اخبار السودان

من المقاومة الى التبصير بالحقوق… كيف عملت منظمة « الحارسات » النسوية على مدى سنوات الثورة السودانية ؟

 

 كان عددهن لا يتجاوز «9» نساء عندما دعا تجمع المهنيين السودانيين في «25 ديسمبر العام 2018 » لأول لتظاهرة له ضمن سلسلة من المواكب التي قد بنظام المخلوع  البشير في أبريل من العام « 2019 » و لم تتوقف مشاركتهن في الموكب فقط وإنما لعبنا دورا مهما عبر استمرار تواجدهن بالشارع وقيادة التظاهرات حتى أصبحن أيقونة ثورة ديسمبر المجيدة .

التغيير فتح الرحمن حمودة

و كان الرقم «9» من اهم أرقام الحظ بالنسبة للنساء السودانيات حيث كان قد بدأت به أول مدرسة سودانية لتعليم البنات في البلاد في العام « 1903م » و هي مدرسة بابكر بدري و عدد طالبتها كان « تسعة » طالبات  وتأسس عبر ذات الرقم  الاتحاد النسائي السوداني في العام « 1952م » .

وتأسست منظمة «الحارسات» في «ديسمبر 2018» من مجموعة من الناشطات السودانيات بهدف توسيع مشاركة النساء في الحراك لأجل الحرية والسلام والعدالة فساهمت في تنظيم المواكب والوقفات الاحتجاجية والأنشطة الإبداعية وشاركت في انجاح المواكب البارزة في تاريخ الحراك الثوري بدءا من «25 ديسمبر» وحتى إعتصام السودانيين والسودانيات أمام القيادة العامة للجيش السوداني .

فعاليات و أنشطة

و شاركن « الحارسات » بعدها في جميع فعاليات وأنشطة الاعتصام  حتى  وقعت مجذرة القيادة  في «3 يونيو 2019 » فعملن في الحفاظ على جذوة الثورة برز ذلك من خلال مساهمتهن في تخفيف الآثار النفسية والجسدية للناجيات والناجين وكان ميلاد «الحارسات» من قناعة أن قيم الحرية والسلام والعدالة لا تنتصر وتستدام إلا بحراستها اليقظة والدائمة بكل نزاهة وبسالة فأصبحن نقطة في بحر المشاركة السياسية السودانية بتميزهم في الصمود والجسارة أمام آلة القمع طيلة فترة حراك الثورة وحتى اللحظة.

وعقب بداية الاعتصام أمام مقر القيادة العامة للجيش السوداني أنشئت «الحارسات» خيمة في موقع غير مواقع الأنشطة المتعارف عليها داخل ساحة الاعتصام حيث بداء نشاطهن بـ « حكاوي السجون» الذي وثق لانتهاكات الثوار وتناول سلسلة من تجارب المعتقلين والمعتقلات الذين تحدثوا عن تجاربهم داخل زنازين نظام المخلوع فطالبن «الحارسات» بعدها بضرورة إصلاح مؤسسات الأجهزة الأمنية والعسكرية كما انهن كن حريصات أن تتم مشاهدتهن داخل ساحة الاعتصام من خلال أشكال مختلفة فنظمن العديد من الأمسيات التي عرضت أفلام السينمائية عن موضوعات نسوية و اخرى عن حقوق الإنسان الي جانب موضوعات بسطت مفاهيم الديمقراطية ولكن كان تركيزهن اكثر على القضايا المرتبطة بالنساء للتأكيد على دور وأهمية مشاركتهن في المرحلة القادمة .

إصلاح الأجهزة الأمنية

و ظلن ” الحارسات ” يطالبن بضرورة إصلاح الاجهزة الأمنية منذ ايام الإعتصام و قالت إحداهن :”اذا كان ركز الجميع على هذه المطلب لما جاءت فيما اسمته  ” وكسة ” انقلاب “25” اكتوبر مبينة مدى كان حرصهم على توثيق جميع الإنتهاكات التى طالت الثوار خلال فترة الإحتجاجات

 

و حصدت آلة القمع المئات من دماء الشباب والشابات السودانيين و السودانيات الذين قدموا أروحهم في سبيل تحقيق الحرية والسلام والعدالة لبلادهن الأمر الذي جعل «الحارسات» منحازات للنساء في توثيقها لهن.

فواجهن الكثير من الصعوبات في مشوارهن التوثيقي ما جعلهن حتى اللحظة في مشوار إكمال المشروع إكمال معرض شهيدات الثورة السودانية بسبب الوصمة الاجتماعية التي ينظر إليها الكثير من أسر الشهيدات السودانيين رافضين التوثيق لبناتهم .

و اصبح للمنظمة مكتب تنفيذي تم انتخابه عبر ممارسة ديمقراطية واسعة و بات لهن أصبح ل هيكل تنظيمي ما زال يستوعب كل النساء السودانيات بمختلف أعمارهن، عرقهن ومعتقداتهن في محاولة لإرثاء تيار نسوي سوداني ديمقراطي جديد بطريقة مختلفة في سبيل توحيد الجبهة النسوية السودانية حيث ان هيكلهن يتكون من تسعة مكاتب متخصصة منها مكتب الصحة، العمل الطوعي و مكتب الابداع و لكل مكتب مهام و قضايا يعمل عليها و ظلت كل هذه الخطوات تصب في مصلحة توحيد الجبهة النسوية السودانية  بالنسبة لهن خصوصا و هن يرون ان بناء الجبهة تطلب منهن العبور الى مرحلة بها الكثير من المرونة لهذا حاولن عمل ممارسة ديمقرطية مزدوجة بطبيعة الشورى السودانية .

 

و عقب بداية الحكومة الانتقالية المنقلب عليها كن قد  قدن الحارسات حملة تحت مسمى « قدامية » جاءت بعد أن كفلت الوثيقة الدستورية نسبة «40 %» لمشاركتهن في البرلمان إلى جانب وثيقة اتفاق جوبا لسلام السودان التي كفلت «50 %» بالنسبة لمشاركتهن على جميع مستويات الحكم قدمن بعدها مذكرة لرئيس الوزراء السوداني السابق الدكتور عبد الله حمدوك الذي أوضح لهن أنه ليس له الحق في تعين الوزراء الأمر الذي دفعهن لتقديم خطابات لكل القوى السياسية التي شاركت في تعين الوزراء و لجوء بعضها إلى تقديم طعن للمحكمة الدستورية للنظر فيه عقب تشكيلها واستهدفت الحملة الشابات في لجان المقاومة والأحياء لتوعيتهم حول أهمية مشاركتهم السياسية في البلاد.

 

و للحارسات الكثير من المشاريع و البرامج التى ظللن ينظمنها بإستمرار و ييعد مشروع « جبنة فاهمة » واحد من أهم المشاريع القاعدية للحارسات فهو مشروع يقوم على جلسات القهوة بين النساء ويركز على تبادل الخبرات والتجارب من خلال سلسلة « الونسات » التى تكن بينهن  وكان قد وصل المشروع في دورته الأولى إلى «500 امرأة » والحارسات الآن على مشارف الدورة الثانية من ذات المشروع الذي يعمل على حل مشكلات النساء الفاعلات.

 

و تعتبر مجلة الحارسات من ضمن برامج المنظمة فهي مجلة ربع سنوية تصدر في العام ثلاث مرات وتهدف لاستعادة صلة النساء السودانيات بالقراء والاطلاع في العديد من القضايا منها المرتبط بالحياة اليومية المباشرة وأخرى التي لديها ارتباط بالقضايا العالمية وتعمل على تسليط الضوء على تجارب النساء في العالم من خلال النظر إليها وتحليلها ودراستها للاستفادة منها فهي مجلة تعمل على إرضاء شغف المعرفة لدى النساء السودانيات والانفتاح على تجارب الحارسات في محاولة لتغذية الحبل السري المعرفي عبر منبر مصغر يعمل على إخراج أصوات النساء ويحتفي بتجاربهن.

 

و تحاول منظمة الحارسات الانفتاح اكثر داخل و خارج العاصمة السودانية الخرطوم و اصبح لديها تمثيل و وجود حقيقي في العديد من مدن البلاد كمدينة بورتسودان بولاية البحر الاحمر و مدينة ود مدني بولاية الجزيرة و مدينة سنار و تنظر الحارسات إلى  الخرطوم بأنه ما عادت المدينة ذات الطبيعة النخبوية الواحدة .

المصدر: صحيفة التغيير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *