اخبار السودان

الموقف السياسي مع إقتراب عام من الحرب (٨)

عزام عبدالله إبراهيم

♦️ نبدأ الآن في شرح مواقف دول الجوار و المحيط الإقليمي للسودان. وهنا لابد من البدايه من مصر، الجاره الشماليه للسودان وذات التأثير الكبير علي السياسيه السودانيه. تَعتبر مصر السودان عمق إستراتيجي لها و تتعامل مع الوضع في السودان بعين المستعمر السابق وان جاز لنا حسن الظن كأخ أكبر.

📌 ظلت الدوائر الحكومية المصريه تتعامل مع السودان من منظور أمني بحت الي درجه إرسال بعثات دبلوماسية يغلب عليها الخلفيه الأمنية او أفراد من جهاز المخابرات المصريه.

أيضا تتعامل الحكومات المصريه مع السياسيه السودانيه بنظام التوازنات حيث تستضيف المعارضه وتدعم الحكومه في نفس الوقت. ومن خلال التاريخ تفضل الحكومه المصريه الحكم العسكري لسهولة التعامل معه و سهوله إخضاعه اما عن طريق الجزّره او العصا.

📌 مع اندلاع الحرب كان موقف الحكومه المصريه منحازاً لقياده الجيش السوداني وقدمت له الكثير من الدعم السياسي والعسكري وكمثال تنظيم قمه دول جوار السودان للإلتفاف حول مبادره الإيقاد و تقديم دعم عسكري وصل مرحله تسديد ضربات جويه علي قوات الدعم السريع داخل السودان.
📌 و مع تطاول الحرب وسقوط المناطق واحده تلو الأخري وتعالي الأصوات بتسّليح المدنيين مما يهدد بإنتشار فوضي السلاح بالأخص في الإقليم الشمالي (نهر النيل و الشماليه) وهو ما يشكل تهديد وجودي للدوله المصريه. لأن سيناريو الفوضي سيناريو مثالي للمتشديين و لكل الحانقين علي الدوله المصريه للإستفاده من سهوله الحصول علي السلاح و سهوله استقطاب الغاضبين و أصحاب المظالم (النوبيين المصريين) و المعارضين السياسيين لتشكيل تهديد أمني في جنوب مصر. هنا لابد أن نأخذ في الإعتبار الأوضاع الأمنيه غير المستمره في الحدود الغربيه لمصر (ليبيا) و الشرقيه(غزه) مما يجعل الدوله المصريه محاطه بالتهديد من كل الاتجاهات أضف الي ذلك الإنهيار الاقتصادي و غلاء المعيشة في بلد يقطنه اكثر من ١٢٠ مليون إنسان.
📌 أيضا لابد هنا من ذكر التخبط الذي يعتري الممارسه السياسيه للقياده العسكرية و وزاره الخارجيه السودانيه، و آخرها التقارب مع إيران. هذا التقارب يجعل العديد من من الفاعلين الدوليين ينظر بعين الريبه لتصرفات الإسلاميين السودانيين ويعيد للأذهان العشريه الاولي من حكم الإسلاميين في السودان.

🔹️ قد يقول قائل ان الحكومه المصريه لها عداء سافر مع الاخوان المسلمين و الإسلاميين بصوره عامه فكيف تدعم الإسلاميين في السودان؟
📍 الجواب هو ان نظره الدوائر الحكومية في مصر للإسلاميين السودانيين هي أنهم كتله إنتهازيه و غير ايدولوجيين وخصوصا بعد المفاصله في أواخر القرن الماضي. وبعد حوالي ربع قرن من العلاقات المشتركه إمتلكت الدوله المصريه العديد من الملفات التي يمكن إدارتها وكونت العديد من العلاقات مع الفاعلين السياسيين من الإسلاميين بحيث يمكنها الحفاظ على مصالحها في السودان.

📌 من جانب آخر فإن تعامل الدعم السريع السياسي مع الملف المصري فيه الكثير من الحكمه و الصبر. وقد توج الدعم السريع هذه المجهودات السياسيه بفتح قنوات غير رسيمة مع الحكومه المصريه أدت الي تفاهمات اقتصادية و سياسيه بين الطرفين. وفي حال مواصله التخبط السياسي من قبل العسكريين و الإسلاميين فإن خيار الإتفاقات العلنيه بين مصر و الدعم السريع أقرب مما يتصور الكثريين.
مما سبق يتضح لنا لماذا تغير الموقف المصري في السودان ولماذا خرج وزير الخارجية المصري سامح شكري مع وزير الخارجية السعودي للدعوة لوقف الحرب في السودان و بدايه عمليه سياسيه تفضي لتحول ديمقراطي في السودان.

♦️ الفاعل الثاني هو دوله جنوب السودان، ولعل التأثير السياسي لدوله جنوب السودان اقل بكثير من مصر ولكنه مهم ويجب أخذه في عين الاعتبار. أهم ملف بالنسبه للجنوب هو ملف البترول و إستمرار تدفق النفط الجنوبي عبر الأنابيب لانه يمثل شريان الحياه بالنسبه لحكومه الجنوب. وكما هو الحال مع مصر بدأت حكومه الجنوب بدعم الجيش السوداني للتقاطعات الكثيره بين الجانبين. هنا لابد من ذكر ان العديد من الفاعلين في دوله الجنوب لهم مصالح شخصيه مع النظام السابق و الإسلاميين في السودان لذلك فإنهم يدافعون عن مصالحهم الشخصيه قبل مصالح الدوله.
📌 لكن مسار الحرب جعل الحكومه في جنوب السودان تعيد النظر في موقفها بالخصوص بعد سيطره الدعم السريع علي العيلفون حيث التحكم الرئيسي علي أنابيب النفط الجنوبي.
مع تداخل التحكم في النفط و المساومات السياسيه حول العديد من الملفات الأخري غيرت حكومه الجنوب موقفها وبدأت في التحرك لإيجاد مقاربه سياسيه لإيقاف الحرب. هذه المحاولات تُوجت بزياره وفد من (تقدم) و الآن يوجد وفد الكتله الديمقراطية الداعمه للجيش السوداني.

📌 لعل من اكثر ما يقيد الدور السياسي لحكومه الجنوب هو تحكم فئة لها تقاطعات مصلحيه مع النظام السابق و تأثيرها علي الموقف المتبني من حكومه جنوب السودان وهو الحياد. وعليه فإن الدور المستقبلي للحكومه جنوب السودان سيعتمد علي قدره هؤلاء الفاعلين في تبني موقف يُعّلي المصلحة العامه علي الشخصيه او قدره الرئيس سلفاكير علي إبعادهم او تحجيم تأثيرهم علي مواقف الدوله.
ونواصل

المصدر: صحيفة الراكوبة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *