اخبار المغرب

مجلة “النهضة” تتذكّر المفكر محمد سبيلا

بعنوان “الغائب الحاضر” تستمر ذكرى المفكر المغربي محمد سبيلا في أحدث أعداد فصلية النهضة، الذي صدر مزدوجا، ضاما فصلين، وعددين، هما السابع والعشرون والثامن والعشرون.

وفي الذكرى الثانية لرحيل علَم الفلسفة والجامعة المغربية محمد سبيلا، نشرت “مجلة النهضة” أبحاثا في عطائه الفكري لأكاديميين ومثقفين، هم: عبد الإله بلقزيز، ومحمد نور الدين أفاية، ومحمد الشيخ، وعبد الواحد آيت الزين، وصلاح بوسريف.

وكتب محمد نور الدين أفاية أن كثيرا من الدارسين “يركزون على انشغال سبيلا الكبير بمسألة الحداثة، وبما تستدعيه من عقلانية، وتنوير، وحرية، وتنظيم”، وتابع: “هذا صحيح إلى حد كبير؛ غير أن القارئ لكتاباته سينتبه إلى أن ثمة جدلية مؤسّسة تحرك كل اجتهاداته، تتمثل في الإلحاح على أن فهم مسألة الحداثة واستيعابها، عنده، مرتبط، عضويا، بقضية الإيديولوجيا، التي تحضر، بقوة في كل كتاباته”.

هذه القضية خصص لها سبيلا “أطروحته الرئيسية: (الإيديولوجيا؛ نحو نظرة تكاملية)”؛ ولذلك “الرهان الأكبر” عند المفكر الراحل، يتلخص، وفق أفاية، في “الفهم: فهم الذات، والآخر، والزمن، وجاذبيات المكان والثقافة، بكل ما تفترضه عملية الفهم من شك، ومساءلة، وإعادة نظر، وإعادة بناء، ومن انتباه يقِظ لما يقال وما لا يقال، للصريح والمضمر، لمفارقات الكلام، وتبدلات المظهر”.

ويرى الأكاديمي ذاته أن سبيلا “لم يكن يكتفي بسطح الأشياء، وبما تصوغه الكلمات، وما يعلنه الأشخاص، إذ كان يحركه حذر دائم مما يقال وما يكتب؛ ولهذا السبب لم يكتف بالتفسير الماركسي للإيديولوجيا، وإنما ذهب يبحث عن دلالاتها المختلفة في التحليل النفسي وفي البحوث السوسيولوجية والأنثروبولوجية”.

محمد الشيخ دافع من جهته عن كون موقفِ محمد سبيلا رافضا بشكل مزدوج للاستثماريين الإحيائيين، والحدوديين القطائعيين، أي للفريقين في الفكر العربي والمغربي خاصة، اللذين إما يرومان استثمار التراث في النهضة أو التحديث أو الإحياء والبعث، أو المنزع المضاد الذي يرفض فكرة الاستثمار ويشدد على حدودها، ويرى تَعَيُّن “القطيعة” مع التراث.

أما عبد الواحد آيت الزين فيصف حداثة سبيلا بكونها “يقظة عقلية إزاء مختلف صور اليقين والدوغمائية حتى لو تلبست الصور تلك لباس (الحداثة) نفسها، وهي إلى جانب ذلك تحوّط عقلاني ومنهجي دائم تجاه مَكرَين: قوة التقليد أولهما وغواية ما بعد الحداثة ثانيهما”، وبالتالي فالحداثة عنده: “مشروع لا يكتمل أبدا لأنه كل يوم في شأن (ومن ثمة توثُّبه وحيويته)”، وهي “قائمة بالأساس على تملك الحس المنهجي النقدي أولا، والحس التاريخي ثانيا، والحس الإنساني ثالثا”.

من جهته، يؤكد صلاح بوسريف أن محمدا سبيلا كان يؤكد “في مشروعه الحداثي، دون تردُّدٍ، على الحداثة، باعتبارها أفقا وطريقا، وسياقا فكريا لإعادة تفكير التحديث، وتفكير ما يطرحه الواقع من تحديات ورهانات”، والحداثة “بهذا المعنى، ليست ترفا، ولا هي مفهوم نتباهى به لادّعاء انتمائنا إلى العصر، لأن للحداثة شروطا، لعل أهمها، تغيير العقل، وطُرق التفكير، والانتصار للإحداث والابتكار”.

ويزيد بوسريف: “اعتبار التنوير من أسس الإحداث، وما تنعكس به الحداثة، في تمثلها، والانخراط فيها، واقتراح تصوُّراتها، على المؤسسات، وعلى العلائق بين الناس، وما يمكن أن يخلقوه من جوّ من الحرية الفكرية، وحرية الإنسان، في سياق مجتمع عادل يتفادى الجور، والفروق بين الناس في الحقوق، والتأكيد على مبدأ المواطنة، باعتبارها تربية وثقافة، مع إنسان يرى ويسمع ويُفكّر ويكون مشاركا في تدبير الشأن العام، أو صاحب برامج وأفكار، وتوسيع مجال الثقافات والفنون، ودمقرطة الإعلام، وتحرير القضاء من وصاية السُّلَط المختلفة، كونه سلطة فوق السلطة كاملة، لأنه الملجأ الوحيد لإحقاق الحقوق، دون تمييز بالجنس، أو اللون، أو العرق، أو الانتماء الطبقي”.

يُذكر أن العدد الجديد من “النهضة” خصص أيضا ملفا لـ”الدراسات القرآنية في الفكر العربي المعاصر”، وأبحاثا حول مشكلة اللغة في المغرب، والتنمية الترابية انطلاقا من نموذج الريف، ومراجعات نقدية للقراءات التجديدية لليسار، وتفكيرا في المعتقد وحرية المعتقد، وقراءة في كتاب “لو كان الإله ناشطا حقوقيا: نحو لاهوت حقوقي مناهض للهيمنة”.

ومجلة “النهضة” فصلية صادرة من المغرب “فكرية سياسية تعنى بالتأصيل النظري، والتجديد الفكري والرُّؤيوي، لقضايا النهضة، والحداثة، والتقدم، والديمقراطية، والتنمية، والوحدة، والعدالة الاجتماعية، والمواطنة، والتحرر الاجتماعي، والثورة الثقافية وسواها من الأهداف النهضوية؛ وتلتزم خيارا نقديا بناء في تناولها هذه المسائل، على قاعدة تمسكها بقيم الحوار، والمناظرة، والاجتهاد، من أجل بناء إدراك مشترك لتحديات العصر الجديدة”.

المصدر: هسبريس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *