اخبار المغرب

“خيول ورجال” .. فؤاد العروي يروي ملحمة “التبوريدة” في كتاب مرصع بالجمال

قصّة ملحمة مغربية تُوحِّد الإنسان والفرس في تقليد حربيّ احتفالي تاريخي يسمّى بالدارجة “التبوريدة”، وبالفصحى الفروسية المغربية، يحكيها “كتاب جميل” صادر بعنوان “خيولٌ ورجال” خطّ نصوصه بالفرنسية الروائي المغربي الحاصل على جائزة “غونكور” الأدبية البارزة فؤاد العروي.

هذا الكتاب البديع الصادر عن دار النشر (لغات الجنوب)، بتعاون مع الشركة الملكية لتشجيع الفرس، يسرد عبر القصّة والاقتباس والمعلومة التاريخية والصورة والرسم حكاية “فن التبوريدة بالمغرب”، الذي “يجمع مختلف الأعمار، والجهات، والفئات المجتمعية”.

ويقدم “الكتاب الجميل” صورا فوتوغرافية معبّرة عن التبوريدة وحاملي لواء حفظها من مختلف الأعمار، رجالا ونساء، أطفالا وبنات، وتقاليدها في اللباس وما يرافقه من أدوات وزينة.

ويهتم هذا العمل أيضا بالفرس في الفنون والدين والأسطورة وحياة الناس والشعوب، منبها إلى أن طقوس التبوريدة ليست مادية فقط تبدأ بارتداء اللباس والانتظام في “السَّربة”، بل هي روحية أيضا، بالصلاة وقراءة المعوذتين وآية الكرسي.

التبوريدة، وفق الكتاب، حفاظ على تقليد إظهار القوة، والمرونة، والنِّعمة، والاعتياد على حمل السلاح، وتظهر “قيمة النبل” بالمغرب، و”بلاد الإسلام” عامة، المرتبطة بصفات الشخص، لا بلقب فئة ينتقل بالولادة مثل تجربة نظيرتها الأوروبية.

ومن قيم التبوريدة العليا “الكرم”، وأنبل ما فيه “العطاء” و”الوفاء”، استنادا إلى أهمية الأدب والتحلي به في الإسلام، ومنه أدب المقدّم (القائد) عندما يصادف “سربة” تبوريدة أخرى في طريق قيادته “سربته”، رغم المنافسة، متحليا هنا بـ”الشهامة”.

ومن بين ما يقدمه الكتاب أيضا، تاريخ مختصر للأمازيغ، وما رافق علاقتهم بالفرس التي توثّقها نقوش وزخرفات، وتاريخ بعض أنواع الأحصنة الموجودة بالمغرب.

ومع سرد فؤاد العروي قصّته العائلية والشخصية مع التبوريدة منذ الطفولة، يحكي الكتاب قصّة الفرس بالمغرب ومحيطه المغاربي منذ دخول الإسلام، والسلاطين الخيّالة، والأساطير والمعتقدات المرتبطة بالفرس الأصيل.

ويقف القارئ في الكتاب، نصّا وصورا، عند هدوء ما قبل ركوب الفرسان بساحة التبوريدة، وطلقتهم الموحدة التي ينطق فيها البارودُ، أصلُ التسمية، بـ”كل شيء”، والتصميم والتناسق الذي يحيّر ناظره: أ حربٌ هذه أم رقصة؟

ومن بين القضايا التي يثيرها “الكتاب الجميل”، سؤال “الفن” و”الصناعة التقليدية” في التأريخ الغَرْبي للفنون، مع انتصار لمعيار كون “الجمال هو الأهم” مهما كانت كيفية إخراجه للوجود.

ومع استحضار تسجيل التبوريدة في قائمة التراث العالمي للإنسانية لـ”اليونسكو” باسم المغرب، وجهود مهرجانات ومواسم في حفظ هذا الموروث، يذكر الكتاب أن “نقل فنّنا” لا يقتصر على تمريره من جيل إلى آخر، بل يمتدّ أيضا إلى التعريف به بين الأمم، علما أن للفرس بعدا عالميا في الثقافة المغربية والثقافات الكبرى الأخرى للإنسان.

المصدر: هسبريس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *