منوعات

لندن.. جولة رائعة في القنوات المائية


06:00 ص


الخميس 18 مايو 2023

(د ب أ)

يمكن للسياح معايشة أجواء مختلفة تماما عند الانطلاق في جولة في القنوات بالعاصمة البريطانية لندن، فمع نزول درجات السلم 25 يشعر السياح بأجواء يصعب تخيل وجودها على مسافة كيلومتر واحد من الحافلات الحمراء ذات الطابقين وسيارات الأجرة السوداء عبر طريق “يوستون رود” المزدحم، أو تدفق المجموعات السياحية من محطة “كينجز كروس” ومعهم حقائب التروللي أو اصطفاف عشاق هاري بوتر لالتقاط الصور على رصيف القطار.

ريجنتز قنال

وعند نزول السياح إلى قناة “ريجنتز قنال” لا يظهر أي صخب أو ضجيج للعاصمة البريطانية، التي يبلغ عدد سكانها 9 مليون نسمة، ويرسو قارب القناة “جالاتيه” على الرصيف الخاص محتميا بظل الأشجار الوارفة.

ويصعد السياح على منحدر خشبي للوصول إلى مقدمة القارب، ومن خلال النزول خطوة أخرى يصلون إلى المقصورة، والتي تحتوي على أريكة في الزاوية وطاولة قابلة للطي وسرير صغير خلف خزانة، بالإضافة إلى حمام صغير، وقد تم تجهيز المساحة الصغيرة على متن القارب بعناية فائقة لدرجة أن السياح لا يضطرون للاستغناء عن شبكة الواي فاي أو مياه الشرب من الصنبور مباشرة.

وفي الجزء الخلفي من القارب يقيم أصحاب القارب، الزوجان المتقاعدان سارة وسايمون هودجكينسون، وبينما يقيم السياح في القارب فترة قصيرة، فإن القارب “جالاتيه” يعتبر منزلهما العائم منذ 10 سنوات.

ومنذ انتقالهما للعيش في هذا القارب تقلصت متعلقاتهما بشدة، ولكنهما تعرفا على العاصمة البريطانية لندن من جانب غير معتاد، وأوضحت سارة ذلك بقولها: “العيش على متن القارب يشبه العيش في القرية؛ حيث يعرف الناس بعضهم البعض ويساعدون بعضهم البعض، ولدينا جيران طيبون، بالإضافة إلى الاستمتاع بالكثير من المناظر الطبيعية الخلابة”، علاوة على أن سايمون يقيم على مقربة من كلية “سانت مارتينز للفنون والتصميم؛ حيث يدرس الفن هناك”.

ومن خلال النوافذ المستديرة ينظر السياح إلى الضفة الشمالية؛ حيث ينزل راكبو الدراجات الهوائية عبر المنحدر وصولا إلى القناة، ويقتربون من الأشخاص، الذين يتجولون على المسارات القديمة المحاذاة للماء.

وفي السابق كانت الآلاف من خيول العمل تسير على هذه المسارات؛ نظرا لأن قناة “ريجنتز قنال”، والتي يبلغ طولها 14 كلم، كانت أكثر طرق النقل ازدحاما في لندن؛ لأنها كانت تربط قناة “جراند يونيون قنال” بنهر “التايمز” منذ عام 1820 من أجل نقل البضائع سواء كانت الفحم أو مواد البناء أو الحبوب من “ميدلاندز” أو حتى كتل الثلج من النرويج، وكان يتم استعمال “القوارب الضيفة” في الممر المائي لنقل البضائع إلى لندن، وكان يتم جرها بواسطة الخيول عبر المسارات المحاذية للماء.

ولكن مع حلول حقبة الستينيات من القرن المنصرم تحولت هذه القنوات إلى أطول واحة للهدوء والاسترخاء في لندن، ويعتبر القارب “جالاتيه” واحدا من حوالي 4000 قارب في القنوات المائية في لندن، وتنطلق هذه القوارب حتى الساعات الأولى من المساء في الرحلات الترفيهية والسياحية.

وتبدو لندن على مسافة أميال بعيدة، في حين ينعم السياح بليلة هادئة على متن القارب “جالاتيه”، حتى الساعات الأولى من صباح اليوم التالي، إلى أن تنطلق السناجب للصيد على قمم الأشجار، وتغرد الطيور على طول القناة، وأثناء تناول طعام الإفطار يمكن للسياح مشاهدة طيور مالك الحزين بلونها الرمادي على مسافة أقل من أربعة أمتار من مقدمة القارب، وأضافت سارة قائلة: “يمكن أن تظهر الثعالب هنا أيضا، ولذلك يجب على السياح عدم ترك أحذيتهم في الخارج”.

ليتيل فينيس

ويحيط بقناة “ريجنتز قنال” الأسواق والمتنزهات، ويشعر السياح عند استكشاف هذه القناة أنهم في حصة للتاريخ، وتتمثل بداية رحلة القوارب المثالية من “ليتيل فينيس” إلى “كامدين”، ويجلس السياح في القارب الضيق “برسيوس”، الذي يرجع تاريخه إلى 90 عاما تقريبا، على مقاعد جلدية باللون الأخضر ويلتقطون الصور الرائعة بواسطة كاميراتهم، وتزهر الألوان الرائعة على مدى الرحلة الممتدة لأربعة كيلومترات.

وتصطف القوارب بجانب بعضها البعض، مثل القارب “سيسيلي” باللون الأزرق الملكي، والقارب “ماتيلدا” الأحمر أو القارب “فيلونا” الأبيض، والذي يملكه أحد نجوم البوب، وبينما تنحني القناة باتجاه الشمال عند حديقة “ريجنتز بارك” تظهر مجموعة كبيرة من الفيلات حول القناة على الجانبين، وبعد ذلك تظهر قمم أشجار حديقة حيوان لندن، وتنتهي جولة القارب عند سوق “كامدين” الصاخب.

وعند قيام السياح بالتنزه سيرا على الأقدام باتجاه الشرق، فإنهم يصادفون مجموعة أخرى من قوارب القناة على المسار الموازي للقناة، وتظهر بعض الأزهار والأعشاب أو حتى الطماطم في صناديق وسلال مؤقتة على العديد من أسطح المباني.

وتقع منطقة “كينجز كروس” على مقربة من هنا؛ حيث تم تحويل المنطقة المهجورة السابقة في إطار تنفيذ مشروع بناء ضخم إلى منطقة حضارية حديثة تضم العديد من المتاجر الأنيقة والمطاعم الفاخرة والجامعات، وعند صعود درجات السلم إلى ميدان “جراناري سكوير” ينعم السياح بإطلالة رائعة على مبنى “جراناري”، الذي تم تجديده مؤخرا، وكذلك ساحات “كوال دروب ياردز”، وتشير أسماء هذه الأماكن إلى أنه كان يتم تخزين القمح والفحم في هذه المنطقة في السابق.

نفق “إيسلنجتون”

وعند العودة على المسار الموازي للقناة يظهر أمام السياح نفق “إيسلنجتون”، وتظهر القوارب المتجهة شرقا وهي تدخل الأنبوب المظلم، الذي يبلغ طوله 885 مترا قبل أن ترى ضوء النهار مرة أخرى على الجانب الآخر في الحي الصاخب “ذا أنجيل”، وتمتد منطقة المشاة فوق هذا النفق، الذي يمر على سوق “تشابل”.

وتمتد القناة لمسافة 7 كيلومترات أخرى حتى تصل إلى نهر “التايمز”، وكلما تابع المرء مسيره عبر طريق “إيست إند”، قل عدد السياح، ونادرا ما يصادف زوار في الواحات المجاورة مثل “فيكتوريا بارك” المترامية الأطراف.

وعلى حافة الطريق يشاهد السياح العديد من الأشخاص، مثل ليزي وجان، اللذان يجلسان على مقدمة قاربهما “هارفست مون” ويستمتعان بأشعة الشمس أثناء الظهيرة؛ حيث قامت صانعة الدعائم، والبالغة من العمر 26 عاما، والمدير الإقليمي لإحدى المؤسسات الخيرية والبالغ من العمر 30 عاما، باستبدال شقتهما المستأجرة ذات التكلفة المرتفعة، بمنزل عائم مدى الحياة.

وبينما يرسو القارب “جالاتيه” بشكل دائم على رصيف خاص به، يتحرك قارب الزوجان الشابان بشكل مستمر؛ حيث يمكنهم استعمال المراسي العامة في نظام القنوات في لندن لمدة أسبوعين في كل مرة نظير ترخيص بقيمة 1000 جنيه إسترليني.

وأضاف جان قائلا: “يسهل علينا العثور على مكان جديد، حتى إذا كانت القوارب ترسو بجوار بعضها البعض في الأماكن الشائعة؛ نظرا لأنه يتعين علينا ملء خزان المياه، كما أن أعمال الصيانة تستغرق 5 ساعات في الأسبوع”.

وترسو القوارب الضيقة في نهاية القناة في حوض “مارينا لايمهاوس” الفاخر؛ حيث تسود المنطقة الأجواء الرومانسية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *