اخبار السودان

تقدّم فكرة قائمة علي الإقصاء السياسِي وعدم القبول بالآخر المُختلف (2)

في الجزء الأول إنتهيت إلي السؤال عن كيف ولماذا قامت “تقدّم” بإقصاء الآخرين من القوي السياسِية والديمُقراطية المدنية والثورية الرافضة للحرب؟ ، وسأُحاول في هذا الجزء الإجابة علي هذا السؤال الجوهري.

كما هو معلوم وقد ذكرت في الجزء الأول أنه كانت هنالك مجموعات كبيرة من المُبادرين والمُبادرات لتكوين جبهة موحدة ضدالحرب ورافضة لها وتعمل من أجل وقفها ، وكانت هنالك مُحاولات للتنسيق بين هذه المُبادرات ، كنت شخصياً حاضراً وشاهداً وفاعلاً بقوة في هذا الإتجاه ، وكان غيرنا أيضاً له إسهاماته ووجوده تختلف درجاتهم في ذلك ، تقدّم إستندت في تحركها علي أنه واقعاً قد كان هنالك قوام موجود وله تنسيق فيما بينه كان أساسه بعض المجموعات والشخصيات الديمُقراطية ومُنظمات المجتمع المدني إضافة لقوي الحرية والتغيير والمُتحالفين معها ، ولكن في ذات الإتجاه كانت هنالك مجموعة أشخاص وأفراد مُحددة “باصابع اليد” ، هي المُتحكمة والموجهة لهذا الإتجاه ، عملت هذه المجموعة علي أن تكون هي الأساس إلي “لجنة تحضيرية قائدة” تدعوا لإجتماع تحضيري أوسع ، وبالفعل تم لها هذا ، مع دعوة بعض الشخصيات الذين تمت إضافتهم لهؤلاء المُتحكميّن في نواة اللجنة وأساسها وكان غالبيتهم من المكتب التنفيذي لقوي الحرية والتغيير ، إضافة لعدد لايتجاوز أيضاً أصابع اليد الواحدة معظمهم ذو صلة بمجموعة و”شُلة الحرية والتغيير” ومُتنفذيها في شكل مصالح أو صداقة أو إرتباط تنظيمي سابق ، وعبر تطبيق “زوم” تم لقاء تشاوري أولي لكيفية الدعوة لإجتماع تحضيري أوسع ، كان هنالك ومن داخل الإجتماع إقتراح بأن تتكون لجنة مُصغرة من ٣ أشخاص ، تم إقتراح بان يكون ٤ من داخل ذات الإجتماع تضع تصور مبدئ وتقوم بالدعوات وتنسيق الوصول لأكبر مجموع يُغطي ويشمل كل القوي السياسِية والديمُقراطية المدنية والثورية الرافضة للحرب من أجل تكوين جبهة موحدة وقوية وحقيقية ، كان من الواضح أن هنالك تنسيق موجود من القوام الأساسِي الذي ظل مُمسكاً ومُسيطراً ومُحتكراً لتمثيل الشعب السُوداني وكل القوي الديمُقراطية المدنية ، لذلك حرصوا علي أن يُسيطروا حتي علي تلك اللجنة المُصغرة ، وهذا واضح لكي يتم توجيه بناء الجبهة الموحدة علي هوي وطريقة إدارتهم وسيطرتهم مع ضمان وجودهم في قيادتها وإستمرار ذات “الوجوه التقليدية” والمحفوظة الساعية علي الدوام أن تكون جزءاً أساسي ومُتحكمة في القيادة ، دون أي إعتبارات لإختلاف الواقع الحالي والهدف من التجميع لكافة تلك القوي وظرف الحرب الذي تنادي له الجميع من المُفترض لوقفها.

تم نوع من التنسيق مابين تلك المجموعة ومُبادرات أخري في ذات الإتجاه وهندستها وإختيار وترشيح من يكون في قيادتها بالإتفاق ودون الرجوع لبقية القوي خارج الحرية والتغيير وبعض منظمات المجتمع المدني التي كانت أيضاً لها مُبادرتها في إتجاه وقف الحرب ، وبعد أن إكتملت الطريقة التي سوف يُدار بها التحالف الجديد هذا تمت الدعوة للإجتماع التحضيري الاوسع بحضور ١٠٠ شخصية في أديس ابابا ومن غير مشاركة العديدين ومنهم الحزب الشيوعي السُوداني ، حزب البعث الاصل ، حركتي الحلو وعبدالواحد ، إضافة لغالبية لجان المقاومة والمهنيين وعدد من النقابات والمنظمات النسوية ، وجميع مكونات الكتلة الديمُقراطية وغيرها ، إضافة لعدد كبير من الشخصيات المُستقلة والفاعلة وشخصي أحدهم ، علي الرُغم من مُتابعتي لكثير من تفاصيل ما يحدث ووجودي في دائرة الفعل لإنشاء وتكوين هذه الجبهة ، وكان أن أبلغني أحدهم بإتصال منه باكراً بأنني ساكون مدعواً لإجتماع اديس التحضيري هذا وبعدها حاول وتعمّد إخفاء معلومات أساسية عن تحركهم ، ويبدو واضحاً أن ذلك هو فعل وتخطيط من أدمنوا إقصاء الآخرين وإحتكروا الصوت المدني ، علماً باننا في الوقت الذي كنا نحضر بالخارج مع آخرين من المُبادرين لقيام مؤتمر لذات الهدف في واشنطن بامريكا علي ما أذكر وتمت فيه تقديم الدعوة للجميع إلا أنه قد تم إختيار ذات توقيتنا المُعلن من فترة لقيام إجتماعهم التحضيري باديس في أكتوبر ٢٠٢٣م؟؟ ، والذي تمت فيه دمج بعض المبادرات في ما عُرف بتنسيقية القوي الديمُقراطية والإتيان بحمدوك الذي أصلاً كان قد أُعدّ كي يكون رئيسها ويساعده نفس القوام وذات “الشلة” من الحرية والتغيير وبعض أصدقاؤهم وبعض الشخصيات المحفوظة من القوي الديمُقراطية ، الذي أستطيع الجزم به ، انه لا الحزب الشيوعي السُوداني ، لا البعث العربي الإشتراكي ، لا حركتي الحلو وعبدالواحد لا شخصي أو من يمثلون تيارنا الفكري والسياسِي ممن يُسمونهم بالجذريين أو المُختلفين كانوا مثلنا مع خط التسوية والإتفاق الإطارئ كان مُرحباً بهم أن يكونوا في الإجتماع التحضيري الأول في أديس ، أو القيادة المُختارة عنه في هيكلته ، والشئ الغريب أنهم إختطفوا لسان كُل القوي المدنية والديمُقراطية وصادروا حقنا في أن نكون جزءاً من عمليات ينتج عنها تفاوض وطريق للعملية التأسيسية لأجل الحلول لبلادنا التي نحن وآخرين ممن تم إقصاؤهم من أشدّ دُعاتها والفاعلين العاملين لأجلها ولا يستطيعوا إنكار هذا أو تجاهله…

نكتب كُل هذا شفافيةً مع شعوبنا السُودانية وكجزء من سلوكنا الثوري والديمُقراطي الذي تعلمناه ونشأنا عليه ، في ظل صراعنا مع العقليات المُحتكرة والإقصائية ، ومع الأفكار والشخصيات التي لا تعمل إلا في الظلام والغرف الموصودة علي الدوام ، ونكتب لمصلحة بلادنا في المقام الأول أن تتوقف هذه الحرب وجميّع مُعاناة السُودانيين ، وأن تتشكل فيها جبهة مدنية ديمُقراطية وثورية حقيقية وفاعلة ، ونعلم تماماً أننا لن نسلم من أبواغهم الإعلامية وبعض المُسمّمين للأجواء الذين أدمنوا التآمُر والسلوك الإنتهازي.

في الجزء الأخير ساكتب بإذن الله عن لماذا أصبحت تقدّم وبشكلها وقيادتها الحالية عقبة في طريق توحيد القوي السياسِية المدنية والديمُقراطية والثورية الرافضة للحرب والعاملة علي وقفها.

المصدر: صحيفة الراكوبة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *