اخبار المغرب

النظام الجزائري يتجاهل الدعم الفرنسي لإسرائيل ويتشبث بعقيدة العداء للمغرب

استقبل صالح قوجيل، رئيس مجلس الأمة الجزائري، أول أمس الأربعاء، ستيفان روماتي، سفير فرنسا لدى الجزائر، في إطار ما وصفها بيان للمجلس المذكور بـ”زيارة مجاملة”، حيث أكد المسؤول الجزائري للدبلوماسي الفرنسي على “أهمية العمل سويا من أجل تدعيم العلاقات الثنائية بين البلدين، لاسيما في بعدها الإنساني”، لافتا إلى “أهمية معالجة ملف تنقل الأشخاص وإيلاء العناية اللازمة لمسألة التاريخ والذاكرة”.

لقاء المسؤول الجزائري، على غرار لقاءات باقي المسؤولين والسياسيين الجزائريين مع نظرائهم الأجانب، لم يخل من إقحام مُبطن لقضية الوحدة الترابية للمملكة، حيث جدد قوجيل “تشبث بلاده بمواقفها الثابتة تجاه القضايا الإقليمية والدولية، وعلى رأسها دعم حق الشعوب في تقرير مصيرها، والدعوة إلى عالم أكثر إنصافا في إطار الشرعية الدولية، ومن ذلك وقف العدوان الإجرامي الذي يشنه الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة”؛ فيما لم يصدر عنه أي موقف بخصوص الدعم الفرنسي العلني لإسرائيل، رغم دعوة أحمد عطاف، وزير الخارجية الجزائري، إلى “فضح ازدواجية معايير تعامل المجتمع الدولي مع فلسطين”.

ازدواجية ندد بها عطاف، غير أن قوجيل تبناها جملة وتفصيلا، إذ تجاهل الدعم الفرنسي لتل أبيب ليصوب سهامه في اتجاه الرباط وداعميها في الوسط السياسي الفرنسي، إذ أشار إلى ما أسماها “بقايا الاستعمار التي تنشط من خلال منابر إعلامية وجمعوية وسياسية، وتظهر من حين لآخر لعرقلة أي تقارب بين الجزائر وفرنسا”، في إشارة واضحة إلى النخب السياسية الفرنسية التي دعت مؤخرا الرئيس الفرنسي إلى مراجعة علاقاته مع الجزائر وتعزيز تقاربه مع المغرب.

“حقد دفين” وصمت تجاه دعم باريس

جواد القسمي، باحث في العلاقات الدولية والقانون الدولي، قال إن “هذه الزيارة عادية لا تحمل أي أهمية، خصوصا أنها جمعت السفير الفرنسي بالجزائر ورئيس الأمة الجزائري، غير أن فحوى المواضيع المتناولة يعبر عن عمق الهوة بين الجانبين، فرغم الرغبة الجزائرية الملحة في التقارب مع فرنسا إلا أن هناك مجموعة من الملفات الشائكة التي تزعج الجزائر داخليا أمام جمهورها، على غرار ملف الذاكرة والتاريخ بين البلدين، الذي رفعت فيه الجزائر السقف عاليا، مقابل تعنت فرنسي واضح يُفرمل أي تقارب”.

وأضاف القسمي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “الأطراف الجزائرية وفي كل اللقاءات الدبلوماسية لا تترك فرصة إلا وتقحم اسم المغرب وقضية وحدته الترابية، إذ أشار قوجيل إلى ما أسماه الموقف الجزائري الثابت بخصوص حق الشعوب في تقرير مصيرها، في انتقائية مقيتة من الجانب الجزائري تعبر عن ذلك الحقد الدفين الذي يعتصر قلوب النخب المدنية والعسكرية الحاكمة في الجزائر تجاه المملكة”.

في هذا الصدد، أشار المتحدث عينه إلى “اتهامات الجزائر المبطنة للمغرب بالوقوف في وجه أي تقارب جزائري فرنسي، متناسية أن الواقع الجزائري في الكثير من المجالات هو الذي لا يسمح بتطوير علاقاتها مع العديد من الدول التي فضلت تغيير بوصلتها الدبلوماسية والاقتصادية صوب المغرب، إذ باتت مقتنعة بأهمية المملكة ودورها في العديد من المجالات”.

وخلص الباحث ذاته إلى أنه “كان من المفروض في المسؤولين الجزائريين تسجيل موقف جزائري واضح في هذه الزيارة بخصوص الدعم الكبير والمُعلن من طرف فرنسا لإسرائيل، خاصة أن الجزائر هي الدولة التي تدعي دائما أن القضية الفلسطينية قضية مقدسة لديها، وباقي الشعارات المعلنة؛ وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على أن قضية الصحراء المغربية وضرب استقرار المغرب أهم بالنسبة لها من القضية الفلسطينية التي يوظفها النظام الجزائري لأسباب داخلية مرتبطة بتثبيت شرعيته وأسباب خارجية مرتبطة برغبته في استعادة موقعة في الخريطة الإقليمية والعربية”.

استدراك للخيبات وتخوف جزائري

وليد كبير، ناشط سياسي جزائري معارض، قال إن “توقيت استقبال قوجيل للسفير الفرنسي بالجزائر مرتبط بترتيبات تجري حاليا بشأن الزيارة المرتقبة لعبد المجيد تبون إلى باريس”، مسجلا أن “هذا اللقاء يعكس رغبة النظام الحاكم في الجزائر في استدراك ما فاته خلال هرولته نحو المعسكر الشرقي، وبالخصوص روسيا والصين، الذي حصد منه عددا من الخيبات على غرار رفض ملف انضمامه إلى البريكس”.

وأضاف كبير أن “هذا الاستقبال يحمل إشارة إلى فرنسا بوجود رغبة كبيرة لدى النخب السياسية الحاكمة من أجل توطيد علاقات الجزائر معها، خاصة في ظل حاجة النظام المستدامة للدعم الفرنسي”، مشددا في الوقت ذاته على أن “إشارة المسؤول الجزائري إلى تشبث بلاده بمواقفها السياسية تجاه القضايا الإقليمية يحمل هو الآخر رسالة من طرف النظام الجزائري إلى الدولة الفرنسية تعكس تخوفه من تسجيل باريس موقفا متماهيا مع الطرح المغربي في قضية الصحراء، خاصة في ظل تنامي الدعوات السياسية الداخلية التي تحث ماكرون على إعادة مراجعة سياسته تجاه المنطقة المغاربية، والاعتراف بمغربية الصحراء، خاصة في أوساط اليمين الفرنسي”.

وحول الصمت الجزائري تجاه الموقف الفرنسي الداعم لإسرائيل في حربها على قطاع غزة لفت المتحدث عينه، في تصريحه لهسبريس، إلى أنه “يؤكد أن أولويات النظام الحالي تتجسد في استدراك الفرص التي أضاعها مؤخرا إبان مراهنته الخاسرة على الشرق، وبالتالي فهو يريد طمأنة فرنسا في الوقت الحالي ولا يريد إغضابها بهكذا مواقف”، مسجلا أن “تبون هو الآخر يراهن على مهادنة باريس في الوقت الحالي في أفق زيارتها، وبالتالي تبييض صورته وصورة بلاده وحصد إجماع المؤسسة العسكرية على ترشحه لعهدة ثانية”.

المصدر: هسبريس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *