اخبار السودان

جريمة لابد من التحرك السريع لإيقافها !!! السودانية , اخبار السودان

 

جريمة لابد من التحرك السريع لإيقافها !!!

م. خيري عبدالرحمن أحمد

تفاصيل عقد التمويل من بنك السودان مع إدارة مشروع الجزيرة تؤشر الى جريمة جديدة في حق الاقتصاد الوطني وحق المزارعين ويجب الاسراع الى إيقافها بالطرق القانونية وتقديم المسئولين عنها الى العدالة.

فقد أعلنت إدارة المشروع في المؤتمر الصحفي الذي عقدته قبل يومين توقيعها على عقد تمويل الموسم الزراعي الشتوي (الحالي! نعم الذي بدأ بالفعل)، وهي في البدء تعترف مبدئيا بعدم مسئوليتها في الأساس عن توفير أي تمويل: حيث يقتصر دورها في “الإشراف والإرشاد والوقاية وتوفير التقاوي وفق القانون”. ولكن لأن وزارة المالية رفعت يدها منذ عامين عن مسألة التمويل، تدعي إدارة المشروع بأنهم سعوا من جانبهم لتوفير التمويل من البنك وتوصلوا لبنود هذا التعاقد. والعجيب أنه عندما كان عليها هي التوقيع على عقد هذا التمويل الخطير (وهو في الأساس ليس مسئوليتها)، لم يترددوا وذهبوا الى نفس وزارة المالية وارتضوا أن تمنحهم تفويضا لرهن كل أصول المشروع والتي قدرتها “بأكثر من ١٠٠ مليار جنيه”: في حين أن التمويل يبلغ ٧٠ مليار جنيه !!

وهنا تناست إدارة المشروع تًنَكر نفس وزارة مالية الانقلاب لمسئوليتها الدستورية لتوفير التمويل وقبلت منها قرار التفويض بالرهن والذي يتجاوز مسئولية وزارة المالية في مثل هذا الحجم من الأصول والأهمية الاسترتيجية لمشروع الجزيرة والذي يجب أن لا يتم من حيث المبدأ.

وبالطبع، في حالة فشل السداد سيستلم البنك الأصول بمبلغ ال ٧٠ مليار فقط ولربما طالب بدفع كل تكاليف التمويل والذي هو من يحدد قيمتها !

هذه مؤامرة تدبر بكل خبث وهدفها التدمير الكامل لما تبقى للمشروع بعد أن بذلت وزارة الحكومة الانتقالية الأولى مجهودا خرافيا لاعادة إحياء المشروع ونجحت بالفعل في زراعة أكثر من ٦٠٠ ألف فدان.

وهذه جريمة للاسباب التالية:

اولا: المقصود الموسم الشتوي الحالي وليس العام القادم: والموسم بدأ بالفعل. والادارة نفسها تشير الى أن الفكرة كانت في شهر سبتمبر ولكن تأخر التعاقد الى أن تم توقيعه في ٢٧ نوفمبر، ولم يبدأ بعد التنفيذ في أرض الواقع !!! فاذا أصلا تأخر فلماذا تم التعاقد ؟

ثانيا: المساحة المتفق عليها في التمويل ٣٠٠ ألف فدان (فقط ثلاثمائة ألف فدان لا غير !!!) … في حين أن إدارة المشروع أعلنت أنها في الواقع لم تجهز سوى ٢٢٠ ألف فدان !!! … وكأنها بتخفيض المساحة جهزت مقدما للعجز المادي للعائد من الانتاج. ومع ذلك فانها تقبل الرهن لكافة أصول المشروع … تصور !!!

ثالثاً: التمويل يغطي تكاليف التحضير وكذلك التقاوي وهذه عمليات يتم تجهيزها من فترة مبكرة، حتى قبل سبتمبر الذي فكرت فيه إدارة المشروع للتوصل لمثل هذا الاتفاق.

رابعاً: لا يوجد أي إلتزام من جانب ادارة المشروع من حيث تحسين جودة الانتاج وزيادته عن كل فدان في كل الخطوات من التحضير للأرض وجودة التقاوي والارشاد الزراعي ومكافحة الآفات .. الخ، وانما هنالك تحميل كامل للمسئولية على المزارع، وتطالبه أن يعمل هو لضمان جودة وزيادة كمية الانتاج !!! وكان يجب عليها وقبل أن توقع على مثل هذا التعاقد أن تتأكد من توفير كافة الخدمات التي تضمن عائدا مجزيا يغطي التمويل وفوائده: وأنا هنا أفترض حرصها على النجاح في تغطية التمويل من عائد الانتاج.

خامساً: لا يوجد أي إلتزام من جانب إدارة المشروع لتوفير الوقود اللازم لنجاح الموسم (نهائيا!) .. وانما طالبت هي بتوفير الوقود !!!؟ ولم تحدد منَ تطالب وكيف ومتى ! والوقود هو من أهم عوامل النجاح لأي موسم زراعي، وتسببت ندرته في إفشال الكثير من المشاريع الزراعية. ومن المعلوم أصلا أن هنالك أزمة كبيرة بسبب الحرب اللعينة الدائرة الآن.

سادسا: لم تشير إدارة المشروع الى التسويق ! وعلاقات الانتاج التي ستحكم هذه الصفقة. فهل ستواصل وزارة المالية نفس سياسة رفع يدها، وهي التي من المفترض أن تكون الشاري الأول من المزارعين بحكم مسئوليتها تجاه المواطنين بتوفير الغذاء سواءً للجوعى أو النازحين أو المحتاجين؛ بالاضافة الى إلتزاماتها في بناء، والحفاظ على، المخزون الاستراتيجي. هل سترفع وزارة المالية يدها عن المشروع بما في ذلك الشراء بسعر التركيز التحفيزي للمزارعين الذي إستنته حكومة الفترة الانتقالية ؟ أم أن إدارة المشروع هي التي ستضمن ذلك للمزارعين ؟

 

إنني أدعو كل المهندسين في كافة قطاعات الانتاج وخاصة الزراعة والري والكهرباء والنقل، ومعهم كافة المهنيين وكل التنظيمات الى التحرك عاجلا لوقف هذا الجرم، وتوظيف التمويل الذي ثبت توفره بشكل عادل ومجزٍ للمزارعين وبما يضمن نجاح ما تبقى من خطوات لاستكمال الموسم الزراعي الشتوي الحالي.

 

م. خيري عبدالرحمن أحمد

٣٠ نوفمبر ٢٠٢٣م.

 

https://www.sudanakhbar.com/1456332

المصدر: صحيفة التغيير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *