المغرب

رحيل عائشة الخطابي .. حافظة ذاكرة “أسد منطقة الريف” تغادر دنيا الناس

بكلمات لا تخلو من شغف، كانت تُحدّث الراحلة عائشة الخطابي الناس عن سيرة والدها، “أسد منطقة الريف” محمد بن عبد الكريم الخطابي؛ ما عرفته علَيهِ، ومن رافقوه، ومواقفه، وهو أمير مقاوم، ورمز، وإنسان يخوض غمار الحياة اليومية، بطلا في أعين المغاربة والعالَم، وربّا لأسرته الصغيرة، أبعده المنفيانِ عن أسرته الكبيرة.

حافظة ذاكرة والدها تحدثت باستمرار عن “مولاي محنّد”، الذي “كان زاهدا تقريبا”، فَضَّل البيت المتواضع، وكان يوصي أبناءه بالزهد ومساعدة الناس، والضعفاء خاصة، حتى ظنّه البعض، خطأً، معاديا للغنى.

عائشة الخطابي الراحلة بعد عامها الثمانين، الأربعاء، كانت شاهدة على زيارات رموز المقاومة والسياسة لوالدها، صديقه عبد الله إبراهيم “الذي كان تقريبا يقطن الدارَ عندما يكون بمصر”، والمهدي بن بركة، والحبيب بورقيبة، وأحمد بن بلة، وتشي غيفارا، والكثيرينَ غيرهم.

وعلى الرغم من الوفود التي لم تنقطع زياراتها يوما حتى “كان مكتب المغرب العربي تقريبا في دارنا”، قبل رحيل أبيها، فإن هذا الأخير لم يكن يخبر أسرته بمن سيزورهم من “علية القوم”، كما سبق أن ذكرت الفقيدة؛ بل كان يدعوهم إلى مشاركة ما يكون معدّا للأسرة، أيّا كان، ويقول: “هاذو شبعانين، علاش تديري لهم الدجاج والحوت (السمك)؟ ديري (أعدّي) الحوت للفقراء”.

عائشة الخطابي كانت أصغر بنات المقاوم البارز الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي، بطل معركة أنوال التي كانت فاتحة أمل لمقاومة الاستعمار عبر العالم، ولدت في منفى والدها الإجباري بجزيرة لاريونيون الفرنسية، ودرست بمصر في منفاه الاختياري، وكانت الوحيدة التي اختارت العيش في المغرب، لكونها الوحيدة التي تزوجت مغربيا، في حين تزوجت أخواتها مصريين.

وحول الجدل المتكرر بشأن “جمهورية الريف” التي أقامها الخطابي، بعد هزمه الاستعمار الإسباني، جددت ابنته الحديث، مراتٍ، عن كون هدفها “ألا تعود المناطق المحررة من إسبانيا إلى فرنسا” التي كانت تستعمر باقي التراب المغربي، وهكذا “في انتظار الحرية”، لم يكن يريد اقتطاع جزء من المغرب، بل “ألا يصير الريف تابعا للفرنسيين”.

وعن عدم عودة الخطابي إلى المغرب، سبق أن قالت عائشة الخطابي إنه “كان يريد دائما العودة إليه (…) لكنه ربط عودته بعدم بقاء جندي فرنسي واحد بالبلاد”، قبل أن يفاجئه الموت.

ولم يرتبط اسم عائشة الخطابي، في سنواتها الأخيرة بدنيا الناس، بذاكرة أبيها فقط؛ بل بموقفها المطالب بإطلاق سراح المعتقلين على خلفية “حراك الريف”، مع مساندتها حق المحتجين في المطالبة بحقوقهم، ولو أنها كانت تفضّل إيصال هذه المطالب بطريقة أخرى.

المصدر: هسبريس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *